هل يكون الوالدان أحد أسباب السلوك السيئ لطفلهما؟

الرئيسية » بصائر تربوية » هل يكون الوالدان أحد أسباب السلوك السيئ لطفلهما؟
Family28

ليست التربية إملاءً نظرياً وخطوات يمكن اتباعها بالنقطة والفاصلة، ولا هي قواعد وليست دروسًا وقوانين!

#التربية عملية بسيطة في مجملها إذا تناغم طرفاها، أو أطرافها بالأصح، لكنها تصبح معقّدة طالما ظلت التجارب التي تؤدي إليها إجمالاً مشوشة ومشوبة بالقلق، الرفض، الالتواء أحياناً... إذ أن التربية نتاج مجموعة من التجارب اليومية، والمواقف المشتركة محلّاة بتوجيهات ونصائح وقدوة وقيماً  .

وبينما ينتظر الوالدان والمربون عموماً من الطفل أن يكون صورة طبق الأصل للآدمي الخيالي الذي يسعون لصنعه، يفاجئهم بأنه لم يستفد من أي أمر وجهوه إليه قبل ذلك، يعني أن أسلوب الأمر والتوجيه النظري ومحاولة صناعة طفل مطابق لصورة في ذهن المربين هي مشكلة كبيرة!

وحين يلاحظ المربي على الطفل سلوكيات مفاجئة له غريبة عليه تظهر فجأة دون سابق إشارة: (تبوّل لا إرادي – عناد – ألفاظ غير مهذبة – ضرب الأقران – الصراخ والبكاء المستمر في أي مكان – رفض الأكل – رفض النوم... إلخ). فيظنّ مباشرة بأن الطفل مريضٌ، أو أنه يتعمّد مخالفة الأوامر، إلا أن الأمر حسب آراء الخبراء يعود إلى خلل في التربية، وأن ما ينفجر فجأة هو نتيجة طبيعية لكبت طويل لا يجرؤ الطفل على تفريغه أولاً بأول.

التربية نتاج مجموعة من التجارب اليومية، والمواقف المشتركة محلّاة بتوجيهات ونصائح وقدوة وقيماً

كيف تعاملت مع طفلك في سنوات عمره الثلاث الأولى؟[

يتعامل الوالدان في تلك المرحلة بالذات مع #الطفل، وكأنه دمية أو لعبة، وأنه لا يفهم الكثير أو لا يعي شيئاً، وهذا خطأ فادح؛ لأن السنوات الثلاث الأولى تعدّ أخطر مراحل تربية الطفل وأكثرها تعقيداً، والطفل في تلك المرحلة يفهم ويعي ويشعر بكل شيء  .

إذ في تلك المرحلة يبدأ الطفل باكتشاف ذاته ويحاول التعبير عنها بالحركة والكلمة، والطموح للاستقلالية، والرغبة الشديدة في كسب إعجاب الجميع، ولفت الأنظار، وحيازة اهتمام الوالدين والمحيطين بالمجمل، فتجده يتلفظ: (أنا، أريد، لي.. إلخ) ويسعى لامتلاك الأشياء التي لا تخصه بالذات.

قد ينزعج الوالدان من تصرفه، ويلجآن للعقاب، خصوصاً إذا تسبب لهما الطفل بالإحراج أمام أصدقائهما أو في الأماكن العامة، بينما قد يفضّل البعض تحاشي ثورته وعناده بإعطائه ما يريد بدون نقاش.

السلوكيات السيئة للطفل تسبب للوالدين المشاكل في كل الحالات، وتحملهما عبئاً تربوياً مرهقاً، ولا يخطر لتفكيرهما أنهما قد يكونان منبعه

قد يتساءل #الوالدان عن سبب كون السلوكيات المزعجة عابرة لدى البعض، بينما تصبح نمطاً دائماً لدى آخرين، والمشكلة أن السلوكيات السيئة تسبب للوالدين المشاكل في كل الحالات، وتحملهما عبئاً تربوياً مرهقاً، وجهوداً مضنية شعورياً ومادياً، ولا يخطر لتفكيرهما أنهما قد يكونان منبعه.

في ذلك تقول د. لين كلارك، تحت عنوان: (منابع السلوك السيئ عند الأطفال): "إن هناك ثلاث قواعد أساسية تنظم تربية الطفل، يتعين على الوالدين مراعاتها. وهذه القواعد سهلة التطبيق، غالباً ما تجنب المتاعب السلوكية التي تصدر عن أولادهما، والالتزام بهذه القواعد يستوجب الاستمرارية واتخاذها نهجا تربويا أساسياً، وهذه القواعد هي:

1. إثابة السلوك المقبول الجيد إثابة سريعة بدون تأجيل: وتكون الإثابة عاطفياً وكلامياً (بالمدح والتشجيع والتقبيل)، أو بإعطائه قطعة حلوى، ووعده بمتابعة إثابته في كل مرة يسلك سلوكاً جيداً، والأمر كذلك عند علاج سلوك خاطئ يثاب الطفل عن كل مرة يتجنبه فيها.

2. عدم إثابة السلوك السيئ ولو إثابة طارئة عارضة، أو بصورة غير مباشرة: فلا يجب السماح للطفل بالترفيه حين لا يلتزم بواجبه، فبذلك فقط يصبح السلوك السيئ سهل الإزالة والمحو، وأقل احتمالاً في استمراره أو ظهوره مستقبلاً.

3. معاقبة السلوك السيئ عقاباً لا قسوة فيه ولا عنف شديد".

أسباب مشاكل السلوك لدى الأطفال؟

وإن كانت مشاكل السلوك ذات درجات متفاوتة كما أسلفنا، كما أن بعضها يكون عارضاً عابراً، والبعض الآخر مزمنٌ يستمر مع الطفل، ووالديه ويشقّ عليهما تغييره لاحقاً، وإن معرفة الأسباب تجعل الوقاية من حدوث المشاكل أسهل، وفيما يلي عدة أسباب أوردها الخبراء التربويون لمشاكل السلوك التي تواجه الوالدين مع طفلهما:

1. البخل العاطفي: إذا لم يحصل الطفل على الحنان الكافي؛ لأن الوالدين منشغلان بالحياة اليومية والعمل!

2. انعدام الأمان: إذا لم يشعر الطفل بالأمان في أسرة متفككة أو كثيرة العدد لدرجة إهماله من قبل الوالدين.

3. المبالغة في الدلال والحماية: إذا كان الطفل الأول للعائلة أو الذكر الأول بعد عدة بنات يحصل على دلال يمكن أن يفسد سلوكياته، كذلك الأمر حين يكون الطفل مريضاً ويحيطه الوالدان بالرعاية والحماية دون حساب، كلا الأمرين يضره أكثر مما يفيد.

4. الشدة التي تؤذيه وتقيّد حريته: معاقبة الطفل أكثر مما يستوجب خطؤه، أو معاملته على الدوام بصرامة وتوبيخه، بالإضافة إلى عدم إعطاء الطفل قدراً كافياً من حرية الحركة واللعب والتعبير.

5. الإهمال غير المقصود: لعل ولادة طفل جديد في العائلة، والتركيز الشديد على راحة المولود ورعايته الدائمة والاهتمام به يشعر الطفل الأكبر بعدم أهميته، فيحاول لفت الانتباه بسلوكه المزعج حتى يبدد هذا الإهمال غير المقصود من الوالدين.

تصرفات المحيطين سبب مباشر في السلوك المزعج للطفل، فهو يلتقط كل شيء من حوله بسرعة ويخزنه في عقله، ثم يقلّده

6. ما يفعله ويقوله المحيطون: تصرفات المحيطين سبب مباشر في السلوك المزعج للطفل، فهو يلتقط كل شيء من حوله بسرعة ويخزنه في عقله، ثم يقلّد سلوك الآخرين، وخصوصاً الأطفال في عمره.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتبة فلسطينية من قطاع غزة، تحمل شهادة البكالوريوس في علوم المكتبات والمعلومات، وعدة شهادات معتمدة في اللغات والإعلام والتكنولوجيا. عملت مع عدة قنوات فضائية: الأقصى، القدس، الأونروا، الكتاب. وتعمل حالياً في مقابلة وتحرير المخطوطات، كتابة القصص والسيناريو، و التدريب على فنون الكتابة الإبداعية. كاتبة بشكل دائم لمجلة الشباب - قُطاع غزة، وموقع بصائر الإلكتروني. وعضو هيئة تحرير المجلة الرسمية لوزارة الثقافة بغزة - مجلة مدارات، وعضو المجلس الشوري الشبابي في الوزارة. صدر لها كتابان أدبيان: (وطن تدفأ بالقصيد - شعر) و (في ثنية ضفيرة - حكائيات ورسائل).

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …