خلال السنوات الخمس الماضية، والتي عملت فيها مع آلاف الأشخاص من أجل تغيير عاداتهم، وصلت إلى حقيقة مفادها: أن عدم الرضا عن النفس هو ظاهرة عالمية، نحن غير راضين عما نحن عليه في بعض الأحيان فيما يخص الأشياء الصغيرة، ولكن في أحيان كثيرة نحن غير راضين عن أمورٍ جوهرية جدا؛ نشك في أنفسنا، نشعر أننا غير مؤهلين، نكره مظهرنا، ننتقد فشلنا بقسوة، نشعر بعدم اليقين حول ما إذا كنا نستحق الثناء أو الحب.
النتيجة هي القلق، المماطلة، الخوف، وعدم القدرة على تغيير عاداتنا، التقيت بعديد من الأشخاص لم تكن لديهم القدرة على الالتزام بتمارين رياضية، أو تغييرات الحمية الغذائية، لأنهم لا يؤمنون بأنفسهم، وفي وسط فشلهم في إحداث تغييرات إيجابية هناك شعور عميق بعدم الجدارة وعدم الأهلية.
في كل مرة نفشل نكون قساة على أنفسنا، ونرى أن ذلك #الفشل هو دليل آخر على أننا لا ننفع، كل مرة تكون فيها الأمور أقل من مثالية، نلوم أنفسنا (أو نلوم الآخرين إذا كنا لا نريد أن نتلقى اللوم).
في كل مرة نفشل نكون قساة على أنفسنا، ونرى أن ذلك الفشل هو دليل آخر على أننا لا ننفع
ماذا لو بدل القسوة على أنفسنا أو لومها أن نتقبل ما يحدث ونتخذ الإجراءات اللازمة، ماذا لو اعتبرنا الأمر على أنه فرصة لرؤية إنسانيتنا، أن نحب أنفسنا، أن نرى أننا جيدون بالفطرة.
عدم الرضا عن النفس لا يضر بنا وبعاداتنا وحسب، بل يضر بإنتاجيتنا وقدرتنا على التركيز على أي شيء آخر ذي معنى ، نرتاب فيما إذا كنا سنواجه هذه المهمة المليئة بعدم الارتياح والشك، لذلك نحن نبحث عن الراحة من كل ذلك، بدلا من مجرد الثقة بأننا على مستوى المهمة، فإننا نماطل، نسعى لإلهاء أنفسنا، نسعى للفرار من أي شك.علاقاتنا أيضا تتأذّى، من خلال عدم الرضا عن أنفسنا، عندما لا نؤمن بأنفسنا، فإننا نزعزع علاقاتنا، العلاقات التي يمكن أن تؤدي للغيرة والغضب والخوف من فقدان شخص ما، ومعاملة الشخص الآخر بعدم ثقة، هذه ليست وصفة جيدة لعلاقة جيدة وإذا أصبحت العلاقة هشة عادة نميل إلى إلقاء اللوم على الشخص الآخر، أو رؤيته كدليل آخر على فشلنا.
إن سعادتنا مشوشة مع عدم الرضا عن أنفسنا، إذا لم نحب أنفسنا، إذا اعتقدنا أننا لا نستحق الحب، كيف يمكن أن نشعر بالسعادة في أي لحظة من حياتنا، كل لحظة تكمن في عدم الرضا عن أنفسنا، وافتقار الثقة والرغبة في أن تكون الأمور مختلفة.
تلك ليست سوى بضع أمثلة عن الطريقة التي يؤثر فيها عدم الرضا عن أنفسنا على حياتنا، من حياتنا المهنية والمالية وحتى الأسرية وأكثر من ذلك.
إذا لم نحب أنفسنا، و اعتقدنا أننا لا نستحق الحب، كيف يمكن أن نشعر بالسعادة في أي لحظة من حياتنا
الحلّ: أن نحبّ أنفسنا
ماذا لو أحببنا أنفسنا بدل الشك فيها والشعور المستمر بالضعف؟
ماذا لو وثقنا في أنفسنا، واعتقدنا بجدارتنا، وأننا سنكون على ما يرام، حتى وإن كانت الأمور لم تنجح كما هو مخطط لها ، أننا محبوبون وطيبون، وأننا أشخاص رائعون.هذا من شأنه أن يغير أي شيء: سنكون أكثر ثقة في علاقاتنا، سنماطل أقل لأننا على يقين أننا سنتعامل مع عدم الارتياح والشك الذي ينتابنا، سنكون أكثر صحة لأننا نعلم أن الأكل الصحي والنشاط البدني هو شكل آخر من أشكال حب الذات، أن نعثر على طريقة نحب بها الآخرين، ونقدم أشياء ذات معنى للعالم، أن نستمتع بالخير كل لحظة، أن نكون سعداء حتى في الأوقات التي تغيب فيها السعادة، أن نكون قادرين على العثور على الاطمئنان وسط المصاعب.
بالطبع الحديث عن ذلك أسهل من تنفيذه، فلقد قضينا سنوات طويلة في عدم الرضا عن أنفسنا وكراهيتها، والقسوة عليها وكان يبدو أن حبنا لأنفسنا أمر مستحيل، الأمر ليس مستحيلا يمكنك أن تفعل ذلك، يبدأ بأن تنوي بأن تحب نفسك، أن ترى بأنك صالح وتستحق المحبة، أن ترغب في الحصول على السعادة والراحة من الألم والإجهاد.
محبتك لنفسك وتقديرك لها ورضاك عنها قد يكون أهم مشروع في حياتك والذي من خلاله ستُغيّر عالمك
عندما تنوي تلك النية، ابدأ باستخدام التوكيدات الإيجابية يوميا، والتمني أن ينتهي كل ذلك القلق وأن تسترجع السعادة والرضا والامتنان، ستبدأ برؤية الجمال في كل شيء تفعله، حتى وإن كان أقل من مثالي (كدأب البشر جميعا)، سترى الإخلاص والخير في كل شيء تفعله ويفعله الآخرون على حد سواء.
هذه الممارسات تتطلب الكثير من الوقت، ولكن محبتك لنفسك وتقديرك لها ورضاك عنها قد يكون أهم مشروع في حياتك والذي من خلاله ستُغيّر عالمك.
معلومات الموضوع
مراجع ومصادر
- https://zenhabits.net/dissatisfaction