قال المرجفون لأجدادنا "إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم". فقال أجدادنا: حسبنا الله ونعم الوكيل. فكانت النتيجة "انقلبوا بفضل من الله ونعمة لم يمسسهم سوء"...
قلنا: مسلسل الجمع والحشد لهذه الأمة مسلسل قديم جديد.. مازالت حلقاته تتابع، وخططه تتوارث، وبرامجه تتواصل.
فقد جمعوا لنا في الأحزاب فانقلبوا صاغرين.. وجمعوا لنا في الحروب الصليبية فاندحروا مقهورين.. وجمعوا لنا في بغداد التاريخ والحضارة فخابوا خاسرين.. فهذا هو قدر هذه الأمة أن تجمع لها الجموع وتجيش لها الجيوش..
ولقد قال التاريخ كلمته الفصل التي غدت حقيقة ثابتة لا يمارى بها ولا يشك فيها أحد ولا يختلف فيها اثنان. إن هذه الأمة قد تترنح تحت الضربات وقد تهزم حيناً أمام هذه الحشود الجرارة غير أنها أبداً لا تموت.
ولن تموت تحت حراب البغي والعدوان، قد تهدم البيوت، وتدك المدن.. وتحطم الممتلكات وربما يموت الآلاف من أبنائها وشيوخها ونسائها وأطفالها وجنودها، غير أن هذا كله لن يصيب منها مقتلاً، ولن يسكت لها صوتاً، أو يجعل منها أثراً بعد عين ..
غير هذه الأمة يمكن أن يكون أثراً بعد عين، أو ربما لا يترك له أثر على الإطلاق، لكن هذه الأمة سرعان ما تجمع أشتاتها وتلملم أنفاسها، وتمسح أحزانها وتداوي جراحها، وتكتم آهاتها كي تنطلق من جديد نحو الشمس بعزة وشموخ وأنفة وكبرياء.
هذه الأمة تجعل من المستحيل ممكناً، وتتخذ من الصعب مركباً إن لم تجد سلاحاً.. جعلت من الحجر سلاحاً فتاكاً، ومن الأجساد العارية دبابات ومدرعات
هذه الأمة تجعل من المستحيل ممكناً، وتتخذ من الصعب مركباً إن لم تجد سلاحاً.. جعلت من الحجر سلاحاً فتاكاً، ومن الأجساد العارية دبابات ومدرعات، ومن الأيدي الغضة الطرية قاذفات وراجمات للدفاع عن نفسها..
هذا ظننا بهذه الأمة، التي صاغ القرآن كيانها، وأشاد الرسول الكريم –صلى الله عليه وسلم– بنيانها.. وهذا يقيننا بالله الذي نصر عبده وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده ورد كيد الطامعين المعتدين إلى نحورهم.
هذه الأمة لن يقوى على الإطاحة بها "الطاغوت الصغير جداً" بعد أن ثبت عجز أسلافه الذين سبقوه، من صليبيين وحاقدين على مدار التاريخ، فإذا استطاع " الطاغوت" أن يشتري بدولاراته بعض النفوس الضعيفة، أو يسلب عقول التافهين أو يقهر ذوي العزائم الخائرة من أبنائها "الساقطين"، أو يصطف خلفه طابور الجبناء الذين احتقروا نفوسهم، وهانت عليهم أعراضهم، وذرات تراب أوطانهم..
إلا أن التاريخ قال كلمته.. التي لم يلتفت إليها الصغار جداً، الذين هم على شاكلة هذا "الطاغوت".. الذي لم يقف على حقائق التاريخ أيضاً حتى يعلم أن هذه الأمة ليست لقمة سائغة، ولا مرمى سهلاً، ما كانت يوماً كذلك في مجموع أبنائها.
ولن تكون وإذا غرك الذين اتخذوك وبيتك الأسود قبلة، فلتعلم أن هؤلاء ليسوا منا، ولسنا منهم في شيء. هؤلاء أبناء عاقون، ينتسبون إلى أب عاق، رجمه الأجداد بالحجارة، واتخذوا من قبره مزبلة، يلقون بها مخلفاتهم، إنه (أبو ريغال) الذي امتطاه جدك الغازي يوماً من الأيام.. (أبره الأشرم) فاتخذه دليلاً ذليلاً لهدم مسجدنا ..
فمصير هؤلاء لن يكون أحسن حالاً من مصير أبيهم (أبو ريغال) ومصيرك وجندك.. سيكون أسوأ بكثير من مصير جدك (أبره الأشرم) فهنيئاً لك.. وللخائنين هذا المصير !!
معلومات الموضوع
مراجع ومصادر
- مدونات الجزيرة