7 أسرار لتربية طفل سعيد

الرئيسية » بصائر تربوية » 7 أسرار لتربية طفل سعيد
200017046-001

جميعاً نتمنى الأشياء ذاتها لأطفالنا، نتمنى أن ينشأ الطفل على المحبة فيحِبّ ويكون محبوباً، أن يلاحق أحلامه وأن يحقق النجاح، وأن يكون سعيداً. ولكن ما مدى قدرتها على التحكم في تنشئتهم بصورة تضمن أن يصبحوا سعداء؟

يؤكد الدكتور "بوب موراي" مؤلف كتاب (تربية طفل متفائل) أن هناك ميلاً وراثياً للاكتئاب، ولكن جيناتنا طيّعة ويمكن أن تتغيّر اعتماداً على البيئة. ويضيف موراي: البحث يظهر بوضوح أن الطفل السعيد والمتفائل هو نتاج عائلة سعيدة ومتفائلة بغض النظر عن التركيب الجيني .

لذا ماذا يمكن أن تفعل لتؤثث بيئة في البيت تضمن ازدهار سعادة طفلك؟ إليك 7 استراتيجيات من شأنها أن تساهم في أن يعيش طفلك السعادة الحقيقية:

1 - تشجيع الروابط الاجتماعية:

الطريقة الأفضل لتعزيز الصحة العاطفية لطفلك على المدى الطويل هي مساعدته على البقاء في تواصل دام معك ومع باقي أفراد الأسرة والأصدقاء والجيران، أو مع مربيه، أو حتى مع الحيوانات الأليفة، "طفولة في ظل تواصل مع الآخرين هي مفتاح السعادة" كما يقول الدكتور إدوارد هالويل دكتور في الطب النفسي للأطفال، والذي يشير في دراسة أجريت على نحو 90.000 مراهق أن شعور الطفل بأنه محبوب، مرغوب به ومحل تفهّم من طرف من حوله، يحميه بشكل ملحوظ من الاضطراب العاطفي، أفكار الانتحار، والسلوكيات الخطيرة التي من ضمنها الإدمان على الممنوعات.

الطريقة الأفضل لتعزيز الصحة العاطفية لطفلك على المدى الطويل هي مساعدته على البقاء في تواصل دام معك ومع باقي أفراد الأسرة والأصدقاء والجيران

لحسن الحظ يمكن أن نعزز التواصل الأساسي والأكثر أهمية بالنسبة لأطفالنا من خلال ما يسميه الدكتور هالويل "الحب الكبير الذي لا يفنى أبدا"، فعندما يكون هناك شخص يحب الطفل ذلك الحب اللامشروط سيكون حصانة له من أي شعور بالتعاسة، وذلك غير كاف ومع ذلك لتعميق ذلك الحب لا بد أن يستشعره الطفل كما يقول الدكتور هالويل: أن تحمله قدر الإمكان وأن تستجيب بتعاطف لبكائه، أن تقترب منه، تتناول الطعام وتضحك معه.

وفي الوقت ذاته اعمل على منحه فرصة ليتواصل مع الآخرين كما ينصح الدكتور كريستين كارتر من جامعة كاليفورنيا: "نحن نعلم منذ 50 عاما من البحث أن الصلات الاجتماعية أمر مهم للغاية _إن لم أهم_ مساهم في السعادة"، ويضيف كارتر: "ليس فقط نوعية الأشخاص بل العدد أيضا، كلما كان الطفل متواصلاً مع أكبر قدر كلما كان ذلك أفضل".

2- لا تحاول إسعاد طفلك:

قد يبدو الأمر غير متوقع ولكن أفضل ما يمكن أن تقدمه لسعادة طفلك على المدى الطويل هو أن تتوقف عن محاولة إبقائه سعيدا على المدى القصير، "إذا وضعنا طفلنا في فقاعة وضمِنّا تحقيق كل رغبة وأمنية فسيكبر معتقداً أن هذا ما سيحدث دائما ولكن العالم الحقيقي ليس كذلك " يقول بوني هاريس مؤسس "جوهر الأبوة والأمومة".

للحفاظ على طفلك من الدلال المبالغ فيه، يجب أن تدرك أنك لست مسؤولا عن سعادة ابنك بحسب هاريس؛ الآباء الذين يشعرون بمسؤولية حيال عواطف أطفالهم سيجدون صعوبة في السماح لهم باختبار مشاعر الغضب والإحباط والحزن، فنحن نهرع مباشرة لمساعدتهم لجعلهم يستعيدون الابتسامة وحل مشاكلهم، ويحذر هاريس من ذلك لأننا نحرم الأطفال من فرصة تعلم كيف يتعاملون مع المشاعر السلبية وحل مشكلاتهم التي قد تعترض حياتهم مع تقدمهم المستمر في العمر.

