عيد الأضحى وتعزيز روح التكافل والمودة بين المسلمين

الرئيسية » تحقيقات وحوارات خاصة » عيد الأضحى وتعزيز روح التكافل والمودة بين المسلمين

ربط الإسلام أعياد المسلمين بتقوية العلاقة وإبراز روح التكافل والتعاون بين أفراده؛ لبناءِ مجتمعٍ أخلاقيٍّ متقاربٍ ومتحابٍّ ومتعاونٍ على الخير وفعل المعروف، لذا فان التصدق والإهداء من لحم الأضحية بعد صلاة عيد الأضحى المبارك، دليل واضح على حرص شريعتنا الغرّاء على تحقيق وترسيخ هذه المعاني في أذهان المسلمين.

ولعل العديد من الآيات القرآنية دلت على هذه المعاني وحثت عليها قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة:2]، وقال تعالى: {لاَ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [النّساء:114].

وقيمة التّكافل بين النّاس وخُلُقَ إغاثة المَلْهُوف من الأمور الّتي لا يقوم المجتمع المسلم إلاّ بها، يقول الشيخ الداعية رامز العرقان لـ"بصائر" في هذا الجانب: "إن التشريع الإسلاميُّ سلك طرقاً ووسائل عديدة لتشجيع المسلمين على التمسُّك بالتكافل والتآلف بين الناس وترسيخ هذا المعنى في أذهانهم".

ومن هذه الوسائل -كما يشير العرقان- ربط الإنفاق في سبيل الله بأعياد المسلمين، وذلك في عيدي الفطر والأضحى.

الشيخ رامز العرقان: "يأتي الحثّ على الإنفاق في هذه الأعياد كنوع من الشُّكر على أداء هذه العبادات العظيمة، خاصة أنّ نفوس المسلمين تكون قد هُذِّبت في هذه الأيّام الفاضلة، فيسهل عليها الإنفاق والعطاء"
الشيخ رامز العرقان: "يأتي الحثّ على الإنفاق في هذه الأعياد كنوع من الشُّكر على أداء هذه العبادات العظيمة، خاصة أنّ نفوس المسلمين تكون قد هُذِّبت في هذه الأيّام الفاضلة، فيسهل عليها الإنفاق والعطاء"

وأضاف: "يأتي الحثّ على الإنفاق في هذه الأعياد كنوع من الشُّكر على أداء هذه العبادات العظيمة، خاصة أنّ نفوس المسلمين تكون قد هُذِّبت في هذه الأيّام الفاضلة، فيسهل عليها الإنفاق والعطاء".

وعيد الأضحى في موسم الحج مظهر من مظاهر التجديد في حياة الأمة وتجديد للإيمان والعقيدة والتآلف في نفوس أبنائها، وحجاج بيت الله ما قصدوا البيت الحرام إلا توحيداً لله واستجابة لنداء الخليل إبراهيم عليه السلام عندما أمره ربه بأن يؤذن في الناس قال تعالى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} [الحج:27].

وصيام يوم عرفة ووقوف الحجاج فيه مظهر من مظاهر تجديد التآلف والإيمان والوفاء بالعهد والميثاق الذي أخذه الله على كل إنسان بأن يعبده ولا يشرك به شيئاً.

وتُعَدُّ الأضاحي إحدى موارد التكافل الاجتماعي في عيد الأضحى؛ حيث يتمُّ التوزيع منها على الفقراء والمساكين، والتوسعة عليهم وإدخال السرور على قلوبهم بإطعامهم من لحومها في يوم العيد.

وأضاف العرقان: "من عظمة الشريعة الإسلامية أنها حثَّت على الأضحية في هذا اليوم، فهذا يوم عيد لدى المسلمين، ولا يجب أن يَشعر الفقير فيه بالحاجة والعَوَز؛ لذلك كان توزيعها يحمل في جوهره تكافلاً تفيد منه الجماعة ماديًّا وخُلُقيًّا".

الأضحية تمثِّل رافدًا قويًّا من روافد التكافل الاجتماعي، وتَزيد من أواصر التقارب والتآلف بين أفراد المجتمع المسلم

وتابع لـ"بصائر": الأضحية تمثِّل رافدًا قويًّا من روافد التكافل الاجتماعي، وتَزيد من أواصر التقارب والتآلف بين أفراد المجتمع المسلم.

والإسلام حسب العرقان لم يسن الأضحية ليشبع أصحاب الأضحية من اللحم، ولكن ليشبع الفقراء من اللحم الذي ربما لا يذوقونه طوال أيام السنة.

تأثير إيجابي على المجتمع

ويوضح العرقان أن العيد فرصة نفسية كبيرة ومدخل اجتماعي لكسر ما سببته شواغل الحياة عن القيام بواجب صلة الأرحام والتواصل مع أولي القربى وزيارة الأقارب وصلة الأرحام مع الفقراء، وهي سبب لدخول الجنة وحصول الرحمة. قال صلى الله وعليه وسلم: "من أحب أن يُبسط له في رزقه ويُنسأ له في أثره، فليصلْ رحمه" (رواه البخاري). وللزيارات والرحلات العائلية في العيد شعور له مذاق خاص.

وفي العيد تتجلى السلوكيات الطيبة والأخلاق الحميدة فيسارع الناس إلى تبادل التهاني ويتصالح المتخاصمون، وتنعقد مجالس الحب والتراحم والمودة، وتزول الأحقاد من النفوس فتتجدّد العلاقات الإنسانية، وتقوى الروابط الاجتماعية وتنمو القيم الأخلاقية، وتعلو قيمة التآخي والتعاون والبذل والعطاء والجود والكرم والتراحم والتعاطف.

فضل أبو هين: العيد مناسبة رباط اجتماعي وثيق، وجامعة لأفراد المجتمع، في الصلاة والمعايدة وتبادل التهاني
فضل أبو هين: العيد مناسبة رباط اجتماعي وثيق، وجامعة لأفراد المجتمع، في الصلاة والمعايدة وتبادل التهاني

من جانبه قال فضل أبو هين رئيس قسم علم النفس بجامعة الأقصى بغزة والمختص الاجتماعي إن العيد هو عبارة عن مناسبة اجتماعية سنوية لها تأثيرها الإيجابي على المجتمع ككل. فهي عادةً ما تكون مناسبة رباط اجتماعي وثيق، و”جامعة” لأفراد المجتمع، في الصلاة والمعايدة وتبادل التهاني.

وبيّن لـ"بصائر" أن التواصل هو من أبرز سمات العيد، فهو لا يقتصر على أفراد العائلة الصغيرة، وإنما يتجاوزهم إلى أفراد المجتمع جميعاً، فلا يقف اثنان إلا ويتبادلان التهاني، وهذا يسهم في بناء مجتمع متواد ومتراحم ومتواصل.

كما أن لعيد الأضحى سماته في التواصل مع الفقراء والمحتاجين، والشعور بمعاناتهم، بحسب أبو هين، وقد يتجسد ذلك من خلال إرسال لحوم الأضاحي إليهم، أو معايدتهم بشكل نقدي، أو إرسال الملابس لأطفالهم لكي يفرحوا كباقي الأطفال.

بالإضافة إلى ذلك في مناسبات الأعياد وما يرافقها من أيام “عطلة” فرصة للراحة من العمل، واجتماع العائلة في مناسبات وزيارات ترفيهية ورحلات عائلية، وينعكس ذلك إيجابياً على نفسية الجميع وأدائهم في الحياة الاجتماعية والعملية على السواء كما يقول أبو هين.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
صحفي فلسطيني مقيم في قطاع غزة، حاصل على درجة البكالوريوس في الصحافة والإعلام من الجامعة الإسلامية بغزة عام 2000، عمل في العديد من الصحف والإذاعات والمواقع الإلكترونية العربية والدولية أبرزها: العودة اللندنية، العرب اللندنية، القدس الفلسطينية، موقع إخوان أون لاين. وله العديد من المقالات في مجالات متنوعة، يعمل حاليا مديرًا لموقع الرسالة نت الفلسطيني بغزة وكاتب في موقع " بصائر " الالكتروني.

شاهد أيضاً

طفلي بلغ السابعة.. كيف أبدأ بتعويده على أداء “الصلاة” ؟

مما ينعش قلب الأبوين أن يقف إلى جوارهما طفلهما الصغير في سنوات عمره الأولى وهو …