قال عنه الدكتور أحمد الرَّيسوني، نائب رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين: "لو فتحنا حاسوبه اليدوي، لوجدنا العمل جارياً على قدم وساق: في تحرير بحث أو تنقيحه، أو تأليف كتاب جديد، أو مراجعة كتاب سابق، أو الإعداد للمشاركة في ندوة علمية، أو التخطيط والتحضير لمشروع علمي جديد".
إنَّه الدكتور سعد الدين العثماني، الرَّجل الثاني في حزب العدالة والتنمية، وشغل منصب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية بين 2004-2008م، ووزير الشؤون الخارجية والتعاون" في حكومة بنكيران بين 2012-2013م، وكلّف مؤخراً بتشكيل الحكومة المغربية، وهو ذاته المتخصّص في الطب النفسي، والحاصل على عدد من الشهادات في مجال علوم الشريعة، منها:الماجستير في أصول الفقه ببحث (تصرفات الرسول صلى الله عليه وسلم بالإمامة وتطبيقاتها الأصولية).
فقد جمع في علمه بين تخصّص الشريعة وعلومها وبين ممارسة السياسة وتطبيقاتها، لنعرض كتابه "الدين والسياسة تمييز لا فصل"، الذي بثّ فيه رأيه وخلاصة تجربته في هذا الموضوع، وحاول تقديم وجهة نظر شرعية أصولية لسؤال العلاقة بين الدين والسياسة، فإلى التفاصيل:
مع الكتاب:
يرى الدكتور سعد الدين العثماني أنَّ العلاقة بين الديني والسياسي في الفكر المعاصر اتخذت صيغاً مختلفة، وفي كثير من الأحيان متناقضة، وقد اتخذت في الغرب أشكالاً متباينة على الرغم من وجود قواسم مشتركة، وكل تجربة لها سياقها الخاص، وكل مجتمع يتواضع على صيغة معينة انطلاقا من خصوصياته.
ويقول موضحاً للهدف من تأليف الكتاب: "ونريد هنا تقديم رأي في الرؤية الأوفق للعلاقة بين الدعوي والسياسي: أهي تطابق أم انفصال؟ وهل لهذه العلاقة جذور فكرية في ثقافتنا الإسلامية؟".
ويوضح منهجه في الكتاب بالقول: "والمدخل الذي اخترناه هو تحديد المقصود بالدين، لأنَّ كثيراً من الاختلافات وسوء التفاهم بين مختلف المدارس المتصارعة في موضوع علاقة الدين بالسياسة يرجع إلى الاختلاف المصطلحي أكثر منه إلى جوهر الإشكاليات".
ويضيف: "ولذلك فإننا سنحاول بداية تمييز معاني “الدين” في اللغة والشرع، قبل أن نعرج على أوجه التمييز بين الدين والسياسة في الفكر الإسلامي وفي الواقع المعيش".
والكتاب عبارة عن خمسة مقالات كان المؤلف قد نشرها سابقاً، وأضاف إليها مقالاً سادساً في خاتمة الكتاب.
فقد ضمَّ الكتاب بين دفّتيه ستة مقالات:
المقالة الأولى: جاءت بعنوان: "تصرفات الرسول بالإمامة أو طبيعة الممارسة السياسية في الإسلام"، وتبحث في تصرفات النبي صلى الله عليه وسلم السياسية في محاولة لتمييزها عن تصرفاته الدينية، قدَّم لها بجملة من التنويهات الأولية حول واقع الحركات الإسلامية، ليدخل بعدها لبحث التصرفات النبوية وأنواعها.
وحملت المقالة الثانية بعنوان: "لتصرفات النبوية الإرشادية سمات ونماذج"، تحدّث فيها عن عطاءات العلماء في تمييز مقامات التصرف النبوي، ثمَّ خصَّ الكلام فيها على تصرَّفات النبيّ صلى الله عليه وسلم الإرشادية، التي وصفها بقوله: "ترشد إلى الأفضل من منافع الدنيا خاصة"، وحدَّد لها أربع سمات وهي:
- أنها مطلوبة لمصالح الدنيا لا لمصالح الآخرة.
- أنَّه لا قربة فيها ولا ثواب من جهة الأصل، إلا أن تكون على وجه الاتّباع.
- أنه لا حرج في عدم الامتثال لها.
- أنَّها لا تسمَّى سنّة بالمعنى الذي استعمله الصَّحابة والعلماء في القرون الخمسة الأولى.
"الدين والسياسة تمييز لا فصل"، الذي حمله عنوان الكتاب، كان عنوان المقالة الثالثة، حيث بحث المؤلف الصلة بين الديني والسياسي، وفصَّل الكلام حول معنى الدين وإطلاقاته في الكتاب والسنة، وانتهى إلى أنَّ له إطلاقين: الأوّل: عام يشمل مختلف أوجه نشاط المسلم. والثاني: خاصّ وهو التعبدي من الدين مقابل العادات أو الدنيا.
وخصَّ المؤلف المقالة الرّابعة والخامسة للحديث عن تجربة حزب العدالة والتنمية وعلاقة الحزب بالمرجعية الإسلامية، حيث حملة المقالة الرّابعة عنوان: "حزب العدالة والتنمية تفاعل خطابي الهوية والتدبير"، حيث فصّل الحديث عن معنى المرجعية وتطبيقاتها في الواقع من خلال مستويات عدَّة منها: البرنامج السياسي والخطاب والشعارات المرفوعة والعضوية والشروط وبرامج التكوين، والعلاقة مع المواطنين والناخبين.
وفي السياق ذاته، أجاب في المقالة الخامسة: "حزب العدالة والتنمية بين الهوية والمرجعية". عن بعض الإشكالات، التي تدور حسب المؤلف، حول أمرين هما: الأول: أنَّ الطرح تشبث بثنائية مزعومة بين الهوية والتدبير. والثاني: أنَّ الحزب بدون الدفاع عن قضايا الهوية يناقض منطلقاته، وسيفقده الكثير. وكانت إجابة المؤلف مركّزاً على ضرورة التمييز بين مفهومَي الهوية والمرجعية.
أمَّا المقالة السادسة والأخيرة في هذا الكتاب، فجاءت بعنوان: "تمييز الديني والسياسي عند الأستاذ محمد عبده"، حيث عرض فيها مفردات الفكر السياسي لدى محمد عبده، من خلال عناوين منها: نفي وجود السلطة الدينية في الإسلام. الحاكم في الإسلام حاكم مدني. الوظائف الدينية ليست سلطات تمارس على الناس. التمييز بين الرابطة الدينية والعقدية والرابطة السياسية. عدم وجود شكل محدد لممارسة الحكم في الإسلام. رفض استبداد الحكام، وطلب تقييد تصرفاتهم بالقانون.
مع المؤلف:
- سعد الدين العثماني من مواليد 16 كانون ثاني/ يناير 1956م.
- سياسي وطبيب عام ونفسي وباحث وفقيه.
- حصل على درجة الدكتوراه في الطب العام سنة 1986، بكلية الطب والصيدلة بالدار البيضاء.
- حصل على درجة الماجستير في أصول الفقه ببحث (تصرفات الرسول صلى الله عليه وسلم بالإمامة وتطبيقاتها الأصولية).
- شغل منصب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية بين 2004-2008م.
- نائب برلماني بمجلس النواب المغربي لثلاث ولايات: 1997 ـ 2002، و 2002 ـ 2007، و 2007 ـ 2012م.
- له العديد من المؤلفات المنشورة منها: أصول الفقه في خدمة الدعوة، طلاق الخلع واشتراط موافقة الزوج، فقه المشاركة السياسية عند شيخ الإسلام ابن تيمية، في الفقه الدعوي: مساهمة في التأصيل، وغيرها.
- لديه عشرات المقالات في مجلات مغربية وغير مغربية، عربية وفرنسية في المحاور التالية بالخصوص: الفقه السياسي والفقه الدعوي. نقد الصحوة الإسلامية. قضية المرأة من منظور إسلامي. قضايا طبية في ميزان الشريعة الإسلامية.
بطاقة الكتاب:
العنوان: الدين والسياسة تمييز لا فصل.
المؤلف: د. سعد الدين العثماني.
دار وسنة النشر: المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب، الطبعة الأولى، 2009م.
عدد الصفحات: 146 صفحة.