أفكار عملية للأسرة تجعل رمضان مختلفاً ورائعاً

الرئيسية » بصائر تربوية » أفكار عملية للأسرة تجعل رمضان مختلفاً ورائعاً
ramadan11

كل عام حين يطرق #رمضان أبواب قلوبنا يجعلها رقيقة، تطرب لمجرد سماع اسمه، وتتدفق روحانية وإصراراً على التقرب لله - تعالى – وتبييت نية الفوز بكل خيراته، فينعكس ذلك على حيواتنا وتعاملاتنا، ولكن، لعلك بمجرد اقتراب الشهر تشعر به في بيوت أكثر من غيرها، ولدى أناسٍ أكثر من غيرهم، وحتى في بلدان أكثر من غيرها.

تجوّلت بين عدد لا بأس به من الأقارب والأصدقاء والمعارف، أتفقّد التغيرات التي يحدثها فيهم رمضان والأفكار التي يطبقونها خلاله، حاملةً سؤالاً فحواه: "كيف ولمَ تفعلون ذلك؟" ومتفحّصة تفاصيل أفكارهم في جعل رمضان جميلاً، مختلفاً، رائعًا...

فيما يلي بعض الأفكار التي حققت نجاحاً باهراً، على مرّ سنوات، وأثّرت على أغلب أفراد العائلات التي طبّقَتها، صنّفتُها في ثلاث محاور، وبعضها وإن كان يحتاج للعمل وتوفير عدة خامات مختلفة، إلا أنه غير مكلف، ويمكن الاستعاضة بخامات متوفرة في البيت، ورمضان مبارك جداً وخيراته كثيرة.

1. صناعة أجواء منزليّة خاصّة:

وإن بدا هذا الأمر للبعضِ شكلياً فقط، فهو لم يعرف أثره الروحانيّ بعد، يبدأ أثره الإيجابي عند اجتماع العائلة لصناعة الأجواء الخاصة معاً، ففيها أثر مهاري فني جمالي يستقر في عقول #الأبناء ويمتعهم ويعلّمهم مبادئ كالتعاون وأخلاقاً كالانتماء للأسرة وغيرها.

والطفل بالذات يرتبط عقله بالأماكن والتفاصيل كثيراً، تقول إحدى المربيّات: كانت طفلتي كلما نسيت أنها صائمة ولماذا هي صائمة أجاب عن سؤالها الجو الذي أصنعه لشهر رمضان خصيصاً، وقد أخبرت أمها أنها أعظم أمّ في العالم؛ لأن صديقاتها لا يعرفن ما يعنيه رمضان حقيقة أما هي فقد جعلتها أمها تشعر بتميّزه في كل شيء.

والأفكار لتغيير أجواء البيت بمجرد دخول رمضان كثيرة، منها:

• القصاصات الرمزية التي تصنع بالورق المقوّى أو البلاستيك المضيء، أو بالأقمشة، وتعلّق على الجدران، أو الأسقف، أو توضع على الرفوف وفي المطبخ، على الثلاجة، وحاويات الماء، مثل: الأهلّة، الفوانيس، النجوم، هيكل المسجد، الزينة المضيئة، والملصقات الدينية... وغيرها.

• تلوين الكؤوس الزجاجية الشفافة والأطباق التي تستخدم للإفطار، ورسم بعض الرمزيات عليها، إضافة شموع في زجاجات شفافة وملونة أو وحدات إنارة غير خطرة توزع في نواحي البيت، وصناعة أثواب أو أغلفة جميلة للمصاحف، ومسابح مختلفة الأشكال والألوان.

• تخصيص زاوية في البيت توضع بها مصاحف جميع أفراد الأسرة، وبعض سجادات الصلاة، والكتب التي سوف يتدارسها أفراد العائلة، وأوراق الفتاوى، وإحاطة هذه الحلقة بأثاث أو ستائر أو فرش خاصة برمضان فقط.

2. تعزيز الأخلاق والمبادئ:

قرأت في كتاب للتربية الإسلامية، أن الوالدين اللذين يتعوّد أبناؤهما على رؤيتهما يصليّان، لا يجب أن يخافا من أن يكبر أحد أبنائهما تاركاً للصلاة، ولأن الدين أهم ما يميّز فرداً عن فرد، فإن رمضان فرصة لبداية مطلقة الأفق في ترسيخ مبادئ، قيم، وأخلاق رائعة في خلد الأبناء.

الوالدان اللذان يتعوّد أبناؤهما على رؤيتهما يصليّان، لا يجب أن يخافا من أن يكبر أحد أبنائهما تاركاً للصلاة، ولأن الدين أهم ما يميّز فرداً عن فرد، فإن رمضان فرصة لبداية مطلقة الأفق في ترسيخ مبادئ، قيم، وأخلاق رائعة في خلد الأبناء

• إحدى الأمهات كانت تجمع أبناءها في أول ليلة من ليالي رمضان وتعطي كلا منهم طبقاً عميقاً تسميه (حقيبة الخيرات) معه أوراق، وكيس يحوي الكثير من قطع - أي شيء يختاره الابن بشرط أن يحبّه ويرى فيه معنى خاصاً (الخرز الملوّن أو الحصوات المشكّلة والمتمايزة والملوّنة، أو الأصداف... إلخ) وتشرح لهم أسس استخدام الحقيبة، اكتب الخير الذي تقدّمه في رمضان، ضع القطعة التي تجدها تكافئ هذا العمل الخيّر، واطو الورقة فوقه ثم ضعه في الحقيبة. وتفتح الحقائب في آخر رمضان وتناقش أبناءها في مفهومهم عن الخير الذي قدموه، وكانت تذهل من رقيّ فهمهم والخير الذي يتنافسون على فعله في الخفاء: (إطعام الطيور، إماطة الأذى، مسامحة من يضربه، شكر الله، الصدقة بأكبر قدر ممكن من الأشياء، مساعدة ذوي الاحتياجات...) تقول إن أحد أبنائها أصبح في الثانوية وهو لا يزال مستمراً منذ أكثر من عشر سنوات على الاستزادة من الخير في رمضان وغيره.

• التدرج في تعليم الطفل العبادة وإغراؤه بما يحبّ منذ اليوم الأول ومكافأته حتى لو كان ذلك يومياً. تقول إحدى الأمهات: كنت أعلم أنه يجوع، ويأكل في منتصف النهار ثم يكملُ لكنني لم أوبخه مطلقاً فهو لا يزال في السادسة من عمره، بدأت أعرض عليه الفطر على رأس كل ساعة، وكان يوافق أحياناً فأسمح له ولكنه بعد أن يأكل القليل يقرر أن يكمل صيامه، فبدأت أغريه ما رأيك لو تكمل للساعة القادمة وأمنحك قطعة حلوى فيصبر، وأحدثه عن أجر الصيام، وعن ما يفعله الصوم بأجسادنا من صحة وتحسين، وعن أثره الإيجابي على الطاقة والعقل، حتى اقتنع بأن الصوم ليس ظلمًا كما كان يعتقد... وفي العام التالي صار يصوم ويقضي نهاره في أعمال يدوية وحفظ وقراءة وفنّ، وأنا متأكدة من أن السيطرة على الجوع تعني ضبط الحياة بأكملها!

• تجهيز الكثير من الأكل والمتنوّع سمة رمضانية، الكثير من الأسر تجهز أطباقا مختلفة بكمّيات تفيض عن احتياج الأفراد، وكثيرات ممن سألتهنّ كنّ يرسلن سفرة رمضانية كاملة يومياً، يحملها كل يومٍ أحد الأبناء لإحدى العائلات المجاورة بنيّة إفطار الصائمين، والجميل أن الأبناء أصبحوا يتنافسون على المشاركة في تجهيز الطعام والإنفاق على الحاجيات والمواد المستخدمة في تحضير الأطباق من مصروفاتهم الخاصة، بنيّة المساعدة وكسب أجر تفطير الصائم.

3. أعمال الخير والعبادة المكثّفة:

خصوصية رمضان تجعل منه محطّة مهمة لبدء الكثير من الخطط، وتطبيق التحسينات، وأداء مختلف المهام المؤجلة كسلاً وفتوراً، وفيه فرصة لفتح نافذة تشرف عليها العائلة أجمع وتتفق فيما بينها لدوام العادات الطيبة التي تكتسب في رمضان.

خصوصية رمضان تجعل منه محطّة مهمة لبدء الكثير من الخطط، وتطبيق التحسينات، وأداء مختلف المهام المؤجلة كسلاً وفتوراً، وفيه فرصة لفتح نافذة تشرف عليها العائلة أجمع وتتفق فيما بينها لدوام العادات الطيبة التي تكتسب في رمضان

• الصلاة والمدارسة وحلقات الذكر العائلية تقرّب الأهل بعضهم إلى الآخر، وتشيع الود بينهم، وهي الفكرة القديمة المتجددة، التي تقوم على اتفاق عائلي لطريقة مدارسة وحلقات ذكر أسبوعية أو يومية أو يوما بعد يوم، تجتمع فيها العائلة، تقرأ القرآن سويّة في مصاحف وزاوية مخصصة لرمضان، في المنزل، مع تخصيص مصاحف خاصة برمضان، والاتفاق على الاستماع لمحاضرات مخصصة ومناقشتها، وتشجيع الجميع للصلاة والقيام والذكر بالتدرج حتى الوصول إلى أقصاه في آخر الشهر.

• أم عوّدت ابنتها على ادخار نصف مصروفها على الأقل يومياً، حتى بدأت الطفلة قضاء حوائجها الدراسية وغيرها من مدخراتها دون الحاجة لطلب ذلك من والديها، لكنها كانت تعلّمها أن تجمع مدخرات رمضان بالذات لتعطيها لأحد المحتاجين أو تشتري فيها عيدية للمحتاجين، يصبح الطفل أكثر رغبة في تقديم المعروف حين يشعر بأجواء رمضان، وبالجوع وفكرة السيطرة على النفس.

• يقول أحد أرباب الأسر: كنت أفعلها أحياناً متعمداً اصطحاب أحد أبنائي، مع أن الصدقة يجب أن تكون خفية، لكنني كنت أتمنى أن يقلدوني يوماً ما، فأذهب إلى بقالة، أو صيدلية، أو مخبز، وأطلب دفتر الديون لأختار عائلة أو شخصاً أسدد دينه بالكامل، أو قدر ما أستطيع، واليوم أرى أبنائي يفعلون ذلك فيجمعون مصروفهم الرمضاني ويقضون ديون الدائنين في أماكن متفرقة، فيبرد قلبي، وألمس أثر ذلك في رقة قلوبهم وطيب طباعهم، وانعكاس أثره على حياتنا ونجاحهم فأسأل الله دوام النعمة فذلك فضل لا يدركه إلا فاقد!

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتبة فلسطينية من قطاع غزة، تحمل شهادة البكالوريوس في علوم المكتبات والمعلومات، وعدة شهادات معتمدة في اللغات والإعلام والتكنولوجيا. عملت مع عدة قنوات فضائية: الأقصى، القدس، الأونروا، الكتاب. وتعمل حالياً في مقابلة وتحرير المخطوطات، كتابة القصص والسيناريو، و التدريب على فنون الكتابة الإبداعية. كاتبة بشكل دائم لمجلة الشباب - قُطاع غزة، وموقع بصائر الإلكتروني. وعضو هيئة تحرير المجلة الرسمية لوزارة الثقافة بغزة - مجلة مدارات، وعضو المجلس الشوري الشبابي في الوزارة. صدر لها كتابان أدبيان: (وطن تدفأ بالقصيد - شعر) و (في ثنية ضفيرة - حكائيات ورسائل).

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …