في البداية علينا أن نطرح تساؤلاً مهماً ما الجديد الذي من الممكن أن نقدمه كفلسطينيين مهجرين أولاً وللعالم العربي والإسلامي في يوم الأرض؟ لقد وضعت السنوات السابقة إجابات مجتزأة للسؤال السابق لكنها لم تصل إلى أن تتبلور بشكل كامل قابل للاتباع حوله أو الاندماج به للوصول إلى مشهد التحرر الختامي.
لتفنيد المؤشرات فإن منهجان ينتظران كل فلسطيني، أولهما الدبلوماسية ومحاولة انتزاع الحقوق بالمفاوضات دون أية أوراق ضغط لمحاولة مجاراة الشكل القانوني للعالم، الذي أثبت فعلياً من خلال مئات التجارب السابقة أنه لا يؤمن بالقانون أو الحق أو العدالة، بل ما يحكمه هو قوة المصالح ومصالح القوة، لكن أيضاً في الاتجاه المقابل منهج اعتمد استراتيجية التحرر المنبثقة من القوة العسكرية فقط دون استخدام أشكال القوة الأخرى مما رفع عامل التضحية بشكل كبير دون الوصول إلى نتائج مرجوة توازي التضحيات والخسائر المقدمة، خصوصاً أمام الكيان الصهيوني المصنف الأول في تكنولوجيا السلاح، وإدارة المعلومات الاستخباراتية.
القوة المطلوبة هي القوة بكافة أشكالها العسكرية والشعبية والثقافية والتكنولوجية والاقتصادية، والتي لا يمكن حصرها في مجال واحد أو استثناء مجال منها
ما الجديد الذي من الممكن أن نقدمه في يوم الأرض: خلاصتي التي أحاول شرحها تتضمن المقولة التالية "الطريق إلى فلسطين يحتاج إلى قوة أكثر ودبلوماسية أقل"، والمقصود بالقوة هنا بشقيها الصلب والناعم، وبأشكالها العسكرية والشعبية والثقافية والتكنولوجية والاقتصادية، ولا يمكن حصرها في مجال واحد أو استثناء مجال منها، فهي تعمل ككتلة موحدة.
انعقاد المؤتمر الشعبي الأخير في تركيا لفلسطينيي الخارج كان فكرة غاية في الأهمية إذا تم تطبيق مخرجاته على أرض الواقع، بأن يكون لفلسطينيي الخارج والداخل كلمة في اختيار قياداتهم، وإعادة تفعيل قيادة موحدة للجميع باختيار الشعب، ومن المفترض أن يؤسس المؤتمر لحراك شعبي موازٍ وداعم للمقاومة، وهو ما يخافه الاحتلال الصهيوني لأن أي حراك شعبي يؤدي إلى إيجاد قيادات فاعلة مستعدة للتضحية وترفض المساومة والتنازل.
وعودة على هذه الذكرى، فقد اعتادت الأنظمة العربية والغربية على احتفالات يوم الأرض، يومان فقط تخرج الهيئات والتنسيقيات في كل مكان لفعاليات تتضمن رفع العلم الفلسطيني في مؤسسات رسمية أو بعض الأنشطة الثقافية، وسرعان ما يعود الهدوء وهو المطلوب؛ لأن الهدوء هو الجانب الأهم الذي يحتاجه الاحتلال، ولهذا يسعى الاحتلال إلى نقل الصراع إلى داخل الشعوب ليبقى في مأمن ، حيث تعتبر المسيرات الشعبية الفلسطينية والحراك الدائم في الداخل والخارج، إضافة إلى المقاومة أموراً تجعل هذا الكيان في حالة توتر وبحث مستمر لإثبات شرعيته أمام العالم.
يوم الأرض هو ارتباط الفلسطيني بقدسية أرضه من ناحية، وارتباط أي مسلم بقدسية فلسطين من ناحية أخرى
يوم الأرض هو ارتباط الفلسطيني بقدسية أرضه من ناحية، وارتباط أي مسلم بقدسية فلسطين من ناحية أخرى، وبقاء فلسطين حاضرة في المدركات الإسلامية والعربية يعد بعداً مهماً في الصراع مع هذا الكيان، ويعتبر يوم الأرض فرصة مهمة لانطلاق أي حراك تجاه الاحتلال، حيث لم يبق للفلسطيني أي شيء يخسره، فمعاناته المتزايدة في البلدان التي يقيم بها تحتم عليه أن يتخذ موقف جدياً وحراكاً فورياً إذ لا شيء يخسره.
الفلسطيني اليوم يلقى تضامناً وتعاطفاً كبيراً من كل شعوب العالم، لكنه يقف عاجزاً لإحياء هذا التضامن وعليه أن يدحرج الكرة من جديد، وإلا إن بقي على حاله ستبقى القضية تراوح مكانها دون أي تغيير يذكر.
في يوم الأرض علينا الوقوف على تجارب التحرر جميعها التي لم تنجح إلا بالمقاومة المسلحة من فيتنام شرقاً حتى إيرلندا شمالاً، وكل الدول الإفريقية التي نالت تحررها، فقد كان الصراع فيها على الأرض من منطلق الوطنية، لكن القضية الفلسطينية تتخذ جانباً أسمى بكثير من ذلك فهي قضية إسلامية مركزية قبل أي شيء، لذلك يوم الأرض الفلسطيني لا يرتبط بالثلاثين من مارس لعام 1967 ولا عام 1948، ولا ثورة القسام 1935، ولا وعد بلفور 1917 بل يرتبط جذرياً بما بارك الله في المسجد الأقصى وما حوله، ولذلك يجب رفض كافة المشاريع التي تدعو للتجزئة بعيداً عما بارك الله به.