حتى يكون الطلاق سكنًا

الرئيسية » بصائر تربوية » حتى يكون الطلاق سكنًا
children-caught-between-divorced-parents

في الواقع، لا يترك الطلاق عادة مجالًا، لبقاء علاقة طيبة بين الزوجين بعد الانفصال. فمشاعر الغضب والحقد والاكتئاب والإحباط والحزن، وغيرها من المشاعر، تظلُّ تكتنف علاقة الطرفين لفترة طويلة. غير أنه في ظلِّ وجود أطفال، يتوجَّب على الوالدين الحرص على تطبيق بعض النصائح العملية؛ وذلك للخروج من مرحلة الطلَّاق بأقل قدر من الخسائر الماديَّة والنفسيَّة. وهنا عرض لبعض تلك النصائح:

1- إِعلام الأطفال بأسلوب وُدِّي:

تؤكِّد أبحاث علميَّة أن الأطفال سيتذكرون دومًا، كيف عرفوا بأمر الطلاق أوَّل مرة. لذا من المهم بمكان أن يحرص الوالدان على شرح الأمر للأطفال بصورة لطيفة، وحبَّذا لو فعلا هذا معًا في اجتماع أسريّ. كما يُفضَّل إعلام الأطفال قبل خروج أحد الوالدين من المنزل بعدة أيام. أما خروج أحدهما فجأة، ودون شرح مسبق للأطفال، يولِّد لديهم شعورًا شديدًا بالخوف، وربما يجعلهم يحمِّلون أنفسهم مسؤولية الطلاق!

ويُحبَّذ عند شرح أسباب الطلاق للأطفال الاكتفاء بالشرح، أنهما كزوجين بدءا حياتهما بالحب والتفاهم، وكانت لديهما كلُّ النيَّة لاستكمال مشوارهما سويًّا. غير أنهما اكتشفا لاحقًا أنَّهما لم يعودا على وفاق، وأنَّ وجود أحدهما في حياة شريكه، لا يسبِّب له سوى التعاسة. فالدخول في تفاصيل الخلافات، قد يؤدي لشجارٍ أمام الأطفال، وقد يُفاقم الأمور، ولن يغيِّر في النهاية من حقيقة رغبة كلا الطرفين في الانفصال.

الدخول في تفاصيل الخلافات الزوجية أمام الأطقال، قد يؤدي إلى الشجار، وقد يفاقم الأمور، ولن يغير في النهاية من رغبة كلا الطرفين في الانفصال

2- عدم التحدث بصورة سلبيِّة عن الطرف الآخر:

فهذا الأمر من شأنه أن يعمِّق الجرح، ويزيد الأمور سوءًا بين الطرفين. أمَّا من جهة الأطفال، فإن مثل هذا التصرف من شأنه أن يخلق شعورًا داخليًّا بالعدواة تجاه الطَّرف الآخر، والذي سرعان ما ينعكس في أفعالهم تجاهه. وربَّما يأتي بنتيجة عكسيَّة، حيث يكسب الطرَّف الآخر تعاطف الأطفال وحبَّهم على حساب الطرَّف الذي لا يتوقَّف عن التحدث بسوءٍ عن صاحبه.

3- الحفاظ على جدول محدَّد:

من أكثر الأمور التي تُسبِّب ارتباكًا للأطفال بعد الطَّلاق، هو عدم معرفة من المسؤول عنهم في وقت بعينه؟ أو مع من عليهم قضاء اليوم؟ أو إلى من يرجعون حين تواجههم صعوبة أو مشكلة؟ فترتيب جدول بمواعيد وأوقات محددة بين الوالدين يساعد على حلِّ مثل هذه الأمور. فيجب على الطفل أن يعلم مثلًا من سيقوم بتوصيله إلى المنزل اليوم، وفي أيِّ ساعة؟ أو أيُّ الوالدين سيحضر إلى المدرسة غدًا إذا ما استلزم الأمر، وهكذا.

4- لكلِّ منزل قواعده الخاصة!

كثير من الآباء يعتقد بوجوب تطبيق نفس القواعد سواء في منزل الأب أو الأم، حتى لا يتحيَّر الأطفال ويتشتَّتوا. ولكن الحقيقة هي أنه من المستحيل التحكم فيما يحدث في بيت الطَّرف الآخر. كما أنَّه ليس من السهل، فرض نفس قواعد وأساليب التعامل، خاصة إذا ما وضعنا في الاعتبار اختلاف وجهات النظر الحاصلة بين الطَّرفين، والذي قد يكون أحد أسباب الانفصال في المقام الأوَّل. لذا، يُنصح إذا لم تكن المسألة متعلقة بسلامة الأطفال، أن يتمَّ تجاهل تباين الأساليب والقواعد بالكامل. ويؤكِّد الأطباء النفسيُّون أنَّ الأطفال يستطيعون بسهولة استيعاب اختلاف القواعد باختلاف الأمكنة والبيوت، ولا يسبِّب لهم هذا الأمر أيَّ نوع من الحيْرة أو التَّشتُّت.

يُنصح أن يأخذ الآباء حِذرهم قبل خوض أية علاقات زوجية جديدة بعد الطلاق مباشرة، ذلك أن الأبناء يحتاجون وقتًا لاستيعاب غياب أحد الأطراف، وتفهُّم دخول شخص "جديد" إلى حياتهم

5- عدم الاستعجال في خوض علاقة زوجية جديدة:

في الواقع، لهذا الأمر سلاح ذو حديِّن، ففي حين يكون من الأفضل لمصلحة الأطفال أن يمضي كل من الزوجين في حياته، ويعيش الأطفال في جوِّ عائلي، ووجود أم وأب معًا، وإن لم يكن أحدهما الأب الحقيقيّ أو الأم الحقيقيَّة. فإنه من جهة أخرى، يُنصح بأن يأخذ الآباء حِذرهم قبل خوض أية علاقات زوجية جديدة بعد الطلاق مباشرة. ذلك أن الأبناء يحتاجون وقتًا لاستيعاب غياب أحد الأطراف، خاصة إن كانوا مقربين من ذاك الطَّرف. كما أنهم يحتاجون فترة من الزمن لتجاوز اكتئابهم، وتفهُّم دخول شخص "جديد" إلى حياتهم، ليَحل محل شخص "قريب" إلى قلوبهم.

وأخيرًا، رغم أن النصائح السابقة أتت من أحد الاستشاريين الأجانب، فإسلامنا قد سبق وحثَّ في أكثر من موضع في القرآن الكريم على (الطلاق الإيجابي) و(التسريح بالمعروف). وذلك في قوله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ}. [البقرة، الآية: 231]. ومن هذا المنطلق، أهيب بالأزواج أن يستجيبوا لأوامر الله سبحانه وتعالى، حتى يكون الطلاق كالزواج ــوإن اختلفاــ سكنًا!

معلومات الموضوع

مراجع ومصادر

  • http://www.parents.com/parenting/divorce/dating/staying-friendly-with-your-ex/
  • https://www.avvo.com/legal-guides/ugc/5-tips-to-ending-a-marriage-on-good-terms
اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتبة ومترجمة من مصر، مهتمة بقضايا التعليم والأسرة والتطوير الذاتي

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …