ينمو الطفل ويتكلم من خلال اللعب، فاللعب وسيط تربوي يعمل على تشكيل شخصية الطفل بأبعادها المختلفة: المعرفية، والجسمية، والحركية، والنفسية، والانفعالية، والاجتماعية، بسبب التغييرات التي يحدثها في التكوين العقلي، والنفسي، والجسمي للطفل، فتؤثر في مجمل سلوكه التحصيلي، وتطوّره في المراحل النمائية المتعاقبة.
وقد جاء في اتفاقية حقوق الطفل الصادرة عن الأمم المتحدة أن لكل طفل الحق في اللعب والترفيه، وأن من واجب المجتمع وجميع المعنيين بالطفل أن يعملوا على إعطاء هذه الحقوق الأولوية التي تستحقها ، واللعب ضروري لتطور الطفل تطورًا كاملًا، فلا تقل أهمية اللعب عن أهمية احتياجات الطفل الأساسية الأخرى: مثل التغذية والصحة والحماية والتعليم.
"اللعب للأطفال" ضرورة وليس رفاهية:
يقول الله تعالى: "أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ" [سورة يوسف: 12] في قصة أخوة سيدنا يوسف عليه السلام، إشارة إلى أن اللعب مطلب أساسي في مرحلة الطفولة، كما أن السيرة النبوية الشريفة عرضت لقيمة اللعب، وأهميته التربوية، ودوره في بناء الشخصية المسلمة، وليس أدل على ذلك من سلوك النبي صلى الله عليه وسلم مع أطفال المسلمين والحثّ على مداعبتهم وتقبيلهم واحتضانهم في المواقف المختلفة.
اللعب ضروري لتطور الطفل تطورًا كاملًا، فلا تقل أهمية اللعب عن أهمية احتياجات الطفل الأساسية الأخرى كالتغذية والصحة والحماية والتعليم
ولا يعدّ اللعب نشاطاً عبثياً مطلقاً، كما يشير (آرمين كرينتس)، فمن خلال اللعب يستطيع الأطفال تنمية كل المهارات التي يحتاجون إليها في المستقبل من أجل حياة تتسم بالنشاط والنجاح والثقة بالنفس. وقد قامت (هيئة عمل الألعاب الجيدة) بعديد دراسات عن الأهمية الفائقة للعب في تطوّر الأطفال الذهني والعاطفي والاجتماعي بالتعاون مع باحثين مرموقين في مجال اللعب، وأشارت إلى وجوب لعب الطفل فترة 15 ألف ساعة تقريبًا في السنوات الست الأولى من عمره، أي ما يعادل فترة ثلث اليوم الواحد!
أشارت (هيئة عمل الألعاب الجيدة) إلى وجوب لعب الطفل فترة 15 ألف ساعة تقريبا في السنوات الست الأولى من عمره
أهميّة اللعب للطفل:
للعب أهمية حاسمة في تطوّر شخصية الطفل بشكل جيد، كما يعدّ اللعب تربة خصبة لتطوير وتوسيع مهارات شخصية ومدرسية كثيرة لدى الطفل، كما ثبت أنه أساسي للمتطلبات المهنية في المستقبل، وفيما يلي مجموعة أسباب ونصائح من الخبراء والمفكرين المجتهدين تشجع الوالدين على اللعب مع أطفالهما بشكل يوميّ:
1. يساعد اللعب على تقوية الصلات وتبادل المحبة والتفاهم بين الوالدين وطفلهما بشكل لا تحققه الأنشطة الأخرى.
2. يسهم اللعب في التخلص من الطاقة الزائدة لدى الطفل.
3. يؤدي اللعب وظائف بيولوجية مهمة للكائن الحي بشكل عام.
4. أصبحت الألعاب شرطًا أساسيًا لتقدم البشرية في مجال التكنولوجيا والعلوم .
5. للعب أهمية في جانب النمو اللغوي، الابتكاري، المعرفي، الاجتماعي، وغيرها.
6. يؤدي اللعب وظائف، أهمها: توثيق العلاقة مع الأقران، وخفض التوتر، وتطوير القدرات العقلية، وتنمية الاستكشاف، وزيادة فرص التخاطب، والاختلاط مع الآخرين.
8. "يوفر اللعب ميدانًا لخوض التجربة وجمع الخبرة لا يمكن تعويضه ، وبدونه سنكون أقل مهارة" هذا ما يقوله (هنس شويرل) أحد أشهر روّاد الأبحاث في مجال اللعب.
9. لن يكون الفرد البالغ سويًا إذا لم يلعب في صغره ، لكنه سيكبر ويقوى طالما أمكنه القيام بالخبرات الضرورية له. هكذا تنبأ (أفلاطون).
10. كان الإمام الغزالي – رحمه الله يرى أن الصبي ينبغي أن يؤذن له بعد الانصراف من المكتب أن يلعب لعبًا جميلًا يستريح إليه من تعب التعلم، فإن منع الصبي من اللعب وإرهاقه بالتعلم دائمًا يميت قلبه ويبطل ذكاءه وينغص عليه العيش حتى يطلب الحيلة في الخلاص منه.
منع الصبي من اللعب وإرهاقه بالتعلم دائمًا يميت قلبه ويبطل ذكاءه وينغص عليه العيش حتى يطلب الحيلة في الخلاص منه
11. "اللعب من الشروط الأساسية لعمليات التعلـُّم والتعليم، حيث إن اللعب يعزّز التطّور الذهني والاجتماعي والعاطفي والحركي والإبداعي لدى الأطفال، الأمر الذي يعجز أي برنامج تعليمي عن تقديمه مهما بلغت جودته" كما تقول طبيبة الأطفال النفسية (هيدي فريدريش).
12. يعدّ اللعب إسقاطاً للرغبات وإعادة تمثيل أنواع النزاع والأحداث المؤلمة، للسيطرة عليها إلى وضع وسائل، وأساليب لتقدير الشخصية، على ضوء افتراض أن اللعب والإيهام يكشفان عن شيء من حياة الطفل الداخلية ودوافعه الكامنة. كما فسّره (فرويد).