كيف تجعل رمضان عادة لك طوال العام؟

الرئيسية » بصائر تربوية » كيف تجعل رمضان عادة لك طوال العام؟
Muslim orphan praying during Ramadan, Thailand

يعاني الكثيرون منَّا من مشكلة مزمنة بعد انتهاء شهر #رمضان المبارك، وهي ضياع الحماسة الكبرى التي يكون عليها الإنسان المسلم، والنكوص على الكثير من الالتزامات التي قطعها على نفسه في مجال #العبادة.

و العبادة هنا لا تقف عند حد الصوم والصلاة، وإنما تمتد إلى قيام الليل، وختم القرآن الكريم، والاستزادة من صلاة النافلة، وغير ذلك   من السُّنَن المؤكدة التي حثَّ عليها القرآن الكريم والسُّنَّة النبوية الشريفة.

وفي حقيقة الأمر؛ فإننا في هذا الصدد لا يمكننا أن نتغافل عن المعينات الإلهية التي رتَّبها للمسلمين في هذا الشهر الفضيل على علمه البالغ عز وجل، بمصاعب الفريضة، وبالتالي؛ فهو يعين عباده عليها.

ولذلك دعا النبي الكريم "صلَّى اللهُ عليه وسلَّم"، ربَّه بأن يعينه على صيام وقيام شهر رمضان.

ومن بين هذه المعينات كذلك، الثواب المضاعف الذي أعطاه الله عز وجل لعباده المتقين في هذا الشهر، ممن يستزيديون من الطاعات، وتعهده فيه بالرحمة والمغفرة والعتق من النار في مراحل الشهر المختلفة، كما أخبر رسولنا الكريم "صلَّى اللهُ عليه وسلَّم".
إلا أن هناك الكثير من الأمور التي يمكن للإنسان المسلم الانطلاق منها من أجل جعل شهر رمضان على مسوى الأداء والعبادة والالتزام الأخلاقي، بمثابة عادة له طول العام.

هناك الكثير من الأمور التي يمكن للإنسان المسلم الانطلاق منها من أجل جعل شهر رمضان على مسوى الأداء والعبادة والالتزام الأخلاقي، بمثابة عادة له طول العام

وأهم هذه الأمور؛ أن يسعى الإنسان إلى تأكيد حب الله عز وجل في قلبه، وأن يستحي منه.

والحياء من الله تعالى من أهم مراتب الإيمان، وله من الله تعالى عظيم الثواب، ويقول الإمام ابن القيم (رحمه الله): "مَن استحى من الله؛ استحى الله منه".

ولنا أن نتصور عندما يستحي الله تعالى من عبدٍ؛ فإنه في حينه، سوف يستجيب له دعاءه، ويصلح له شأنه، وكل ما من شأنه أن ينتقل بالإنسان المسلم، إلى مرتبة الصالحين، وأصحاب النفس المطمئنة.

وفي هذا الصدد، ينبغي التأكيد على أن اتقاء المعصية، وتفادي الوقوع فيها خشية وخوفًا من الله تعالى، أو محبة منه، هو من خُلُق المسلم صحيح الإيمان.

ومحبة الله تعالى من الإيمان، فيقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ} [سُورة "البقرة" - من الآية 16]، ويقول الرسول الكريم "صلَّى اللهُ عليه وسلَّم": "لا يؤمن أحدكم حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله" [متفقٌ عليه].

وأبسط المعاني والمشاعر الإنسانية، تفرض على الإنسان أن يخجل ممن يحب، ويحفظ له قدره، وهو ما يكون بين المرء وأخيه أو زوجه، فكيف بربِّ العزة سبحانه وتعالى؟!..

في المقابل، ذمَّ الله تعالى في عباده الذين يرتكبون المعصية في السر خوفًا من الناس، بينما لا يخشون الله، وهو رب العالمين، والقادر على كل شيء، وجبَّار السماوات والأرض ومليكهما.. يقول الله تعالى: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً} [سُورة "النساء" - الآية 108].

أي أن الإنسان المسلم صحيح الإسلام، من الواجب عليه أن يتقي الله عز وجل، وهو أمر في حكم البديهية لدى أي مسلم صاحب عقل وفقه في دينه.

ومن بين أهم العبادات التي تعين الإنسان على أن يلتزم دائمًا بحسُن الخلق مع الله تعالى، ومع الناس؛ #الصلاة، وهي العبادة الأهم، والفارق بين الكفر والإسلام كما أخبر الرسول الكريم "صلَّى اللهُ عليه وسلَّم"، وهي الحسنات التي تذهب سيئات الإنسان كما قال الله تعالى. قال عز وجل: {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [سُورة "هود" - الآية 114].

