متى لا يكون الزواج سكنًا؟!

الرئيسية » بصائر تربوية » متى لا يكون الزواج سكنًا؟!
divorce12

يقول تبارك وتعالى في كتابه الحكيم: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ { [سورة الروم الآية: 21]. نخلُص من هذه الآية أن الهدف المراد من #الزواج، السكن. والذي يعني لغويًّا: الاستئناس والراحة والاطمئنان. والأسباب الرئيسية لتحقيق هذا الأمر تتمحور حول المودة والرحمة. ولكن مع الأسف، فإن الزواج لا يكون سكنًا في كثير من الأحيان، بل وقد تتحول حياة الطرفين إلى سلسلة متكررة من التعاسة والحزن. فما هي بعض الأسباب التي قد تجعل من الزواج جحيمًا مستَعِرًا، بدل من أن يكون ــ كما أراده الله ــ سكنًا وإحصانًا:

1- حين يتحول الزواج إلى غاية!

ويتضح هذا الأمر إلى حد كبير من خلال الاستعجال في الزواج، سيما بالنسبة للمرأة. وذلك لعدة أسباب من بينها ضغوطات الأهل، أوالتقدم في السن، وخشية تفويت فرصة الزواج بالكلية، أو الهروب من ظروف أسرية سيئة، أو الرغبة في الإنجاب ... إلخ. وهكذا تجد المرأة نفسها مندفعة لزيجة غير مناسبة، وبظروف قد لا تقبلها عادة. وبات الزواج بهذه الصورة حلًّا هروبيًّا في كثير من الأحيان. وبالتالي، تحوَّل لغاية وهدف في حد ذاته، يعيش الإنسان به ومن أجله! وما هكذا أراد الله الزواجَ، وإلا جعله فرضًا كبقية الفروض التي لا غناء عنها لاستقامة الإنسان، وسعادته وصلاح باله وحاله! وإنما هو رزق يؤتيه الله من يشاء ويمنعه عمن يشاء تمامًا كبقية الأرزاق. ولو كان النكاح ضرورة حياة كالماء والهواء، لوفره الله لجميع خلقه! فلابد إذن في سعينا للزواج، أن نسعى إليه سعينا لأي رزق في هذه الدنيا، وذلك بأخذنا بالأسباب وبالصبر، فكل يأتي في أوانه!

لو كان النكاح ضرورة حياة كالماء والهواء، لوفره الله لجميع خلقه! فلابد إذن في سعينا للزواج، أن نسعى إليه سعينا لأي رزق في هذه الدنيا، وذلك بأخذنا بالأسباب وبالصبر، فكل يأتي في أوانه

2- زواج بلا إحصان!

من أهداف الزواج الجوهرية هو الإحصان والإعفاف لكلا الطرفين، ونقصد هنا الاحتواء والارتواء بكافة الجوانب الجسدي، والعاطفي والنفسي والروحي. ولشديد الأسف، فمجتمعنا حافل اليوم بالمئات من الزيجات التي لا تحتوي على واحد أو أكثر من عوامل الإحصان السابقة، وينتهي معظمها لأن يكون وبالًا على أصحابها عوضًا عن كونه بابًا للأنس والألفة.

3- عدم الصراحة:

فالأهداف والدوافع تختلف من طرف لآخر. ومن المحزن أن نشهد استمرار كثير من الزيجات لسنوات، ثم يكتشف كل طرف أنه لا يكاد يعرف شيئًا عن الآخر  ، ناهيكم عن غايته من الزواج. كذلك، يُغفل البعض أهمية مصارحة الطرف الآخر بما يحب ويكره من تصرفات وعادات، وربما أحيانًا قبل الزواج. وعدم القيام بمثل هذا الأمر، يؤدي غالبًا إلى كثير من الخلافات، والتي قد لا تحل في كثير من الأحيان. وبالتالي إما أن يعيش الزوجان في كدر، أو أن ينتهي الأمر بالطلاق.

يُغفل البعض أهمية مصارحة الطرف الآخر بما يحب ويكره من تصرفات وعادات، وربما أحيانًا قبل الزواج. وعدم القيام بمثل هذا الأمر، يؤدي غالبًا إلى كثير من الخلافات

على صعيد آخر، فإن عدم الصراحة بالمشاكل والأسباب "الحقيقة" للخلاف، من شأنه أن يدفع الطرفين للخلاف على أشياء باطنها فيه أصل المشكلة، وظاهرها العلل والمبررات الواهية! لذا فإن الصراحة فيما يتعلق بالخلافات وسوء التفاهم أمر جوهري، لتوطيد العلاقة بين الزوجين في الحاضر، والامتناع عن نكء الجراح في المستقبل.

4- الصبر في غير محله!

هناك عيوب ونقائص يسهل تحملها في الطبع الإنساني، ولكن تحديد هذه الصفات تختلف من إنسان لآخر  . بيد أن هناك خطوطًا حمراء لا يصح تجاوزها، والضرب المبرِّح إحداها. فكثيرًا ما نسمع عن الزيجات التي لا يكف فيها الزوج عن ضرب زوجته وإهانتها، والعجيب أن مثل هذه الزيجات قد تستمر لسنوات، وكثيرًا ما تبرر الزوجة استكانها أو تقبلها لهذا التصرف المهين، بالصبر والاحتمال من أجل الأطفال. ولا تدري هذه المسكينة أن الله لا يرضى لعباده الظلم إن هم رضوه لأنفسهم، وأن استمرار هكذا زيجة، لن تكون لها أي ثمار سوى الألم والحسرة، وغالبًا ما يتحول الضرب والقسوة ليشمل الأبناء مستقبلًا!

شرع الله الزواج لأسباب معينة على رأسها الإعفاف وتحقيق السكن والألفة. بيد أننا صرنا في زمن تغيرت في مسارات الكثير من الأعمال الفاضلة والأهداف النبيلة، لتصبح غايات في حد ذاتها، وإن لم يتحقق منها الهدف المرجو

شرع الله الزواج لأسباب معينة على رأسها الإعفاف وتحقيق السكن والألفة. بيد أننا صرنا في زمن تغيرت في مسارات الكثير من الأعمال الفاضلة والأهداف النبيلة، لتصبح غايات في حد ذاتها، وإن لم يتحقق منها الهدف المرجو. والزواج أصبح على رأس هذه القائمة، باستثناءات نادرة!

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتبة ومترجمة من مصر، مهتمة بقضايا التعليم والأسرة والتطوير الذاتي

شاهد أيضاً

8 قواعد للتحكم في وقت استخدام الهواتف الذكية للأطفال والمراهقين

هل تكثر من قول: "توقف عن استعمال الهاتف!" أو "هذا يكفي، ضع الهاتف جانبًا الآن!" …