نعم فشلنا لكننا نتجدد

الرئيسية » بصائر الفكر » نعم فشلنا لكننا نتجدد
TOPSHOTS-EGYPT-POLITICS-TRIAL-MORSI

تحدثنا فى مقالات سابقة ضمن سلسلة مراجعات فكرية نحو النور عن الحركة الإسلامية وحصاد المسار ثم الإسلاميون وأزمة الشفافية ثم نماذج من الخطاب السياسي للحركة الإسلامية واليوم نتحدث وبشكل صريح عن لماذا فشل الخطاب السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في مصر منذ ثورة يناير، وتحديداً بداية من لقاء القوى السياسية بعمر سليمان وحتى فترة حكم الرئيس مرسي.

وبداية أكرر أن الأصل من هذه المراجعات ليس جلد للذات أو النيل والطعن في أحد، فالبناء الجسدي واحد وكلنا مهموم والمصاب كبير والكل خاسر وحتمية المراجعات وتقييم الماضي من عوامل الاستمرار والتفكير ولتفادي الخطأ في القادم، فدوام الحال من المحال والحركة الإسلامية ولود لن تموت أو تندثر بل تتجدد من داخلها، ولا خير فينا إن لم نقلها.

والسؤال هل فشلنا في خطابنا السياسي سواء مع الناس أو مع النخبة السياسية من الأحزاب والحركات الثورية؟

والجواب نعم فشلنا ولا مجال للتجمل والتبرير فالأمر واضح كل ذي عقل يفكر، ولا مكان لتقديس معطل، فالله وجه خطاباً مزلزلاً وكاشفاً لأفضل الخلق بعد الأنبياء وهم الصحابة فقال: {ولَقَدْ صَدَقَكُمُ اللّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَا تُحِبُّونَ مِنكُم من يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم من يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران:152].

لذلك فكل شيء هين والاعتراف بالخطأ من فضائل الأمور.

فشلنا كتيار قوى متجذر في الشعب المصري في احتوائه بعد الثورة وظللنا لسنوات نتعامل معه كموظفي التموين فقط نعطيه حلوى في المولد ولحوم في الأعياد، وصدقات في رمضان ثم نزيل القمامة بعد ذلك في السيارات

فشلنا كتيار قوى متجذر في الشعب المصري في احتوائه بعد الثورة وظللنا لسنوات نتعامل معه كموظفي التموين فقط "نعطيه حلوى في المولد ولحوم في الأعياد، وصدقات في رمضان ثم نزيل القمامة بعد ذلك في السيارات " ونشعر بنشوة بأننا أصحاب رسالة ونتحدث بخطاب للناس بأننا خدم لهم يهمنا راحتهم ونسعد بدعواتهم، وحقا كنا صادقين ونحتسب هذا لله من باب خير الناس أنفعهم للناس، لكن وبرغم هول هذا الجهد فإننا لم ننشر رسالة وعي حقيقية ولم نطور عقولاً بل ملأنا بطوناً فقط، وعاقبة هذا الأمر الفاشل اكتشفناه جميعاً بعد انقلاب الثالث من يوليو!

إذ توقعنا أن يخفف الشعب ويحنو علينا، ولكن كانت الصدمة أنه رقص على جثثنا على أنغام تسلم الأيادي، فلو كنا نجحنا في استنارة العقول لتغير يقينا البعد والأمر وسياقه العام.

فشلنا في خطابنا السياسي مع شركاء الثورة وأصابنا الكبر والغرور والتعالي، وشعرنا بأننا الأقوى وأن حلم التمكين قد قرب، ولم ندرس وقتها لا فطانة سياسية ولا مرونة مجتمعية وخرجنا كالفارس الذي انطلق في الصحراء حتى أصابه التعب وسقط، فلم نتمكن من تكوين منعة صادقة ضد تبعات ومؤامرات الثورة المضادة، وأصبحنا نخسر كل يوم فئة أو كياناً أو تجمعاً حتى من الدائرة الإسلامية، كان خطاب التجاهل والتخوين والمزايدات يتم سواء في العلن أو في السر.

لم نتمكن من تكوين منعة صادقة ضد تبعات ومؤامرات الثورة المضادة، وأصبحنا نخسر كل يوم فئة أو كياناً أو تجمعاً حتى من الدائرة الإسلامية

وأنا هنا لا أبرئ تلك الحركات والأفكار من تورطها في إجهاض الثورة بدافع الخصومة السياسية المقيتة، بل الفجور في الخلاف السياسي والأيدلوجي، فهي في نظري متورطة في قتل التجربة الديمقراطية الوليدة بعدة وسائل، وقناعتي الثابتة أن الثورة المضادة استخدمتهم ثم ركلتهم بنعالها لكن أتحدث عن دوافع هذه الأحداث.

نعم فشلنا لما تعاملنا بدون شفافية واضحة مع الصف أولا، والشعب والقوى السياسية سواء في مسألة الترشح للانتخابات أو حتى في مجريات الأمور وكشف الحقائق في اتخاذ القرارات والمشاورات ونتائجها، بدل من التيه الذى أصاب الجميع حتى الآن.

فشلنا يوم أن تعددت المنابر وكثر المتحدثون وأصبح الكل يتحدث باسم الرئيس ومؤسسة الرئاسة بداية من أعضاء مكتب الإرشاد حتى مسؤولي المناطق والشعب، وكأننا فى سوق عكاظ فلا ضوابط أو منهجية، حتى وضعنا الرجل المطحون المظلوم في مواقف إحراج لا تعد ولا تحصى.

فشلنا في خطابنا السياسي حتى مع أنفسنا داخل الكيان الكبير بعد الثورة فكان الإقصاء والفصل ورحل شباب كثير عن مظلتهم المعشوقة وعندما تتحدث يشهر في وجوه الناس أسلحة عاطفية ثم تسمع المقولة الخالدة "هذه الدعوة تنفي خبثها "، وهذا قمة فشل الخطاب بدل من الاحتواء يكون " الباب مفتوحاً لمن أراد "!

فشلنا عندما طغى الخطاب الدعوي على السياسي فلا نجح هذا ولا رشد الخطاب السياسي ليكون منبراً للفهم والبناء والتواصي والتواصل والتشاركية المجتمعية بعد ثورة قدمت نموذجاً ممتازاً للنسيج الوطني الشامل.

ختاماً

هذا المقال محاولة للفهم وإيقاظ للعقل دون تجمل وبمنتهى الشفافية والوضوح وهو نابع من فهمى لفكرتي التي أعشقها ويعلم ربى كم أنا محب لكل فرد داخل أي كيان أو حركة تخدم دينها ووطنها لكني أيضا تعلمت أن حبي للحق أعلى وأعظم، وأسعى لمعرفته بكافة الوسائل وأطور من تفكيري وأحاول جاهدا التعلم من تجارب الماضي وأطبق نجاحتها في طريقي وأعدل وأصوب فشلها للوصول لكل خير وهدى في دينى ودنياي مع كامل التوقير للجميع لكن بوعي حقيقي يبني ويجمع لا يفرق أو يهدم، وقبل كل هذا أفخر وأشرف بأنني من أبناء هذا الفكرة المباركة ومع حجم التضحيات يكون البناء والتفكير للتغيير وهذا حقها علينا.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتب وباحث مصري الجنسية، مؤلف عدة كتب فى التربية والتنمية "خرابيش - تربويات غائبة- تنمويات". مهتم بقضية الوعي ونهضة الأمة من خلال التربية.

شاهد أيضاً

إلى أي مدى خُلق الإنسان حرًّا؟

الحرية بين الإطلاق والمحدودية هل ثَمة وجود لحرية مطلقة بين البشر أصلًا؟ إنّ الحر حرية …