وبمجرد أن تتقبل فكرة أنك لا يمكن أن تجعل طفلك يشعر بالسعادة أو بأي عاطفة أخرى مرتبطة بذلك ستصبح أقل ميلا لمحاولة إصلاح مشاعره وأكثر تقبلا للسماح له بتطوير مهارات التأقلم والمرونة واستعادة توازنه بعد النكسات التي لا مفر منها في الحياة.

3- عزز سعادتك الشخصية:

من أفضل الأشياء التي يمكن أن تساهم في تعزيز الصحة النفسية لطفلك هي أن تخصص لنفسك: وقتا للراحة والاسترخاء، أن تنعم بالعاطفة والعلاقة الجيّدة مع الزوجة والأسرة

رغم أنه لا يمكننا التحكم في سعادة أطفالنا من عدمها، لكننا مسؤولون عن سعادتنا الشخصية وبما أن الأطفال يتأثرون بكل ما نقوم به ونقوله فإن حالتنا المزاجية مهمة جدا، فمن المرجح أن يكون الأطفال سعداء طالما أن الآباء سعداء، بينما يعاني الأطفال في العائلات التي تعاني الكآبة من ضعف متوسط الاكتئاب، حسب دراسة الدكتور موراي دائما. ونتيجة لذلك من أفضل الأشياء التي يمكن أن تساهم في تعزيز الصحة النفسية الجيدة لطفلك هي أن تخصص لنفسك: وقتا للراحة والاسترخاء، أن تنعم بالعاطفة والعلاقة الجيّدة مع الزوجة والأسرة، يقول الدكتور موراي: "كلما كان الزوجان ملتزمان بعلاقة زوجية جيدة فإن سعادة الأطفال حينها ستنمو بشكل طبيعية".

4- أثني على الأشياء التي تستحق الثناء:

ليس الأمر مفاجئا فالدراسات تربط ذلك بتعزيز الثقة بالنفس والسعادة، فلا يمكن أن تنفصل السعادة والثقة بالنفس عن الثناء من طرف الوالدين، ولأن الجميع يعرف ذلك عادة ما يبالغ الكثير منا في الثناء لدرجة أننا قد نوهم الطفل بأنه "بيكاسو" لمجرد أنه رسم شخبطة طفولية، أو أنه لاعب كرة ماهر ومشهور لمجرد أنه سجل هدفا، ولكن هذا النوع من الثناء يمكن أن يأتي بنتائج عكسية.

يكمن الخطر في هذا النوع من الإطراء في أن الطفل سيعتقد بأنه يجب أن يحقق الإنجازات لكي ينال رضاك وثناءك، يفسر موراي ذلك بأن "الطفل سيشعر بالخوف إذا لم ينجح، وأن والديه لن يحبانه بعد الآن"، الإشادة أيضا بأشياء محددة مثل الذكاء، الوسامة، التفوق البدني يمكن أن تقوّض ثقة الطفل بنفسه فيما بعد إذا كبر وهو يعتقد أن تقييمه يتمّ وفقا لأشياء خارجة عن قدرته أو حتى أشياء ظرفية.

ويضيف موراي أنك إذا أثنيت على ابنتك في المقام الأول على كونها جميلة ماذا سيحدث عندما تكبر في العمر وتفقد ذلك الجمال؟ كم ستحتاج للاعتناء بشكلها لكي تشعر أنها ذات قيمة، ويضيف موراي أن الأبحاث أشارت إلى أن الأطفال الذين يتم الثناء عليهم لكونهم أذكياء يصبحون أكثر جبنا وتخوّفا من أن يُنظر إليهم على أنهم أقل ذكاء أو قيمة إذا فشلوا في شيء ما.

والهدف من ذلك يقول الدكتور كارتر هو أن تساهم في تعزيز النمو العقلي لطفلك، وأنه يتم تقدير الأشخاص من خلال إنجازاتهم وعملهم الجاد لا من خلال المواهب الفطرية، ويضيف كارتر أن "الأطفال الذين يتم تصنيفهم على أساس مواهبهم الفطرية سيشعرون أنهم بحاجة لإثبات ذواتهم مرارا وتكرارا"، "في حين تشير الدراسات أن الأطفال يبذلون ما في وسعهم ويستمتعون بالأنشطة المختلفة دون الاهتمام أو القلق حيال ما سيعتقده الآخرون بشأنهم إذا ما فشلوا." لذلك يؤكد الباحثون أن الثناء أمر غير مرفوض تماما ولكن وجب التركيز على الأشياء التي في وسع الأطفال التحكم بها ولهم يد فيها .

5- اسمح له بأن ينجح وأن يفشل:

إذا أردت أن تعزز ثقة طفلك أكثر بنفسه فقلل المجاملات وامنحه فرص أوسع لتعلم مهارات جديدة

بالطبع إذا أردت أن تعزز ثقة طفلك أكثر بنفسه فقلل المجاملات وامنحه فرص أوسع لتعلم مهارات جديدة، البراعة وليس الثناء هو ما سيساعد في بناء احترام الذات الحقيقي للطفل، كل الأنشطة التي سيقوم بها هي فرصة لإجادة شيء ما، لأن كل شيء هو تجربة جديدة بالنسبة له: الحبو، المشي، إطعام نفسه، الركوب على الدراجة...، التحدي الذي نواجهه هو الوقوف إلى جانبه ولسماح له بالقيام بالأشياء بنفسه، يؤكد الدكتور هالويل أنه سيكون خطأ أكبر أن نقدم دوما يد المساعدة للطفل.

سيكون من الصعب على الأب أن يقف موقف المشاهد وهو يرى طفله يتصارع مع بعض المصاعب ولكننا لن نسمح له بتعلم الفشل والنجاح وإتقان المهارات إذا تدخّلنا كل مرة، الممارسة هي ما ستساعد الطفل على المهارة وإتقان الأشياء ومن خلال التجارب المتكررة، سيطوّر قدراته التي ستسمح له بالتعامل مع تحديات المستقبل بكل حماس وتفاؤل، ما من شأنه أن يعزز الحياة السعيدة.

6- امنحه مسؤوليات:

يقول موراي إن: "السعادة تعتمد إلى حد كبير على الشعور بأن ما نقوم به يهم الآخرين ومحل تقدير من طرفهم، وبدون ذلك الشعور سنكون أكثر خوفا من أن يتم إقصاءنا من الجماعات، والدراسات تظهر أن ما يخشاه البشر أكثر هو الإقصاء".

كلما أشعرت طفلك أنه يسهم إسهامات فريدة لأسرته في سن مبكرة كلما زاد إحساسه بقيمته وبسعادته

بعبارة أخرى الإنسان لديه حاجة غريزية في أن يكون الآخرون في حاجة إليه، وبالتالي كلما أشعرت طفلك أنه يسهم إسهامات فريدة لأسرته في سن مبكرة كلما زاد إحساسه بقيمته وبسعادته، يمكن للطفل في سن مبكرة أن يساهم في أعمال الأسرة من خلال ترتيب مائدة العشاء، أو طي المناديل، أو جمع الألعاب، أو أن يسلي شقيقه الأصغر في حين تحضّر الأم العشاء، طالما تُقرّ أن لطفلك إسهامات في الأسرة ستزيد من ثقته بنفسه وتعزز تواصله مع الآخرين وكلا الأمرين من المتطلبات الأساسية للسعادة الدائمة.

7- درّبه على الشعور الدائم بالامتنان:

أخيرا، الدراسات حول السعادة تثبت مدى ارتباط مشاعر الامتنان بالشعور بالسعادة، وأظهرت أبحاث في جامعة كاليفورنيا أن الأشخاص الذين يحتفظون بدفتر يدونون الأشياء التي يشعرون بالامتنان لحصولهم عليها، يشعرون بمزيد من التفاؤل ويحققون المزيد من التقدم نحو أهدافهم، ويشعرون بالرضا عن حياتهم، بالنسبة للأطفال سيكون من غير الواقعي أن نطلب منهم الاحتفاظ بدفتر يدونون فيه يوميا، لذلك ينصح كارتر الآباء باستخدام طريقة لتعزيز امتنان الطفل بما لديه بأن نسأل كل فرد من الأسرة كل يوم على العشاء قبل البدء بتناوله بأن يعدد الأشياء التي يشعر بالامتنان حيالها، ومن المهم أن نجعل هذه الطقوس منتظمة يوميا وهي واحدة من العادات التي من شأنها أن تعزز كل أنواع المشاعر الإيجابية وأن تؤدي إلى السعادة المستدامة.

معلومات الموضوع

مراجع ومصادر

  • مترجم بتصرف: http://www.parents.com/toddlers-preschoolers/development/fear/raising-happy-children/
اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتبة من الجزائر، مهتمة بشؤون التربية، والأدب والفكر، متخصّصة في التسويق بالمحتوى.

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …