لقد اتبع الكيان الصهيوني منذ بداية نشأته الكذب والمراوغة والاحتيال والتلفيق سياسة رئيسية يبنى عليها كيانه، وأصبح الكذب جزءاً من أدوات الفعل السياسي التي قام عليها الكيان، سواء على المستوى الدولي بينه وبين الدول، أو على المستوى الداخلي.
منذ نشأته كذب الكيان الصهيوني على المجتمع الدولي وخصوصاً أمريكا بأن #فلسطين أرض بلا شعب، في الوقت الذي كان فيه الناس يعيشون بتاريخهم وحضارتهم وثقافتهم، ثم كذبوا إلى أنهم يسعون جاهدين لتحويل فلسطين فقيرة الموارد والمصادر، والتي يقطنها أناس بدائيون، إلى أرض العسل والبرتقال، فقد كانوا بداية الخمسينيات يصدرون البرتقال المزروع في شمال فلسطين ووسطها إلى أمريكا بسعر أقل من تكلفة إنتاجه مقارنة مع المياه المستخدمة بالري حتى تصدق نبوءتهم وتصبح ذاتية التحقق.
لم يكن للصهاينة أن يؤسسوا دولة يهودية في فلسطين من دون إبادة عرقية واسعة لسكانها العرب الموجودين هناك منذ قرون، وقد أدرك قادة #الصهاينة هذه النقطة على نطاق واسع قبل تأسيس دولة "إسرائيل"، وجاءت الفرصة المواتية لطرد الفلسطينيين في أوائل العام 1948، عندما نشبت الحرب بين الفلسطينيين والصهاينة بعد قرار الأمم المتحدة تقسيم فلسطين إلى دولتين، أجلى الصهاينة عرقياً نحو سبعمئة ألف فلسطيني من أرضهم، ورفضوا بإصرار السماح لهم بالعودة إلى منازلهم حتى بعد أن توقفت الحرب!
لم يكن مستغرباً أن يبذل الصهاينة وأصدقاؤهم خصوصاً في أمريكا جهوداً كبيرة لتوجيه اللوم في عملية طرد الفلسطينيين إلى الضحايا أنفسهم
ولم يكن مستغرباً أن يبذل الصهاينة وأصدقاؤهم خصوصاً في أمريكا جهوداً كبيرة لتوجيه اللوم في عملية طرد الفلسطينيين إلى الضحايا أنفسهم، واستناداً للأسطورة التي جرى اختراعها وتأليفها، فإن الفلسطينيين لم يتم "تطهيرهم عرقياً" من قبل الصهاينة بل كما ادعى الكيان وروج للغرب والعالم أنهم فروا من منازلهم؛ لأن الدول العربية المحيطة بهم طلبت منهم المغادرة حتى تتمكن جيوشها من الدخول وإلقاء #اليهود في البحر، ثم يعود الفلسطينيون إلى منازلهم بعد أن يجري تطهير اليهود.
لقد تم ترويج هذه القصة بشكل واسع في العالم وخصوصاً أمريكا على مدار أربعة عقود متتالية، وقد أنفق الكيان ملايين طائلة وبضغط من اللوبي اليهودي في أمريكا لإقناع الأمريكيين في هذه الرواية!
لقد لفق الكيان الصهيوني الحقائق حتى تلك التي خرجت من باحثين فيه تؤكد أن عمليات تطهير عرقي ارتكبت بحق الفلسطينيين، وحينما بدأت هذه الأبحاث التاريخية الظهور والانتشار بشكل واسع في العالم الغربي بدا أقل تعاطفاً مع هذا الكيان لتبقى عقدة الاعتراف تطارده.
كذبة أخرى في السياسة الدولية ارتكبها الكيان الصهيوني، حينما روجت المجموعات اليهودية للعالم بشكل واسع النطاق بعد وعد بلفور المشؤوم أن الفلسطينيين يبيعون أرضهم لليهود، وقد دفع الكيان مبالغ مالية طائلة لبعض العائلات الدرزية في الشمال لبيع بيوتها وتعميم بعض الظواهر التي لا تتجاوز أصابع اليدين على عموم الفلسطينيين أنهم باعوا أرضهم من أجل المال، وبدؤوا يغلغلون روايتهم في الأوساط العربية خصوصاً، حتى ظهرت النماذج المعاكسة تماماً لعدد كبيرة من البيوت الفلسطينية التي رفض أهلها بيعها بالرغم من وضعهم المادي الصعب وتضييق الاحتلال عليهم من كل النواحي، بل واعتقالهم وهدم بيوتهم إلا أنهم ما زالوا متمسكين بأرضهم.
وسعى الكيان الصهيوني للعب على المتناقضات وتدبير الكمائن ثم نفي دوره بها، ففي عام 1954 تورط الموساد الصهيوني بما يعرف بفضيحة "لافون" نسبة إلى وزير الدفاع الصهيوني آنذاك "بنحاس لافون" أو ما عرف بعملية "سوزانا" سعى من خلالها الكيان الصهيوني إلى تخريب علاقة مصر مع بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، وذلك بزرع شبكة جاسوسية تابع له داخل مصر، وتخريب المنشآت البريطانية والأمريكية واتهام المصريين بالتخريب، نتجت عنه تفجير مكتبتي مركز المعلومات الأمريكي في الإسكندرية والقاهرة، وضرب بعض الأهداف الأخرى في أماكن متعددة، وحين تم القبض على المخربين صرح رئيس وزراء الكيان الصهيوني موشي شاريت كذباً أن "المسألة برمتها مكيدة دنيئة دبرت في الإسكندرية، وأن محكمة صورية عقدت لمحاكمة مجموعة من اليهود سقطوا ضحية لاتهامات كاذبة.
خلال حرب غزة 2014 اتبع رئيس أركان جيش الاحتلال "أيزنكوت" سياسة الأرض المحروقة، في تدمير المناطق الحدودية الشرقية لقطاع غزة بشكل كبير، لتصبح على شكل "غابة إسمنيتة" أي بنايات من الإسمنت محروقة خاوية من البشر، ولكن التلفيق والخداع والتضليل هو محور تركيز أيزنكوت لتبرير جريمته للعالم، حيث حاكى القانون العالمي وحاول قوننة هجومه من خلال إرسال أوراق عبر الطائرات للساكنين الفلسطينيين في المناطق الشرقية "رفح- خزاعة- الشجاعية- بيت حانون" تطالبهم بالخروج من بيوتهم، ثم أجرى اتصالات مسجلة على هواتف عدد من البيوت يطالبهم بها للخروج، وبعدها اجتزأ صور النازحين من هذه الأماكن وقدمها للعالم أنه حذر المدنيين وطالبهم بالخروج وقد خرجوا بالفعل وما تبقى هم المقاتلون، والدمار الهائل في تلك المناطق ناتج عن ميدان القتال المباشر بين الطرفين.
هذا التضليل أبطل زيفه الإعلام بعرضه لمئات القتلى والجرحى من المدنيين الفلسطينيين داخل بيوتهم، وفي الشوارع وعلى مفترقات الطرق، لكن الاحتلال الصهيوني أراد تمرير روايته وتطعيمها بالخداع والتضليل.
بعد حرب العصف المأكول اتجه المستوى السياسي الصهيوني لاستخدام الكذب الموجه لجمهوره الداخلي بإخفاء العدد الحقيقي للقتلى في غزة من جنوده، وتهويل دور القبة الحديدية في صد الصواريخ والادعاء أنهم نجحوا في كبح جماح المقاومة وتدمير الأنفاق
وبعد الحرب اتجه المستوى السياسي الصهيوني برئاسة نتنياهو لاستخدام الكذب الموجه لجمهوره الداخلي بإخفاء العدد الحقيقي للقتلى في غزة من جنوده، وتهويل دور القبة الحديدية في صد الصواريخ، إضافة لتصريحات عدد من القادة الصهاينة المتكررة أن العملية نجحت في كبح جماح المقاومة وتدمير الأنفاق، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل طالبت لجنة مراقبة الإعلام في الكيان عدم الحديث عن الجنود المفقودين في غزة، واعتبارهم أموات حتى يخفف الضغط الموجه له من قبل الشارع في تقديم تنازلات للمقاومة.
لقد قام الاحتلال الصهيوني على الكذب والتلفيق والخداع مستغلاً الإعلام الغربي الموالي، واللوبي اليهودي في أمريكا والعالم، لترويج حقائقه وتحول أساطيره إلى نبوءات ذاتية التحقق، لكن الحقيقة أن هذا الكيان بدأ يواجه أزمة كبيرة بارتباط اسمه في الجيل الجديد بالكيان المجرم القاتل، وكذلك في عصر الإعلام الرقمي صار من الصعب إخفاء الحقائق كما في الماضي، ليتضح كذب هذا الكيان الغاصب.
معلومات الموضوع
مراجع ومصادر
- لماذا يكذب القادة – جون ميرشايمر