ومثل الصلاة؛ ملازمة الذكر والاستغفار؛ فهذا كفيل بإبعاد الشيطان الرجيم وعَوَانه عن الإنسان، وكذلك كفيل بترقيق قلب الإنسان، وجعله أقرب إلى الله تعالى، وأكثر حياءً منه إزاء المعصية.

الصلاة، وملازمة الذكر والاستغفار، كلها أمور كفيلة بإبعاد الشيطان الرجيم وعَوَانه عن الإنسان، وكذلك كفيل بترقيق قلب الإنسان، وجعله أقرب إلى الله تعالى، وأكثر حياءً منه إزاء المعصية

و الذكر والاستغفار، يجلبان رضا الله تعالى، ورضاه عز وجل يجلب نعمته، وبالتالي يكون الإنسان أكثر التزامًا بالطاعة  ، حياءً من الله، وحبًّا له، وكذلك طمعًا في المزيد من عطاء الله تعالى، وخشية فقدان نعمته سبحانه.

وجمع رسول الله "صلَّى اللهُ عليه وسلَّم" ذلك في حديث جامع جاء في سُنَن أبي داوود، قال فيه "عليه الصلاة والسلام": "ما مِن عبدٍ يذنب ذنبًا فيُحسن الطهور ثم يقوم فيصلِّي ركعتَيْن ثم يستغفر الله إلا غفر الله له"، ثم قرأ الآية الكريمة: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [سُورة "آل عمران" - الآية 13].

ويرتبط بذلك بطبيعة الحال؛ أهم مجالات الذكر، وهو القرآن الكريم؛ حيث إنه – كما الصلاة – من بين أهم أسباب ملازمة الإنسان للطاعة، المواظبة على قراءة القرآن الكريم.

نضيف إلى ذلك، الحرص على مصاحبة الصالحين، والجلوس دائمًا في أوساط الصحبة الصالحة، ومن هذا كثرة التردد على المساجد، والعمل على فعل الخيرات للناس؛ حيث إن ذلك لكفيل بأن يترقق له قلب الإنسان، عندما يرى أحزان غيره، ومتاعبهم، فيستشعر بنعمة الله تعالى عليه أولاً، وثانيًا، يكون على قدر ما يقوم به من عمل إنسان، يقوم به قربى لله عز وجل.

وبشكل عام، تمثل عملية شغل الإنسان لأوقات فراغه دائمًا، بالطاعات، أهم أسباب ابتعاد الإنسان عن المعاصي، وبالتالي؛ الاستمرار في وتيرة الصلاح الذي يكون عليه في شهر رمضان.

من نِعَم اللهِ تعالى على الإنسان المسلم، أن شرع له صوم النافلة؛ حيث أكد النبي "صلَّى اللهُ عليه وسلَّم"، على صوم الإثنين والخميس من كل أسبوع، وصوم الأيام الثلاث البيض التي تقع في منتصف كل شهر هجري

ومن نِعَم اللهِ تعالى على الإنسان المسلم، أن شرع له صوم النافلة؛ حيث أكد النبي "صلَّى اللهُ عليه وسلَّم"، على صوم الإثنين والخميس من كل أسبوع، وصوم الأيام الثلاث البيض التي تقع في منتصف كل شهر هجري، وهو ما من شأنه أن يربط الإنسان دائمًا بأجواء الشهر الفضيل.

وفي الأخير؛ فإن الوسائل عديدة، ولكن نؤكد على أن محبة الله عز وجل، والحياء منه، يقفان على رأس القائمة؛ حيث الله عز وجل، الأحق من بين أي طرف آخر بأن يتعلق به الإنسان وبمحبته سبحانه؛ فهو بيده الخير، وهو على كل شيء قدير.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
"باحث مصري في شئون التنمية السياسية والاجتماعية، حاصل على بكالوريوس في العلوم السياسية والإدارة العامة من جامعة القاهرة عام 1997م، كاتب في موقع "بصائر"، عمل سكرتيرًا لتحرير مجلة "القدس" الشهرية، التي كانت تصدر عن "مركز الإعلام العربي" بالقاهرة، وعضو هيئة تحرير دورية "حصاد الفكر" المُحَكَّمة، له العديد من الإصدارات، من بينها كتب: "أمتنا بين مرحلتين"، و"دولة على المنحدر"، و"الدولة في العمران في الإسلام"، وإيران وصراع الأصوليات في الشرق الأوسط"، وأخيرًا صدر له كتاب "أسس الحضارة والعمران في القرآن الكريم"، وله تحت الطبع كتاب بعنوان "الدولة في العالم العربي.. أزمات الداخل وعواصف الخارج".

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …