رغم أن اللغة العربية هي لغتنا الأم، وهي لغة التواصل بين أغلب أفراد المجتمعات العربية، إلا أن مما لا شك فيه أن اللغة العربية قد تأثرت بما يسمى بالعولمة.
فرغم أننا لا نسطيع أن ننكر الأثر الإيجابي للعولمة كالتطور الحضاري والصناعي والثقافي، ولكن وفي الجانب المقابل لها من السلبيات الكثيرة ما يصعب حصرها.
ففي مجال اللغة العربية مثلاً والتي تأثرت بشكل كبير بالعولمة، فلقد تم إغراق الأسواق العربية بالكثير من المخترعات الحديثة، والتي تحمل مسميات لغوية لا تمت بصلة إلى اللغة العربية ولكنها وبسرعة البرق انتشرت بين الناس كانتشار النار في الهشيم، وأصبحت أسماء لأشياء متعارف عليها ولا يختلف عليها اثنان.
إن أثر #العولمة على اللغة العربية مرئي في كل زاوية وركن، تجده وبكثرة واضحاً في كل من المدارس وبالأخص العالمية التي تعتمد مناهجاً أجنبية تدرس باللغة الإنجليزية. فهي تدرس كل المواد الدراسية باللغة الإنجليزية ما عدا مواضيع معدودة كاللغة العربية والتربية الاسلامية. الأمر الذي يؤدي بالطالب في مثل هذه #المدارس إلى أن يقل اهتمامه باللغة العربية -ولا يلام على ذلك- حيث إنه يعتاد اللغة الإنجليزية يوماً بعد يوم، ويرتبط بها ارتباطاً قوياً حيث إن استخدامه لها يفوق وبشدة استخدامه للغته الأم. ومع مرور الوقت تجده يميل إلى استخدام مصطلحات أجنبية بدلاً مما يقابلها من اللغة العربية.
كما أن معظم سياسة جامعاتنا تساعد على تقوية الفكرة القائلة أن اللغة الإنجليزية هي الأهم كون غالبية الجامعات تعتمد اللغة الإنجليزية كلغة أساسية في تدريس برامجها.
البعض يعتقدون أن استخدامهم للغة الإنجليزية له دلالة كبيرة على الرقي والمستوى الاجتماعي المرموق، متناسين بذلك أن لغتنا العربية تحدد هويتنا
قد يكون هناك أيضاً سبباً خفياً لسيادة اللغة الإنجليزية على اللغة العربية عند شريحة من الناس، وذلك لأن البعض يعتقدون أن استخدامهم للغة الإنجليزية له دلالة كبيرة على الرقي والمستوى الاجتماعي المرموق، متناسين بذلك أن لغتنا العربية تحدد هويتنا؛ فهي لغة الأصالة والجزالة والقوة، وفوق ذلك كله لغة كتاب الله المعجزة الكبرى التي تحدى بها رسولنا الكريم –صلى الله عليه وسلم- كافة الأمم والشعوب.
إن أثر العولمة على اللغة العربية واضح كذلك في استخداماتنا لوسائل التواصل الاجتماعي، في استخداماتنا للحاسوب بشكل عام وبخاصة مع وجود الإنترنت حيث أصبحت اللغة الإنجليزية هي لغة التواصل في أغلب الأحيان، وهيمنت على اللغة العربية بشكل كبير.
كذلك نجد هذا الأثر كبيراً وواضحاً في الإذاعة وفي التلفاز، بما في ذلك تقديمهم لبرامج تعزز اللغة الإنجليزية واستخدامها لتفقد اللغة العربية قوتها شيئا فشيئاً.
كيف السبيل؟
إذن كيف السبيل إلى تقليص تأثير العولمة السلبي على لغتنا العربية لغة أجدادنا وآبائنا؟ كيف السبيل إلى الحفاظ على اللغة العربية والذي بحفظها حفظ للقران الكريم وللدين الاسلامي الحنيف. ألا نريد من أبنائنا أن يتعلموا دينهم؟ ألا نريد منهم أن يتلو القرآن؟ إذن لا سبيل إلى ذلك إلا بالعودة إلى لغة الأصالة والعروبة.
إن ما سبق ذكره آنفا لا يعني الرفض للعولمة حيث أنها لها من الفوائد الشيء الكثير. فهي نافذة لنا، تطلّعنا على التطور المعرفي والتقني والثقافي. إلا أننا في الوقت نفسه لا نريد أن نطمس هويتنا العربية أو أن ندمر لغتنا الجميلة.
لذا يمكن المحافظة على لغتنا بالأمور التالية:
• تعزيز أهمية اللغة العربية في مجتمعاتنا العربية، بإظهار مزاياها وقدرتها الفائقة على التعبير عما يجول في النفوس.
• اعتماد اللغة العربية الفصحى بدلاً من اللهجات العامية المتعددة، سواء أكانت خليجية أو شامية أو مصرية أو غيرها من اللهجات.
• تقنين استخدام اللغة الإنجليزية في الحياة اليومية وبين أفراد الأسرة الواحدة، حيث أثبتت الدراسات الحديثة أن الآباء والأمهات الذين كانت دراستهم باللغة الإنجليزية كان لديهم الميل لاستخدام اللغة الإنجليزية أو إدخال كلمات إنجليزية أثناء محادثتهم لأبنائهم، بدلا من استخدام اللغة العربية المطلق.
التركيز على تطوير أساليب تعليم اللغة العربية وتطوير مهارات التعليم لدى معلمي اللغة العربية هو من أهم العوامل المساعدة على تحبيب الطلاب باللغة العربية
• تشجيع طلبة المدارس على استخدام اللغة العربية، وإمدادهم بالحوافز التي تساعدهم على ذلك، كما أن التركيز على تطوير أساليب تعليم اللغة العربية وتطوير مهارات التعليم لدى معلمي اللغة العربية هو من أهم العوامل المساعدة على ذلك.
• التحدث باستخدام اللغة العربية والتوقف عن التحدث باللغة الإنجليزية أو إدخال كلمات إنجليزية في الحديث، على اعتبار أن اللغة العربية لغة تقليدية، وأن اللغة الإنجليزية هي اللغة العصرية، وأن متحدثها على مستوى عالٍ من الثقافة. لذا علينا أن نغير هذا المفهوم الخاطئ وننشر مكانه الوعي التام بأهمية لغتنا العربية وقيمتها الدينية والاجتماعية على حد سواء.
• علينا أن لا ننسى دور الإعلام في معالجة ضعف اللغة العربية، وكذلك تأثيره الفعّال في نشر الوعي بين فئات المجتمع المختلفة، والتركيز على إظهار سمات وميزات اللغة العربية وأهمية استخدامها.
• أخيراً سن قوانين تضمن حماية اللغة العربية من اللغات الدخيلة أو من أي سبب آخر قد يضعفها.