أعمل في غير مجال التخصص ، فهل سأنجح؟!

الرئيسية » خواطر تربوية » أعمل في غير مجال التخصص ، فهل سأنجح؟!
27117working

أعمل في غير مجال التخصص، فهل سأنجح؟! سؤال يتردد في بال الكثيرين خاصة ممن تخرجوا حديثًاً وانخرطوا في سوق العمل، وكانت الصدمة! فلم يجد البعض وظيفة في مجاله أو تخصصه، ومن ثَمَّ وُضع بين شِقي الرَّحى: فإما البطالة وإما العمل في غير مجال الدراسة! وسنكتفي اليوم بالحديث عن المجموعة الثانية، والتي تعكس معاناة الكثير من الطلاب والعاملين، ليس في العالم العربي وحده، ولكن حول العالم كذلك. حيث أشارت صحيفة "واشنطن بوست" The Washington Post في دراسة أجرتها عام 2013 أن 27% فحسب من خريجي الجامعات في الولايات المتحدة يعملون في وظائف توافق تخصصهم!  

هل الأمر سلبي بالمجمل؟!

كثير ممكن يعملون في مجال تخصُّصهم لا يفلحون: فهذا طبيب يقوم بخطأ طبي فادح، قد يودي بحياة المريض، ومدرس لا يحسن شرح مادته، ونجار لا يتقن صنعته! فأين المشكلة في طبيب يعمل كاتبًا، أو مهندسٍ احترف الحدادة، أو أديبٍ أبدع في الإذاعة؟!  

اكتشاف مهارات ومواهب خفية:

إذا عمل طبيبٌ مثلًا في مجال التجارة، وهو مجال بعيد كل البعد عن تخصصه، فانظر إلى كمية الخبرات والتجارب، والمهارات الجديدة التي سيتعلمها

إذا عمل طبيبٌ مثلًا في مجال التجارة، وهو مجال بعيد كل البعد عن تخصصه، فانظر إلى كمية الخبرات والتجارب، والمهارات الجديدة التي سيتعلمها. فالطب والتجارة مجالان مختلفان، وبعيدان كل البعد عن بعضهما، ولا ريب أن الأمر سيكون فيه الكثير من التحد للطبيب. فهو محتاج لدراسة كيفية عمل مشروع، وكيفية الحصول على رأس مال، واختيار المجال المناسب للتجارة، وعمل دراسة جدوى وغيرها.

بيد أن الأمر لا يكون بهذه الصعوبة أو هذا التعقيد في مجالات أخرى كالعمل في مجال الاتصالات مثلًا. فكل ما يتطلبه هذا المجال هو معرفة عامة بكيفية استخدام الحاسوب وإتقان لغة أجنبية. وهي في المقابل تزوِّد الإنسان بالكثير من المهارات، ومنها: إتقان اللغة التي تمارسها، والتواصل المباشر مع أهل تلك اللغة، وتنظيم الوقت، والسرعة في أداء العمل!

من مميزات العمل في غير دائرة التخصص هو زيادة المهارات، وبالتالي أهلية الإنسان للخوض في أكثر من مجال، واحترافه لأكثر من مهنة  . فحين تكون مهندسًا، فإنك لا تتقن سوى مجالك، أو مدرسًا، وبالتالي لا تحسن إلا التدريس. وهكذا، تصبح الخيارات أمامك محدودة، أو منعدمة، خاصة إذا نَدُر المجال أو تعطل سوقه، كما يحدث أحيانًا في مجال كالسياحة على مستوى العالم.

عباقرة برعوا في غير مجال التخصص:

أوردنا آنفًا أن العمل في غير مجال التخصص وارد وممكن، بل يصبح محبَّذا في بعض الأحيان. ولكن هل يمكن أن نبرع في غير مجال تخصصنا؟ وسؤال آخر أكثر أهمية وإلحاحًا على البعض: هل يمكن أن نتخذ هذا المجال الآخر مسار حياتنا، ونتجاهل تخصصنا أو نعتزله بالكلية؟ لقد أجاب الكثير من العباقرة سواء الراحلون منهم، أو المعاصرون بنعم على هذين السؤالين. فالشاعر المصري إبراهيم ناجي كان في الأصل طبيبًا، واشتغل في الطب فترة ثم اتجه إلى الأدب والشعر، وانضم إلى مدرسة أبوللو الشعرية.

والكاتب العراقي المعاصر أحمد خيري العمري يعمل طبيبَ أسنان، واتجه كذلك إلى الكتابة في الفكر والعقيدة الإسلامية.

والغرب من جهة أخرى، حافل ببعض هؤلاء مثل: "آرثر كونان دويل" Arthur Conan Doyle كاتب سلسلة الروايات البوليسية الخيالية الشهيرة للمحقق "شرلوك هولمز" Sherlock Holmes والذي كان يعمل طبيبًا. وتعد رواياته تلك معلما بارزًا في الأدب البوليسي.

والطبيبة "ليزا زينب كيلينجر" Lisa Zaynab Killinger والتي اعتنقت الإسلام سنة 1979م، وتقوم الآن بإلقاء محاضرات عن الإسلام بصفة عامة وحقوق المرأة في الإسلام بصورة خاصة.

اعمل في مجالك أو غيره، فكل ميسر لما خلق له، وليست هذه هي القضية، وإنما الشاهد مما سبق هو أن تتقن ما تقوم به وتخلص فيه

والخلاصة أن اعمل في مجالك أو غيره، فكل ميسر لما خلق له، وليست هذه هي القضية، وإنما الشاهد مما سبق هو أن تتقن ما تقوم به وتخلص فيه، وحبذا أن يصل لدرجة العبقرية والإبداع، وهنا مربط الفرس. وقد ورد في الأثر ألَّو "تعلقت همة أحدكم بالثَّريا لنالها".

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتبة ومترجمة من مصر، مهتمة بقضايا التعليم والأسرة والتطوير الذاتي

شاهد أيضاً

مسؤولية التعلم ولو في غياب “شخص” معلم

ربما من أوائل ما يتبادر إلى الذهن عند الحديث عن العلاقة بين المعلم والمتعلم، قصيدة …