الصداقة.. كيف نحافظ على ديمومتها؟

الرئيسية » خواطر تربوية » الصداقة.. كيف نحافظ على ديمومتها؟
friendship26

منذ أن كنّا صغاراً ومصطلح (الصديق) يرافقنا دوماً، وترانا نطمح لمزيدٍ من الأصدقاء، ونأمل أن تمتد صداقتنا على طول الزمان، ولا نفترق، بل نعيش أجمل اللحظات، ونسجلها ولا ننساها، مهما طال الزمان.

ربما بدأت علاقاتنا مع الأقارب والجيران، ثم أخذت تتسع الدائرة، للمدرسة ثم الجامعة، ثم مكان العمل، وأصبحنا ندرك شيئاً فشيئاً مفهوم الصداقة، وكبر هذا المفهوم معنا، وأصبحنا نشعر بأننا إخوة مختلفون بأسمائنا فقط. فما أجملها من لحظاتٍ كانت، وما أروعها من أيامٍ مضت.

وها نحن قد كبرنا وتخرجنا، وتفرقنا بحكم ظروف الحياة، فلكلٍ منا طريق، وهنــا تغيّر الجميع، فالأحوال تغيرت، والأوقات تقلصت، والمبادئ اختلفت، والأفكار تعارضت، فلا صديق ولا رفيق، بل تشتيت وتفريق، فلا نحن لأخبارنا نتداول، ولا لمشاعرنا نتبادل، ولا بمشاكلنا نتشاور، غلبنا الشيطان، ففرّقنا وكسر شوكتنا، لأسباب بسيطة، أنستنا تلك الأيام الجميلة، التي كان فيها الصديق للروح دواء، وللقلب أنس وصفاء، فالصداقة نعمةٌ عظيمة، وهبةٌ ثمينة، لا يحفظها إلا من يستحقها فعلاً .

معنى الصّديق

كلمة الصّديق مشتقّة من الصّدق، وهذا إن دلّ على شيء، فإنما يدلّ على صدق العلاقة، واتصافها بالإخلاص واللّباقة

كلمة الصّديق مشتقّة من الصّدق، وهذا إن دلّ على شيء، فإنما يدلّ على صدق العلاقة، واتصافها بالإخلاص واللّباقة، فهي وقفةٌ مع الصديق، في فرحٍ أو ترحٍ، وهي بذلٌ وعطاء، وإن حصل أيّ سوء فهم أو تقصير، فلا بد من التفهم والمصارحة، والسعي دوماً لالتماس الأعذار وتقبلها؛ لتبقى المحبة والمودة في القلوب.

ومن سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم نتعظ ونعتبر ونقتدي، فها هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وقف مع رسول الله في دعوته وسانده ونصره، في كثير من المواقف الصعبة، التي تلزم شجاعةً وصبراً، فكان نِعم المضحّي والمساند، ونعم الصاحب والمرافق، وكفاه فخراً قول رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه: "لو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكرٍ خليلاً، ولكن أخي وصاحبي" (رواه مسلم).

لماذا يختلفون؟!

من أهم الأسباب المؤدية للخلاف بين الأصدقاء، سوء الفهم، وتفسير الأمور والمواقف وتحليلها، كلٌ كما يشاء ويختار

ربما من أهم الأسباب المؤدية للخلاف بين الأصدقاء، سوء الفهم، وتفسير الأمور والمواقف وتحليلها، كلٌ كما يشاء ويختار، ثم تحصل القطيعة بينهم، بدون أن يوفر أحدهما للآخر أية فرصة للكلام والدفاع، والشرح الصحيح، أو حتى للاعتذار، فلا يقبل من أحدهم قولاً أو فعلاً أو أي عذر.

بالإضافة، لسبب نشهده هذه الأيام، وهو الاختلاف في الآراء والأفكار والمبادئ، فهذا أمر طبيعي ولكن من يقدّس فكرته –الاجتهادية- ويلغي الأفكار والمبادئ الأخرى –رغم صحتها- سيُنهي الصداقة، ويبيدها بحجة التغير والتبدل إلى الأسوء، وينسيه ذلك أنهم أصحاب دعوةٍ، وهدفٍ واحد، حتى لو اختلفت الطريقة!!

كيف نحفظ صداقتنـــا

إن من المهم أن نعلم جميعاً أن البعد المكاني لم يعد سبباً للاختلاف أو الفرقة، وذلك بفضل وسائل الاتصال  المختلفة ، التي أصبحت بِيد كلٍ منا، فالاتصال مستمر، حتى لو افترقت الأجساد.

وحتى نحافظ على صداقتنا وعلاقتنا مع بعضنا، يلزمنا اتباع قواعد معينة، وهي كالتالي:

1) ما كان لله فهو مستمر، إلى أجل غير مسمى، فإن أنت صدقت في حبك وعلاقتك بأصدقائك، وأخلصت في ذلك، فكانت علاقة لله ومن أجل الله، فاعلم أنها مستمرةٌ وباقيةٌ مع الزمن.

2) الدعاء للصديق بظهر الغيب، يُروى أن أبا حمدون الطيب –أحد القراء المشهورين- كانت له صحيفة بها ثلاثمئة اسم من أصدقائه، يدعو لهم كل ليلة، وفي ليلة من الليالي تركهم ونام، فجاءه في المنام من يقول: (يا أبا حمدون لم لم تسرج مصابيحك الليلة؟)، فقام وأخذ الصحيفة ودعا لواحدٍ واحد حتى فرغ. فلنجتهد في إضاءة مصابيحنا، والدعاء لمن أحببنا، وأحببناه.

3) عدم التقصير في أي واجبٍ يقوّي من الصداقة، والسعي قدر الإمكان على التواجد دوماً قرب الصديق في السرّاء والضرّاء.

لابد أن يكون الفرد إيجابياً إن حصل أي خلاف، فيبادر بحلّه وتسوية أموره، والمصارحة مع صديقه، ومواجهته، ولا يبقي للحقد مكاناً بينهما

4) الإيجابية: بمعنى أن يكون الفرد إيجابياً إن حصل أي خلاف، فيبادر بحلّه وتسوية أموره، والمصارحة مع صديقه، ومواجهته، ولا يبقي للحقد مكاناً بينهما، حتى ترجع النفوس صافية مستقرة.

5) لا بأس إن اختلفت الآراء والأفكار مع الزمن، فلا يعني ذلك أنه ضلّ وأصبح منبوذاً، إنما هي وجهات نظر، وتفكير خاص، طالما أنه لا يعتبر معصية أو يُخرج من الملّة.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتبة في موقع بصائر الإلكتروني، حاصلة على درجة البكالوريوس في تخصص الدعوة والإعلام الإسلامي/ الدراسات الإسلامية.

شاهد أيضاً

مسؤولية التعلم ولو في غياب “شخص” معلم

ربما من أوائل ما يتبادر إلى الذهن عند الحديث عن العلاقة بين المعلم والمتعلم، قصيدة …