لا فالنتاين ولا كيوبيد… أهل الحبّ به أولى

الرئيسية » بصائر تربوية » لا فالنتاين ولا كيوبيد… أهل الحبّ به أولى
love13

لا "ڤالنتاين" ولا كل قبيلته، ومن في عصره، أو تابعي ذيله، ولو جمعوا أصوله وفروعه وكلماته وأنغامه وتطبيقاته وقصائده وتماثيله ومحاولاتهم أجمع، لن يأتوا بما يدنو من وصف مُعلّم الحُبّ للحب حين قال صلى الله عليه وسلم: "لا تؤذوني في عائشة" (رواه البخاري)، هل رأى العالم أو عرف حباً كهذا قطّ؟

ثم إنّ يوماً واحداً لن يكفي – في شريعتنا – للحب؛ لأننا مجبولون على الحبّ ، قرآننا يفيض به، سنة النبي صلى الله عليه وسلم وحياته مدرسة متكاملة بمناهجها وطرق تدريسها واختباراتها، هو مثلٌ أعلى في حبّه لأزواجه، لآل بيته، لأصحابه، ولعامة القوم!

ولذلك، فإن يوم الحب الذي يقرره العالم سيظلّ بحاجة إلى الصيانة والتوسيعات ، والحبّ لمن يحتاج أن يعرفه ويقرأ عنه، ويعيشه... أولى أن يعود لأصله، وأصل #الحب الإسلام وأهله، وإن شذّ عن القاعدة من لم يفهمه حق الفهم!

الحبّ لمن يحتاج أن يعرفه ويقرأ عنه، ويعيشه... أولى أن يعود لأصله، وأصل الحب الإسلام وأهله، وإن شذّ عن القاعدة من لم يفهمه حق الفهم

مفارقات الفهم العام للحبّ:

يصدّر الإعلام أسوأ صورة عن الحبّ، وهي مبالغ بها ونعلم - بالمناسبة - أنها كاذبة تماماً، ويعلم الجيل ذلك، إلا أنه ما يزال متعلقاً بها، متخيلاً الحب ليس إلا ما تأتي به ريح الدراما التركية، والسينما الهندية، والبرامج الواقعية الأمريكية، بينما الحقيقة غير ذلك تماماً.
وللأسف، فإن المطّلع على الدراسات التي تقدمها المؤسسات البحثية بين وقت وآخر، يلاحظ اتساع فجوة الفرق بين ما يؤكده الواقع وما يصدّره الإعلام الترفيهي بأحجام مهولة، فإن ما نسبته 96 بالمائة ممن يعيش الحب كحالة درامية – فنية، بالكتابة، الرسم، التمثيل، الغناء... وغيرها من الفنون، يعترف بأن ذلك بعيد كل البعد عن واقعه وأنه يكتب من منطلق البحث عما يحقق نسبة مبيعات ومشاهدات أعلى.

لو عرف الجيل العربي العزيز، أنه في عيون هؤلاء، ليس أكثر من أداة/ مجرد أداة، لزيادة نسبة المبيعات، وتحسين فرص التسويق والظهور، هل تراه سيظلّ مؤمناً بالصورة المشوّهة التي يصدرها الإعلام عن الحب؟

يخلط صناع الفنون بين الحب والإباحية، بينما لا يمكن أن يقبل ذلك إنسان يحترم إنسانيته، ويعرف كيف يعيش ويتقن إدارة حياته وعلاقاته بالحبّ!

كما أن الابتذال والإسفاف في وصف هذه القيمة العليا مرفوض، فيما يعدّ الحب إكسير الحياة، والوصفة السرّية للسعادة، يخلط صناع الفنون بين الحب/ والإباحية، بينما لا يمكن لإنسان يحترم إنسانيته، ويعرف كيف يعيش ويتقن إدارة حياته وعلاقاته بالحبّ، أن يقبل ذلك!

معظم الآباء في الدراسات ذاتها يتخوّفون من الفهم الخاطئ للحب في مخيلة الابن، هل يتصوّر أبناؤنا أن الحبّ بيئة حمراء ومعايدة في يوم من العام؟ إن تخيّل هذا مرعب، وسوف يسهل مهمّة من يصدّر الموت والدماء كأنها أرخص من دمية أو وردة مع كارت معايدة في عيد الحبّ!

وبرغم الانفتاح الرهيب للمجتمع في الآونة الأخيرة على الإعلام ومنافذه المتعددة، إلا أن الدراسات تشير إلى أن أغلب مشاكل المجتمع العربي، تنبع من غياب عنصري المحبّة والتفاهم عن العلاقات، في المدارس، في البيوت، والمجتمعات، الأسر تتفكك، البنات يهربن من البيوت، نسبة الطلاق ترتفع، الأجيال تفر من التعليم.

ومع أن النموذج السليم للحب موجود بين أيدينا لكننا نبحث عنه بعيداً، بعيداً جداً ، والحقيقة أن الإدارة، التعليم، التوجيه ... كل ذلك ينجح بالحب السليم الذي يحقق مستوى من الأمان للإنسان، ونخطئ في فهم تعاليم الإسلام فيه فنبحث عنه في أماكن أخرى؛ لأننا بنينا معرفتنا به على مصادر شوّهت صورته في أذهاننا!

فهذا النبي محمد صلى الله عليه وسلم يصرّح بحبه لعائشة وأبيها في قصة الصحابي عمرو بن العاص رضي الله عنه، ويصرّح بحبه لابنته وزوجها وحفيديه منها، ويصرّح بحب أخته –من الرضاعة- الشيماء ويحتفي بها بين صحابته، إلا أن البعض بات يحذّر من إعلان الحب وكأنه عورة !

نموذج عربي مشرّف:

في أحد البرامج التدريبية، للكوتش السعودي/ فواز العصيمي ( مدير المدرسة العربية للكوتشينج، وباحث في التوازن الإنساني) يقول: إن نجاح عملية التوجيه الفعّال يستوجب تهيئة البيئة المناسبة، برسم دائرة أمان، يشعر فيها المستفيد بالثقة تجاه المدرب؛ ليحقق أقصى استفادة، وإنّ خلق منطقة الأمان لا يتم إلا بوجود عنصرين مهمّين، هما: المحبّة، والمصاحبة.

وهو واحد من عدة أفراد يشكّلون طاقم المدرسة العربية للكوتشينج، التي أسسها مدرّبون من مختلف البيئات الفكرية، وتعدّ حديثة النشأة في المجال، لكنها تؤدي دوراً كبيراً ومهمّا في الإرشاد والتوجيه الفاعل للأفراد والمجتمع بشكل عام.

ويتمثل دورها في تحقيق جدوى حياة الناس، ولفت أنظارهم إلى القدرات والطاقات الكامنة في نفوسهم، والعمل على تحريرها؛ لتحقيق حياة أفضل إجمالاً، ورفع قيمة المجتمع وحلّ مشكلاته الكثيرة، التي يتأتى حلّها من فهم الذات والطبيعة الإنسانية أولاً!
لفت انتباهي أن هذه المدرسة كنموذج عربي المتميّز، تنتهج في فلسفتها الخاصة مبادئ النبي صلى الله عليه وسلم في تعليم وتدريس أصحابه ومجتمعه بالمحبّة والمصاحبة، وتعتمده مثلاً أعلى للمستفيدين كشخص عاش حياته محباً ومحبوباً حتى من أعدائه، حين كرّس عمره كأنه في دورة تنموية مستديمة!

يوم الحبّ المستديم الموسّع، هو اليوم الذي يقرر العالم فيه أن يطبّق حب محمد صلى الله عليه وسلم لامرأته، وأهله، وصحابته وأمته!

أتوقع أن نبينا صلى الله عليه وسلم هو أصل الحبّ، وأهل الحبّ، وهو به وبنسبه إليه أولى ، وإن يوم الحبّ المستديم الموسّع، هو اليوم الذي يقرر العالم فيه أن يطبّق حب محمد لامرأته، وأهله، وصحابته وأمته!

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتبة فلسطينية من قطاع غزة، تحمل شهادة البكالوريوس في علوم المكتبات والمعلومات، وعدة شهادات معتمدة في اللغات والإعلام والتكنولوجيا. عملت مع عدة قنوات فضائية: الأقصى، القدس، الأونروا، الكتاب. وتعمل حالياً في مقابلة وتحرير المخطوطات، كتابة القصص والسيناريو، و التدريب على فنون الكتابة الإبداعية. كاتبة بشكل دائم لمجلة الشباب - قُطاع غزة، وموقع بصائر الإلكتروني. وعضو هيئة تحرير المجلة الرسمية لوزارة الثقافة بغزة - مجلة مدارات، وعضو المجلس الشوري الشبابي في الوزارة. صدر لها كتابان أدبيان: (وطن تدفأ بالقصيد - شعر) و (في ثنية ضفيرة - حكائيات ورسائل).

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …