تربية الأطفال ليس أمراً سهلاً؛ فهو أمر أكبر من تقديم الطعام والرعاية لهم؛ فتعديل #السلوك وغرس المفاهيم والقيم بشكل صحيح أمر لا بد منه لتسير حياة #الطفل بشكل سليم طيلة عمره، و#التربية السليمة هي ضمان لمستقبل آمن فالطفل في مراحل عمره الأولى كالصفحة البيضاء يتأثر بكل ما يدور حوله، لذلك يحمل الأبوان على عاتقهما رسم كل ما هو إيجابي وسليم على هذه الورقة التي هي بمثابة خطة طريق لخطوات طفلهما المستقبلية.
"بصائر" قامت بإجراء حوار مع الدكتور يزن عبده، المستشار الأسري والتربوي، حول أبرز الأمور التي تشغل بال الآباء والمربين، فإلى الحوار:
بصائر: كثيراً ما يقرر الآباء فجأة تعديل أسلوبهم التربوي بأسلوب أفضل مع الأبناء؛ لكن الهمة تفتر بعد فترة، من أين يجب أن تبدأ خطة تعديل المسار التربوي برأيك؟
د. يزن عبده: في البداية يجب أن نعي أن التغيير يجب أن يكون تدريجياً؛ فالتغيير لا يمكن أن يتحقق بكبسة زر .
ثانياً: على الأهل أن لا يبحثوا عن المثالية المطلقة في تربية الأبناء؛ من الطبيعي جداً أن يكون هناك هامش خطأ في الأساليب التربوية.
ثالثاً: كثيراً ما يهم الآباء بشكل مفاجئ للتغيير؛ ومن ثم تفتر هذه العزيمة، وهذا الفتور له شكلين من العلاج أحدهما يستحيل تحققه، وهو أن يرافقك الشخص التربوي المختص في كل خطواتك التربوية وتتمكن من استشاراته في كل شيء، والآخر ممكن ومتاح لمن أراد؛ وهو تفعيل دور الإسناد المجتمعي كأن يشجع الآباء بعضهم ويعقدون لقاءات وفعاليات سواء عبر الإنترنت أو من خلال الجلسات للحوار والنقاش والبحث فهذا مما يدفع بالمرء ليكون صاحب همة تربوية دائمة.
على الأهل أن لا يبحثوا عن المثالية المطلقة في تربية الأبناء؛ من الطبيعي جداً أن يكون هناك هامش خطأ في الأساليب التربوية
بصائر: هل تقمص الأبناء سلوك الآباء ظاهرة صحية؟
د. يزن عبده: طبعاً ظاهرة صحية؛ وهي ظاهرة فطرية؛ فالله سبحانه وتعالى خلقنا نحب الماء كحاجة جسدية، ونحب اللعب كحاجة تعليمية، ونحب القدوة كحاجة نمائية ، وهذه فطرة وأول من يقتدي به الإنسان والديه.
لكن الخطورة تكمن في هذا الجانب في حال كان نموذج الوالدين أو أحدهما سلبي، كنموذج عدم الالتزام بالصلاة، أو نموذج التدخين، أو العصبية، أو عدم إدارة الوقت، وعلى الآباء والأمهات أن يعوا أهمية القدوة في التربية وتقديم النموذج الواعي للقدوة.
بصائر: كيف يجب أن نقول لأطفالنا "لا" وكيف نقنعهم بها؟
د. يزن عبده: يجب أن لا يعتاد الطفل على سماع كلمة "لا" كثيراً، فعلى المربي أن يقول "لا" في موقف من كل 4 مواقف خاطئة، عليه أن يقول "لا" في الموقف الخطر وإهمال بقية اللاءات في حال كانت لا تؤثر على الطفل بشكل مباشر؛ يقول سيدنا علي بن أبي طالب: "ثلاثة أرباع العقل التجاهل".
كما يجب علينا أن نعطي الطفل بديلاً مع كل كلمة "لا" نقولها: فمثلاً: "لا" تلعب بهذه العبوة لأنها قد تجرح يدك؛ ما رأيك أن تلعب بـ"الليغو".
على المربي أن يقول "لا" في موقف من كل 4 مواقف خاطئة، عليه أن يقول "لا" في الموقف الخطر وإهمال بقية اللاءات في حال كانت لا تؤثر على الطفل بشكل مباشر
بصائر: وكيف سيقرأ الطفل تجاهل أهله لبعض تصرفاته الخاطئة؟
د. يزن عبده: قد يقرأ ذلك كنوع من السماح والموافقة؛ الأمر الذي سيدفعه للاكتشاف وقد يتوصل بنفسه إلى أن هذا الفعل يؤذيه أو لا يناسبه ويبتعد عنه، وقد يتجاهله ولا يدقق عليه، وعلينا أن نعلم أن كلمة "لا" على كل صغيرة وكبيرة تضعف شخصية الطفل، وكذلك فإن كل ممنوع مرغوب وسيكون أكثر طلباً من المسموح.
بصائر: كم عدد الساعات التي يسمح بها للطفل باستخدام الإنترنت والتكنولوجيا؟
د. يزن عبده: ينصح بأن لا يتعرض الطفل من عمر 0-2 للتلفاز والكمبيوتر والتاب وغير ذلك من وسائل التكنولوجيا.
من عمر 3-5 سنوات يسمح له بـ 45 دقيقة موزعة بين كل من التلفاز والتاب وغيرها من الوسائل.
من عمر5 سنوات فما فوق يجب أن لا يتجاوز استخدام الفرد لوسائل التكنولوجيا بداعي الترفيه لأكثر من ساعة، ويستثنى من ذلك في حال وجود أعمال دراسية أو بحثية أو عمل.
بصائر: هل يتمسك الآباء اليوم بأساليب التربية المتوارثة أم يتطلعون لوسائل التربية الحديثة؟
د. يزن عبده: لاحظت في العامين الأخيرين وبشكل واضح وجود اهتمام بالغ من الأهل بالتربية الصحيحة؛ دون اشتراط أن تكون أساليب قديمة أو حديثه؛ وممن يلفتني توافد حوالي 200 شخص بشكل شهري للاستشارة في المركز وهذا برأيي رقم عالٍ واهتمام غير مسبوق من قبل الآباء.
بصائر: من أي عمر علينا تعليم الأطفال على تنظيم وإدارة الوقت؟ وهل تشجع الروتين أم الفوضى في حياة الطفل؟
د. يزن عبده: أنا مع أن فاقد الشيئ لا يعطيه، الأم التي لا تستطيع إدارة وقتها لن تتمكن من تدريب أبنائها على إدارة الوقت ؛ لذلك أدعو كل الآباء والأمهات للقراءة حول هذا الموضوع والبدء بتطبيقه مع الأبناء والأخذ بعين الاعتبار أن نسبة النجاح في المرحلة الأولى لن تتجاوز 35-40%، وذلك حتى الوصول لتطبيق البرنامج بشكل كامل، والحصول على آلية إدارة الوقت ممكن ومتاح عبر الإنترنت وبشكل مجاني، وأفضل القراءة والبحث في هذا الجانب، وفي حال لم يرغب الشخص بذلك يمكنه الاستعانة بالدورات التدريبية.
أما العمر الأنسب لبدء تنظيم وقت الطفل هو بعد الشهر 24، أي بداية السنة الثالثة من عمره حيث يمتلك الطفل في هذا السن القدرة على التدرب على إدارة وقته كونه قادراً على الكلام والحركة بشكل واضح، وهنا علينا أن ننظم 65% من وقت الطفل، وبقية الوقت ليكن فوضى لكن تحت سيطرتنا .
العمر الأنسب لبدء تنظيم وقت الطفل هو بداية السنة الثالثة من عمره حيث يمتلك الطفل في هذا السن القدرة على التدرب على إدارة وقته كونه قادراً على الكلام والحركة بشكل واضح
بصائر: ما هي السلوكيات التعليمية الشائعة بين الناس والتي يتمنى الدكتور يزن عبده أن يتخلص منها المجتمع؟
د. يزن عبده: كثيراً ما أتمنى أن يبدأ المعلمون يومهم الدراسي الأول في الفصل ببث لغة داعمة وتشجيعية للطلاب، عوضاً عن اللغة المحبطة والمثبطة التي تذكرهم بعلاماتهم السابقة ومستواهم الدراسي المتوسط؛ دائماً ما أتمنى أن يوجد المعلم مساحة للعب والمتعة مع الطلاب ، ومما أتمناه أيضاً أن يرسي الأهل مع أبنائهم ثقافة "إدارة الوقت" وكتابة جداول تنظيمية.