وسائل التواصل الاجتماعي مجال جديد للعمل التطوعي

الرئيسية » خواطر تربوية » وسائل التواصل الاجتماعي مجال جديد للعمل التطوعي
Apple iPhone with Social Media Apps

قفزة نوعية وحافة جديدة أظهرتها وسائل التواصل الاجتماعي، فقد قفز عدد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي نهاية عام 2016 الحالي إلى 2.6 مليار شخص حول العالم مقارنة بعام 2015 الذي بلغ فيه العدد 2.1 مليار شخص، إضافة إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي ألغت جميع المنصات التقليدية من المطبوعات الورقية التي كانت حكراً على كتاب معينين حول العالم، حيث أصبح الجميع بمقدوره أن يكتب ويعبر عن رأيه، ويسد الثغرة وضعف روح المبادرة في القنوات الرسمية الحكومية، وأمام هذا العدد الهائل من مستخدمي التواصل الاجتماعي في العالم الأزرق هل يمكن الدخول للعمل التطوعي من خلاله؟

في مقالي هذا لن أتحدث عن أهمية العمل التطوعي في تشكيل وعي المجتمعات، وتقدمها خطوات نحو التنمية الشمولية بكافة أشكالها، بدايةً من تنمية الفرد، ونهايةً بتنمية المجتمع، لكني سأرصد الفرص المتاحة عبر العالم الأزرق الجديد لتعزيز ثقافة العمل التطوعي بكافة أشكاله.

لم يكن العمل التطوعي بعيداً عن حالة تشكل الوعي الإنساني بشكل جديد في منصات التواصل، حيث بادرت العديد من المؤسسات لإنشاء صفحات لها على تلك المواقع، واتجه العديد من المستخدمين والمهتمين بأنشطة العطاء الاجتماعي والتطوعي إلى تدشين صفحات خاصة بهم حظيت باهتمام كبير، ليتكون في نهاية المطاف طيف واسع من المجتمعات الافتراضية والتي يجمعها كلها السعي لتنمية المجتمع ومساعدة الآخرين.

توفر وسائل التواصل الاجتماعي ميزتان سريعتان للمجال التطوعي، أولهما سهولة الوصول لأكبر عدد ممكن من الناس من خلال "مجتمعات التشبيك"، للمشاركة في المبادرات التطوعية، ومن ثم دعاية وإشهار لهذه المبادرات، لتعم الفكرة

توفر وسائل التواصل الاجتماعي ميزتان سريعتان للمجال التطوعي، أولهما سهولة الوصول لأكبر عدد ممكن من الناس من خلال "مجتمعات التشبيك"، للمشاركة في المبادرات التطوعية، ومن ثم دعاية وإشهار لهذه المبادرات، لتعم الفكرة، وتتحول بعدها لمبادرات تنموية تحصل على داعمين من أصحاب القدرات المالية والثقافية لتطويرها ودعمها.

إذاً نحن أمام فرصة كبيرة، وما عليك إلا البدء الآن في تشكيل مجموعتك الخاصة من الشباب القادرين على العمل التطوعي، ثم الدعوة لمبادرتك عبر وسائل التواصل الاجتماعي، واختتامها بالصورة والفيديو والإحصائيات وسترى حجم التفاعل بها.

سأقترح عليك عزيزي القارئ بعض النماذج الجميلة لمبادرات تطوعية إيجابية تساهم من خلالها في تنمية مجتمعك.

• تشكيل الفرق الإغاثية في الأزمات: في حال دعوة الجماهير من شخصيات معروفة لتشكيل فرق إغاثية لإدارة أزمة ما في منطقة ما كفياضات أو حروب، أثبت مواقع التواصل الاجتماعي قدرة عالية على استقطاب الشباب عمل مجتمعات تشبيك سريعة للتطوع في حل الأزمة.

• مبادرات تعزيز القراءة والكتابة: انطلقت مبادرات كثيرة ومختلفة لتعزيز القراءة والكتابة، منها "القراءة للجميع"، ملخصات الكتب عبر يوتيوب، قنوات وصفحات مناقشة كتاب، تجمعات شبابية ومبادرات لتعزيز القراءة والكتابة، وهذه لها دور كبير في نشر القراءة، وقد كان للأردن دور بارز خلال الأعوام الماضية في دعم وتعزيز اللغة العربية وتشجيع ثقافة القراءة عبر الإنترنت.

نحن جميعاً نمتلك زمام المبادرة للانطلاق نحو العمل التطوعي، والمساهمة في تنمية مجتمعاتنا دون الحاجة لتكليف من مستوى رسمي

• المنصات الإلكترونية التعليمية والتدريبية: غدا التعليم الإلكتروني أكثر سهولة، وأقل تكلفة، وأعمق أثر، ومثل وصولاً أكبر لعدد كبير من الجماهير على مستوى العالم، مثال ذلك منصة إدراك للتعليم الإلكتروني المجانية مقرها الأردن، ومنصة "كورسيرا" مدفوعة الثمن ومقرها أمريكا، وأكاديمية دراسات اللاجيئن، حيث يلتحق فيها ملايين من المشاركين، وكلها نشأت ضمن مبادرات طوعية في بداية الأمر ثم تطورت لمنصات تعليمية رائعة.

• مبادرات العمل الخيري: بالرغم من هامش عدم الثقة فيها، إلا أنها لعبت دور كبير باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي لمساعدة كثير من الناس الذين غفلت عنهم المنصات الإعلامية الرسمية، وقنوات الاتصال الرسمية، حيث كثير من القضايا أصبحت رأي عام وحظيت باهتمام واسع من المسؤولين، وأستحضر هنا مبادرات شبابية مختلفة مثل "كسوة الشتاء"، و"دعم الطفولة" وحملة "الزي المدرسي"، والتي كانت تتركز بشكل أساسي في فلسطين ومخيمات اللجوء في سوريا، وقد نشأت جميعها وانطلقت من منصات التواصل الاجتماعي.

• مبادرات إعادة تشكيل الوعي المجتمعي: حملات كثيرة بدأت لتعزيز الثقافة الإيجابية في المجتمع، كحملات النظافة الطوعية، والمسابقات الرياضية، وحملات دعم حقوق المرأة، والاهتمام بالطفل، والحملات الثقافية مثل "لا تغضب" "نحو بيئة خالية من التدخين"... ولعبت وسائل التواصل الاجتماعي دوراً مهماً في تعزيز هذه الثقافة الإيجابية.

إذاً نحن جميعاً نمتلك زمام المبادرة للانطلاق نحو العمل التطوعي، والمساهمة في تنمية مجتمعاتنا دون الحاجة لتكليف من مستوى رسمي، فلنبدأ الآن في إنشاء مجموعاتنا الطوعية الخاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتكوين علاقات جديدة عبر فعاليات إبداعية، ننشرها لتصل إلى كل العالم، ونزين بها صفحاتنا وسيرنا الذاتية، لا تدعوا هذه الفرصة تفوتكم.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتب صحافي من غزة حاصل على درجة الماجستير في الاقتصاد السياسي، متخصص في الشأن السياسي والقضايا العامة، وعمل مع العديد من الصحف والمواقع العربية والأجنبية، شارك في كتاب عن "الأسرى الفلسطينيين" نشر بعدة لغات. أعد مجموعة كبيرة من المقابلات الصحفية والتوثيقية مع مجموعة من صناع القرار والقادة الفلسطينيين، وأنجز مجموعة من التحقيقات الصحفية الاستقصائية.

شاهد أيضاً

مسؤولية التعلم ولو في غياب “شخص” معلم

ربما من أوائل ما يتبادر إلى الذهن عند الحديث عن العلاقة بين المعلم والمتعلم، قصيدة …