قال شيخ قرّاء الشام، الشيخ كريّم راجح في كلمة مسجلة له بعنوان: "مؤتمر الشيشان.. تفريقٌ وخذلان" رداً على مؤتمر "العلماء" الذي عقد في العاصمة الشيشانية غروزني: "أهل السنة براء من مؤتمر الشيشان، ومن شاركوا فيه لا يمثلون الإسلام، بل يمثلون بوتين والشيطان".
وشدّد الشيخ كريّم أنَّ هذا المؤتمر مدعوم من روسيا ورئيسها الذي وصفه بـ"قاتل أطفال سوريا". كما وصف الحضور بأنَّه "لا يرى فيهم عالماً". وأنَّهم حضروا المؤتمر من أجل دريهمات يأخذونها. مضيفاً: "إنَّ الله يغضب من هذا العمل الذي تعملونه".
وأضاف شيخ قرّاء الشام في كلمته بأنَّ الذين حضروا المؤتمر هاجموا الأئمة الأربعة "ابن حنبل والشافعي ومالك والحنفية"، والصَّحابة من أجل إرضاء بوتين وبشار، على حدّ وصفه.
وتساءل الدكتور سلمان بن فهد العودة في تغريدة له عن الأهداف التي خلص إليها المؤتمرون الذي تنادوا لتعريف أهل السنة والجماعة، فقال: "اتّباع السنة ولزوم الجماعة يوجب تأليف القلوب وتسكين النفوس وجمع الكلمة ووحدة الصف ونصرة المظلوم". مخاطباً الحضور بقوله: "فأين أنتم من هذا؟!".
كما تساءل الدكتور سعد البريك بقوله: هل تجرّأ هذا المؤتمر أن يخاطب "بوتين" بوقف قصف الطيران الروسي على أهل السنّة في سوريا، أم أنَّ الذين تحت الأنقاض ليسوا من السنّة. وأضاف بالقول: "اتفق المختلفون أنَّ هذا المؤتمر حلقة في سلسلة مؤامرة تدور على أهل السنة والجماعة".
ووصف الأستاذ الدكتور ناصر العمر المؤتمر بقوله: "مؤتمر الشيشان طعنة في عقيدة الأمَّة ومنهجها، ودعم لألد أعدائها في أصعب محنة تمرّ بها، وهكذا كان قادة الخرافيين معبرًا للأعداء على مرِّ التاريخ!".
ومن جانبه، أوضح د. حاكم المطيري، الأمين العام لمؤتمر الأمة في الكويت، أنَّ "ادّعاء أنَّ مؤتمر الشيشان تحت رعاية روسيا يمثل 90% من الأمَّة وأهل السنة كذب سخيف، فالحضور لا يمثلون إلا أنفسهم وطغاتهم".
تشويه وإقصاء
قال الداعية السعودي، الدكتور عوض القرني: إنَّ هذا المؤتمر "هو حلقة في سلسلة طويلة من الخطوات تكيف في كل بلد أو حدث بما يناسبه ويصلح له وينسجم مع معطياته الدينية والمذهبية والفكرية والسياسية لتسهم هذه الأحداث والأعمال في النهاية في تحقيق أهداف محددة ومخطط لها بدقة متناهية وإن اختلفت أزمنتها وتباعدت أمكنتها وتباينت الجهات المنفذة لها".
"تمزيق المسلمين وإشعال نار العداوات بينهم بأي صورة وعلى أي مستوى وفتح مزيد من جبهات الصراع بينهم". د. عوض القرني
وأضاف بالقول فيما مقال له بعنوان: "مؤتمر الشيشان محاولة للفهم": "وتتمثل تلك الأهداف في عدَّة أمور من أهمها:
١- تمزيق المسلمين وإشعال نار العداوات بينهم بأي صورة وعلى أي مستوى، وفتح مزيد من جبهات الصراع بينهم.
٢- تشويه صورة الإسلام السني النقي من البدعة والواعي السليم من الغفلة والفوضى والحر النابذ للتبعية لقوى الشر.
٣- إقصاء وإبعاد ومحاصرة وإسكات وتشويه العلماء والتيارات التي لا يمكن دمجها في هذا المشروع الشيطاني والتي تستعصي على التدجين والتهجين والتوظيف والانصياع، وقد يستخدم بعضهم ضد بعض، فإذا أدوا ذلك بنجاح التفت إليهم المخطط الرئيسي فألحقهم بسابقيهم.
تخبّط في التصوّر والتصديق
أكَّد الشيخ عبد القادر الخطيب، الداعية والباحث السوري، أنَّ ما سمّي بمؤتمر العلماء الذي عقد تحت الوصاية الروسية في الشيشان لتعريف أهل السنة والجماعة، كشف مدى الجهل العلمي والتخبط المنهجي لدى المؤتمرين في التصوّر والتصديق كليهما قبل العمالة السياسية والتبعية الرخيصة للطغاة والمستبدين ومن يقف معهم من كفرة العالم وملاحدته.
"مؤتمر العلماء الذي عقد تحت الوصاية الروسية في الشيشان لتعريف أهل السنة والجماعة، كشف مدى الجهل العلمي والتخبط المنهجي لدى المؤتمرين في التصوّر والتصديق كليهما". الشيخ عبد القادر الخطيب
وقال في مقال له بعنوان "مؤتمر الأغرار": "فالمنهج الصَّحيح لمن يريد أن يتعرف على أهل السنة والجماعة لا يكون بتسمية مذهب من المذاهب العقدية بعينه أو إمام من الأئمة المتبوعين بخصوصه.. كأن نقول: أهل السنة هم الأشاعرة والماتريدية وأتباع المذاهب الأربعة الفقهية وأتباع طريقة الجنيد من الصوفية!! كما قرّر المؤتمرون بصيغة الحصر".
وأوضح: "بل يكون بأن تكتشف علامات مذهب السنة والجماعة وخصائصه وأركانه التي لابد منها لكل من تسمّى بهذا الاسم واندرج تحته.. ويقام الدليل عليها وعلى كونها ركناً لابد منه وما معنى كونها من منهج أهل السنة والجماعة.. لنعلم من بعد العلم بالمنهج وعلاماته من هم أهل المنهج والسائرون عليه.. وما هي المسائل التي يجوز الخلاف فيها ضمن المنهج والمسائل التي لا يجوز الاختلاف فيها".
يعالج قضية لا حاجة لنا بها
بدوره، أبدى الدكتور المصري وصفي عاشور أبو زيد، أستاذ مقاصد الشريعة الإسلامية، استغرابه من عقد مثل هذا المؤتمر في هذا الوقت، فلا مدارس العقيدة موجودة، ولا لها أثر في علاج واقع الأمَّة، بل إنَّ ذلك يزيدها تمزقًا وتشتتًا، ويؤدي إلى أن تنتفض بعض البلاد للرد على هذا الفريق، لا سيّما بعد استبعاد أهل الحديث من أهل السنة، على حدّ تعبيره.
"هذا المؤتمر يأتي في وقت مريب، ويعالج قضية لا حاجة لنا بها، وفي مكان مريب، لا يمكن أبدًا أن يُظن به خير أبدًا". د.وصفي أبو زيد
وأكَّد أبو زيد أنَّ: "هذا المؤتمر كلّه من علماء السلطة، وعملاء الشرطة، من أمثال: حسون وعلي جمعة وعلي الجفري وغيرهم، وقد حصروا أهل السنة في الأشاعرة والماتريدية وأهل المذاهب الأربعة والصوفية، وهو تعصّب لا يخفى، وفي قضية تراثية تاريخية ماتت ومات أهلها، ولم يعد لها أي تأثير أو أثر في قضايا أمتنا وواقعنا المعاصر".
واستهجن أبو زيد عقد المؤتمر في رحاب روسيا الاتحادية، التي تعيث في الأرض فسادًا، وتقتل المسلمين في سوريا وغيرها. وقال: "إنَّ هذا المؤتمر يأتي في وقت مريب، ويعالج قضية لا حاجة لنا بها، وفي مكان مريب، لا يمكن أبدًا أن يُظن به خير أبدًا، ولن يترتب عليه مصلحة في سبيل وحدة الأمَّة أو نهضتها، وإنما يأتي لصالح تمزيق الأمة، وتكريس الاستقطاب العقدي والفكري فيها".
حسن التعامل مع الاختلاف
وبحسب الداعية الليبي، سالم الشيخي، فإنَّ حسن التعامل مع الاختلاف القائم بين الأشاعرة والماتريدية من جهة والحنابلة من جهة أخرى، حول إثبات الصفات الإلهية وتأويلها، يمكن أن يفضي إلى محاصرة مظاهر الاختلاف، وتقليل مفاسده وشروره.
"اجتهادات الأشاعرة والماتريدية والحنابلة لا تُخرج أصحابها من أهل السنة والجماعة، لأن ذلك المسمّى يرتبط بالأصول الكلية الكبرى الثابتة". د. سالم الشيخي
وأضاف الشيخي: "إنَّ ذلك الاختلاف هو من جنس اختلاف الصحابة رضي الله عنهم، في رؤية النبيّ عليه الصّلاة والسّلام لربّه ليلة المعراج، واختلافهم في تعذيب الميت ببكاء أهله عليه"، وهو من الاختلاف السائغ في فروع الاعتقاد.
ويخلص الشيخي إلى أنَّ اجتهادات الأشاعرة والماتريدية والحنابلة لا تُخرج أصحابها من أهل السنة والجماعة، لأن ذلك المسمّى يرتبط بالأصول الكلية الكبرى الثابتة بالكتاب والسنة والإجماع، فالاجتماع على تلك الأصول مع التمسك بآداب وفقه الاختلاف تبقي الجميع داخل إطار أهل السنة والجماعة.
يذكر أنَّ المؤتمر عقد في 25 من الشهر الجاري (أغسطس/ آب)، واستمر ثلاثة أيام، تحت عنوان: "مَن هُم أهلُ السُّنَّة والجَماعة، بيانٌ وتوصيفٌ لمنهجِ أهل السُّنَّة والجَماعة اعتقادًا وفِقهًا وسلوكًا، وأثَر الانحرافِ عنه على الواقِع"، برعاية رئيس جمهورية الشيشان رمضان أحمد قديروف، وحضور أكثر من مئتي شخص من أنحاء العالم.
معلومات الموضوع
مراجع ومصادر
- ساسة بوست، وعربي 21