أن من أهم اساب الانتشار والتمدد والتعلق والولاء داخل أي تجمع بشري مهما كانت الفكرة التي يحملها هي الشفافية والوضوح، وهذه أمور تسري على الجميع بلا استثناء، والحركة الإسلامية هي حركة وتجمع بشري ممتد في كثير من الأقطار والبلدان له منافذ ومقار ولجان وعمل واضح ومعلن.
ولما كان الأصل في العمل الإسلامي هو السعي لتحرير البلاد من كل مستعمر أجنبي فإن هذه الغاية لها تبعات ثقيلة على الفرد والأمة معاً.
لذلك وبلا أدنى مواربة فإن من أكبر مشكلات الحركة الإسلامية اليوم هي أزمة الشفافية سواء مع أفرادها أو متابعيها أو خصومها، وهذا لا بأس به مع الخصوم؛ إذ ليس من الذكاء أن أعطي خصمي رؤيتي واستراتيجيتي، لكن من غير المقبول أن تظل هذه الأزمة مع الأفراد داخل التجمع البشري الواحد، وعندما تطلب الشفافية والوضوح في هذا الأمر يشهر في وجوه المطالبين سيف الثقة العاطفية، وفي هذا غياب كامل للشفافية والوضوح.
وحتى لا يتعجل البعض ويقول بأن الأمور واضحة من رسالة وفهم وغاية ومسار ومسير، أقول إن الأزمة في الشفافية هي تحول مصدر المعلومة والوضوح في أفراد قليلين فقط دون إلمام الصف بطبيعة المرحلة سواء مع الخصم أو النظام العالمي وحجم التغيرات التي تطرأ عليها على مدار الساعة.
إن الحركة الإسلامية اليوم في كل البلدان والأقطار مطالبة وقبل أي وقت مضى بإعلان موقف واحد وشامل عن فهمها لحقيقة الصراع من البداية حتى النهاية، وهل تخلت عن أدبياتها وشعارها الذى يحمل سيفين؟!
إن هذه المطالبات ليس من قبيل الصدفة أو اللغو الفكري ولا التنطع البحثي بلا شك، لكن لأن في حدوثه القوة والمنعة، وإذا كان العالم كله يتحد ضد الفكر الإسلامي سواء علناً أو مواربة فالنتيجة واحدة والهجمة شرسة، ولن تتوقف.
لذا فتوحيد الغايات والسبل وتعدد الوسائل بما يتناسب مع وضع كل حركة في وطنها أمر هام ونافع وله مردود شديد الإيجابية.
الحركة الإسلامية وفي القلب منها الإخوان المسلمون مطالبة اليوم وبشكل سريع برؤية ومنهجية واضحة تجيب عن كل الاستفسارات والتساؤلات المشروعة من الحبيب والقريب
والحركة الإسلامية وفي القلب منها الإخوان المسلمون مطالبة اليوم وبشكل سريع برؤية ومنهجية واضحة تجيب عن كل الاستفسارات والتساؤلات المشروعة من الحبيب والقريب، ولكن مطالبة أكثر وأكثر بموقف بعيد عن نعرات الخلاف والمشكلات والنزاعات والتصنيفات، فالكل خاسر والجرح لازال ينزف.
إن الإخوان المسلمين مطالبون اليوم بتوضيح كافة الحقائق بصدق وإنصاف لأبنائهم ومحبيهم ومتابعيهم بلا تردد أو تأخر، فعامل الوقت ليس دوماً جزءاً من العلاج، لكن حسن الفهم والعمل البناء هو العلاج كله.
نعم الإخوان مطالبون بالشفافية الكاملة مع أفرادها ووضعهم في الصورة بشكل صريح، فليس من حسن القيادة أن تترك الكثير من الأفراد في مواضع التيه بدعوى السرية المفرطة في الوقت الذي تتقرب الجماعة لغير أبنائها بل وتلمع أفراداً كانوا ضد الفكرة الإسلامية على مدار الوقت.
إن الحركة الإسلامية عليها أن تعمل على احتضان أبنائها وتطويرهم وتأهيلهم تربوياً وفكرياً وقيادياً وبحثياً وروحياً وفق المستطاع، ويجب أن لا تتوقف هذه المحاولات حتى لا نصرخ بعد سنوات من غياب القيادات والمفكرين وأصحاب الرأي، فشباب الحركة الإسلامية وفتياتها أولى بالإنفاق والتأهيل.
يجب أن تتحرر العقول أولاً حتى نضمن تحرراً لأوطاننا بما يخدم على المشروع الإسلامي الصادق
ختاماً.. الحركة الإسلامية في مصر خصوصاً في وضع حرج ليس من فجور الخصومة فقط، لكن مع غياب الوعي أو تعمد تغييبه من البعض، لذلك يجب أن تتحرر العقول أولاً حتى نضمن تحرراً لأوطاننا بما يخدم على المشروع الإسلامي الصادق الذي يحبب ويقرب ويحرر الأوطان من كل مستعمر خارجي.
والوعي والعمل هما الضمانة القوية لعقول راجحة وقلوب صادقة مع ربها تعمل على النهوض بأنفسها، لذلك على الجميع استنفار الطاقات، وعلى القيادات توظيف الإمكانيات والملكات الضخمة لأفراد الحركات الإسلامية مع الوضوح الكامل في البناء والخطط بلا ضبابية مفرطة، تحول الصراع إلى تيه غامض تكون ضريبته كل يوم أقوى وأقوى، فهل وصلت الرسالة؟