لقد كبرت المدن كثيراً، وامتلأت شوارعها بالسيارات وبالبشر، وبات عصر اليوم عصر السرعة، إلا أن السرعة قد تلاشت تقريباً، فلقد اخترع الإنسان السيارات لتختصر عليه الزمن، فإذا به يقضي الساعات الطوال في أزمة السير الخانقة في الشوارع، وبات الوقت الضائع في السيارة أكثر من الوقت الضائع في مشي الإنسان خلال يومه بأكمله، فلأنه سابقاً كان يقضي حاجاته مشياً على الأقدام، أو على الدواب، فلقد كان يمشي للأمر الضروري، وكان كل شيء متقارباً، أما اليوم فلوجود السيارات أصبحتَ ترى المحلات التجارية والأبراج والمولات في أطراف المدن حيث المسافة الشاسعة، وربما في قلب المدن حيث الأزمة الخانقة، وفي كل وقت ضائع بل مهدور.
ومرة أخرى يبحث الإنسان على ما يختصر الوقت على الإنسان، فقام باختراع ما يسمى بالمولات، وهي أسواق ضخمة أوجدت الكثير من الأصناف التي يحتاجها الإنسان في حياته اليومية، وجمعتها في مكان واحد، كي يقضي مشواراً واحدا لا أكثر في تسوقه، ودون استبانات وتقييم، تستطيع أن تقرأ رضا البشر عن هذه الفكرة من عدد المرتادين لهذه الأماكن وعلى مدار الساعة.
وبعد العودة إلى المنزل، يكتشف المستهلك بأنه قد أنفق مالاً كثيراً، واشترى أموراً كثيرة لم يكن هو يطلب شراءها، أو أنه ليس بحاجتها فعلياً، أو أنه اشترى أضعاف الكمية التي يحتاجها فقط لأن عليها خصماً مغرياً.
لقد سمعت من عدة مرتادين لهذه المولات وهم يكيلون عبارات الندم والشكوى لما دفعوه من أموال –هدراً- في هذه المولات، وحين الإسهاب معهم في الحديث تبين أن هناك أكثر من سبب لهذا السلوك الاستهلاكي غير المبرر:
من أهم الأخطاء عدم تحديد الشخص مسبقاً ما هو قادم لشرائه، فتراه يذهب للمول من أجل التسوق دون تحديد احتياجاته المنزلية أو الشخصية مسبقاً، وأفضل طريقة لتجاوز هذه العقبة هو كتابة الحاجيات على ورقة ثم الذهاب إلى المول للتسوق
- أحد أهم هذه السلوكيات عدم تحديده مسبقاً ما هو قادم لشرائه؛ فتراه يذهب للمول من أجل #التسوق دون تحديد احتياجاته المنزلية أو الشخصية مسبقاً، بل إنه يعتمد في ذلك على الأسعار والعروض التشجيعية في المول؛ وأفضل طريقة لتجاوز هذه العقبة هو كتابة الحاجيات على ورقة ثم الذهاب إلى المول للتسوق.
- عدم التزام البعض بما هو مكتوب في الورقة المعدة مسبقاً: صحيح أن البعض يعرف ماذا يريد، بل ويكون كاتباً ذلك على ورقة؛ إلا أنه لا يلتزم بما هو مكتوب في تلك الورقة، وإذا أردت أن تحافظ على مالك من الهدر عليك بالالتزام بما هو مكتوب في الورقة من حيث الأصناف وكذلك الكميات، شريطة أن تكون قد كتبت الورقة بشكل صحيح، وأهم ما يجب معرفته عند كتابة حاجياتك من المول هو أن لا تكتب سوى ما تحتاجه الآن، فلا تدخر المواد في بيتك، ولا تكتب ما لا تحتاجه.
- اصطحاب #المال الكثير: إذا كنت صارماً مع نفسك فنصيحتي لك أن تأخذ معك من المال ما يكفي لهذه الحاجيات أو أكثر بقليل، ولا تصطحب معك بطاقة البنك أو مبلغاً كبيراً من المال، فهذا مما يشجع على تجاوز الحاجيات.
لا تلتفت إلى العروض المغرية طالما أنك لست بحاجة، واسأل نفسك: ما حاجتي الحقيقية لهذه السلعة؟
- الغرق في أمواج العروض التشجيعية: لا تلتفت إلى العروض المغرية طالما أنك لست بحاجة، أي قم بتقييم العرض بثوان بسيطة، وهي من خلال سؤال نفسك السؤال التالي: ما حاجتي الحقيقية لهذه السلعة؟ ولو كنتَ محتاجاً لهذه السلعة فلا تقم بشراء كمية مضاعفة منها بحجة وجود العرض عليها؛ لأن هذا السلوك من شأنه خلق سلوك آخر أكثر خطورة وهو الاعتياد على الشراء بكميات كبيرة وهو ما يقودنا إلى المربع الأول ألا وهو الهدر.
- الانخداع بالعلامات التجارية: عند تسوقك في المولات حاول أن تحدد العلامة التجارية للمنتج الذي تود شراءه مسبقاً، ويجب أن تتوفر فيه صفتان أساسيتان، جودة مناسبة وسعر مناسب، وليس من شروطه علامة تجارية بعينها، فأحيانا كثيرة تخدعنا العلامات التجارية وتكون بجودة عادية إلا أنها بسعر مضاعف، وخاصة في الملابس، لكن لا يدفعك هذا إلى شراء المواد الغذائية تصنف بخطورتها على حساب السعر، فانظر إلى مكونات كل سلعة غذائية بالذات، فالمواد الحافظة والألوان الصناعية والصبغات مما ينبغي الانتباه له جيداً.
- التوجه للسلع الأسهل: حاول دائماً أن تفكر في البدائل، فبدلاً من شرائك البطاطا الجاهزة للقلي على سبيل المثال، استبدلها بالبطاطا الطازجة، فهي بالتأكيد أفضل صحياً وأوفر مادياً، وكذلك الوجبات السريعة، فبدلا من شرائها جاهزة، قم بإعدادها في المنزل لضمان الجودة والنظافة وكذلك تقليل النفقات.
عليك أن تقوم بتربية أبنائك على وجود سياسة معينة أنت تختارها، كتحديد سقف مالي لكل طفل، يشتري به ما يشاء، أو أن تحدد له لعبة واحدة فقط وهكذا
- إرخاء الحبل للأطفال: عليك بالحذر من فتح باب الاختيار لأبنائك في المولات، سواء لما يؤكل أو للألعاب، وهنا عليك أن تقوم بتربية أبنائك على وجود سياسة معينة أنت تختارها، كتحديد سقف مالي لكل طفل، يشتري به ما يشاء، أو أن تحدد له لعبة واحدة فقط وهكذا.
- اصطحاب الزوجة دون تخطيط مسبق: حاول أن تتفق مع زوجتك مسبقاً على تلك النقاط السابقة قبل دخولك للمول، فإن الكثير من النساء لا يستطعن مقاومة طريقة عرض السلع والعروض التي عليها، فتراها تجمع في تلك العربة ما هو خارج عن الحاجة وذو الجودة الرديئة وبكميات خيالية، ولسن كلهن هكذا.
وأخيراً، أنصحك بتجميع فواتير المولات عندك في المنزل، وقم بمراجعتها شهرياً، واسأل زوجتك عن الكميات التي لم يتم استخدامها مما اشتريته خلال الشهر، لتكتشف بنفسك كم أهدرت من مال ووقت، كنت تستطيع أن تختصرهما بأقل من ذلك بكثير، وتذكر أن درهماً واحداً أنفقته سرفاً ربما سيلاحقك إثمه، وقد كنت تستطيع أن تدفعه لفقير فتستفيدان منه أنتما الاثنان.