أول ما علم الله آدم الأسماء كلها، وأول ما خاطب الله به نبيه محمد لفظة اقرأ، وكان البشر بحاجة ماسة للغة تواصل بينهم ليديروا مصالحهم ويكتشفوا الطبيعة التي خلقها الله، لذلك تعتبر اللغات هي الاختراع الأهم في التاريخ الإنساني إذ شكلت مفتاحاً أساسياً لتواصل البشر فيما بينهم، وتبادل الأفكار والمعارف والمشاعر، ولولا اللغات لما استطعنا الوصول إلى هذه الحداثة والعلوم غاية الدقة والتقانة، لأنها تناقلت تواتراً وبلغات مختلفة حتى وصلت لما هي عليه الآن.
وكثير ما يخطر هذا السؤال ببالي لماذا نبحث عن لغة ثانية في حياتنا؟ وهل يمكن عبور الحضارات والثقافات والمجتمعات القائمة بلغة واحدة؟ وهل تكفي الأعمال المترجمة من الثقافات الأخرى لنمتلك المعلومات الدقيقة أولاً، وروابط الاتصال مع الآخرين ثانياً؟
علينا أولاً الوقوف على أهم الفوائد التي سنجنيها من تعلم لغة ثانية:-
• في تصنيف اللغات تحتل الصينية اللغة الأكثر عدداً من حيث الناطقين، لكن الإنجليزية هي اللغة الأكثر انتشاراً على مستوى العالم، وتتصدر الإنجليزية قائمة الأبحاث العلمية تأتي خلفها مباشرة اللغة الأسبانية كأقوى ثاني لغة علم، ومن أراد الحصول على كمية أكبر من المراجع والأبحاث العلمية عليه الوصول للغة ثانية .
• تعطيك اللغة الثانية مفتاحاً جديداً للعبور لشعب وثقافة جديدة، لتفهم جزء من الآخر، وتتسع معه تجربتك في الحياة، ومداركك المعرفية والحكيمة.
إن اللغة الثانية ستفتح أمامك كثيراً من أبواب كانت مغلقة للحصول على فرصة عمل أفضل، وتمنحك مكاناً للعيش والإقامة أفضل، فكثير من الوظائف اليوم تحتاج للغة ثانية وثالثة على غرار لغة الأم
• إن اللغة الثانية ستفتح أمامك كثيراً من أبواب كانت مغلقة للحصول على فرصة عمل أفضل، و تمنحك مكاناً للعيش والإقامة أفضل، فكثير من الوظائف اليوم تحتاج للغة ثانية وثالثة على غرار لغة الأم، لأنه عصر "العالم المفتوح".
• مفتاح العبور لهذا العالم بالفرص والثقافات يعتمد على رصيد الشخص من العلاقات، وتكوين العلاقات يعتمد على إتقان لغات أخرى غير اللغة الأم، مثلاً إن كان هناك مدرب محترف يقدم دورة لعدد من الأشخاص باللغة الإنجليزية، فإن أصحاب الحظ الوافر هم من يعرفون هذه اللغة قراءة وكتابة لنسج علاقة مع المدرب، أما البقية فينتظرون المترجم.
• معرفتك للغة ثانية ستؤثر بشكل واضح على طرحك وآرائك واستشاراتك، لتصبح معها أكثر اتساعاً ومرونة وقبولاً ، وبرؤية تستوعب عدداً أكبر من الأشخاص.
• تساعدك على التحليل بشكل أكبر واتخاذ القرار بشكل أكثر واقعية خصوصاً للعاملين في الدعوة والأحزاب السياسية، فالمعرفة بلغة أو لغات أخرى، تساعد على قراءة التحليل السياسي والاقتصادي والرؤية الاستراتيجية للمشهد الراهن، والاطلاع على العديد من السيناريوهات المقترحة، مما يزيد من الأفق والمدارك، ويساعد على اتخاذ قرار أفضل، ويزداد الأمر إلحاحاً إذا كانت لغة خاصة بالعدو كاللغة العبرية على سبيل المثال.
ولكن كيف لنا أن نتعلم لغة ثانية؟! إليك هذه النصائح:
عليك أولاً بالاستماع كثيراً لأصحاب اللغة الثانية ومجتمعها الأصلي، فالأذن مفتاح اللغة، وذلك من خلال قنوات التلفزيون أو نشرات الأخبار والمحاضرات الثقافية وغيرها
• تعلمك للغة ثانية يشبه تماماً تعلم الطفل للغة الأولى، كم من الوقت يحتاجه الطفل حتى يبدأ الكلام، ويرد على التساؤلات، ويفهم ما يقال له؟ هو نفس الشيء، فعليك أولاً بالاستماع كثيراً لأصحاب اللغة الثانية ومجتمعها الأصلي فالأذن مفتاح اللغة، من خلال قنوات التلفزيون أو نشرات الأخبار والمحاضرات الثقافية كذلك الأفلام الوثائقية والسينما، تابع ذلك لساعة يومياً وسترى الفرق.
• إن أصبحت تعرف ما تسمع ليس بالضرورة أن تعرف الكتابة أو المحادثة، لذلك أكتب ما تسمع.. حاول ببطئ أن تكتب بعض الجمل التي تسمعها، ارتكابك للخطأ مشابه تماماً للطفل الذي يتعلم الكتابة ليوائم بين الأذن واليد، ستخطئ لكنك ستتعلم، وستعرف تركيب الجمل وتكوينها، وأي الكلمات أكثر جمالاً واستدلالاً.
• ابدأ بنسج علاقات جديدة في اللغة لتطور الحاسة الثالثة وهي المحادثة بعد الاستماع والكتابة، وتحدث معهم.
• هناك مصطلحات كثيرة بالدارجة عليك تعلمها ولا يمكن ترجمتها ترجمة حرفية ، فتختلف المصطلحات الأمريكية عن البريطانية في اللغة الإنجليزية مثلا.
• عليك إيجاد شريك يساعدك في تعلم اللغة، وبعض الأصدقاء تتحدث معهم بلغتك الجديدة، والتنافس هنا صحي.
• اعلم أن تعلم اللغة لا يقترن بمرحلة عمرية معينة، والممارسة هي عنوان الاندماج، ومخالطة الناس من أصحاب اللغة هو الفيصل في التعلم السريع.
ختاماً.. أرى في كثير من الوظائف قد كتبوا في شروطها على المتقدم أن يعرف لغتين على الأقل بالإضافة إلى اللغة الأم، وأرى كثيراً من المتميزين والمثقفين الذين يطرحون أفكاراً جديدة يتكلمون لغتين على الأقل، لذلك الفرصة أمامك فابدأ.