يأتي ارتداء وزيرة الثقافة الصهيونية فستاناً عليه صورة مدينة القدس المحتلة، ويظهر بشكل بارز صورة المسجد الأقصى المبارك وقبَّة الصخرة ذات اللون الذهبي، في مهرجان "كان" السينمائي بفرنسا، كجزء من الدعاية الصهيونية الخبيثة المخطط والمبرمج لها سياسياً وإعلامياً وثقافياً، لفرض الرواية الصهيونية وأفكارها على الرأي العام الدولي في مناسبات دولية مختلفة ..
هذا هو الواقع الذي يسعى الاحتلال إلى تكريسه بدءاً من مخططات الطمس والتهويد للمعالم التاريخية، والتهجير للمقدسيين، والتقسيم الزّماني والمكاني للأقصى المبارك، وليس انتهاءً بالدعاية الصهيونية المتصاعدة في سرقة كلّ ما له صلة بالتاريخ العربي والإسلامي في مدينة القدس، والسطو على الآثار الإسلامية وربطه بما يسمّى الرّواية "التوراتية"، وتزييف الحقائق، من أجل اختلاق وصناعة "قدس" يهودية، كما اختلقوا من قبل كياناً سمّوه "إسرائيل".
يأتي ذلك كلّه، في ظل غياب أيّ دور فاعل أو إستراتيجية واضحة لحماية القدس المحتلة من خطر الطمس والتهويد والاستيطان والتهجير، سواء من سلطة فلسطينية أقلّ ما يقال عنها إنَّها باتت يداً للاحتلال ضدّ كل من يقاوم وينتفض انتصاراً للقدس والأقصى، أو من عالم عربي وإسلامي مشغول بأزماته الداخلية المتشعبة، أو مرتبط بمعاهدات وأجندات تكبّله من تحرّك رادع للاحتلال، أو من شعوب في مجملها مغلوب على أمرها جرّاء سياسات حكومات جعلتها لا تفكّر إلاّ في لقمة العيش والحصول على المال، بعد أن أنهك بعضها الفقر والجهل والتخلّف ..
إنَّ هذا الثوب الذي ارتدته الوزيرة الصهيونية ليس مزيّناً أبداً، ولكنّه مزيّف بألوان صنعها الاحتلال بالقوّة، وحاول أن يُريَ العالم صنيعَ ألوانه في ثوبِ ثقافته الخائبة التي يروّج لها، بإعطاء صبغة إنسانية لتاريخه الملطّخ بالدم الفلسطيني.. هذه الألوان مزيّفة من حبرٍ صَنَعَه أعداءُ الأمَّة عبر التاريخ، ويستخدمه الاحتلال يومياً على أرض فلسطين لرسم خرائط ومخططات ومفاهيم تخدم فكرة ما يسمّى "الدولة اليهودية"..
لكنَّ هذه الألوان مغشوشة الأصل والفعل، وبالتالي، فإنَّ مصيرها التحوّل والزّوال، يقيناً ستحول وتزول، لأنَّه لا أصل لها في أرض فلسطين، من بحرها إلى نهرها، إنَّه مهما حاول الاحتلال الصهيوني طمسَ الحقائق التاريخية وتزييفها، وفرض أمر واقع في القدس المحتلة، إلا أنَّها محاولات ستبوء بالفشل، وتلحقها الخيبة، وسيجرّ أصحابُها قريباً – بإذن الله - ثوباً مزيّناً بالهزيمة، مَرْفولاً بالخزي، موسوماً بالعار، بعيداً عن أرض فلسطين.