أيها الزوج: لا تغضب!!

الرئيسية » بصائر تربوية » أيها الزوج: لا تغضب!!
dreamstime_l_32373702

الغضب هو من أسوأ الصفات التي قد يتصف بها أي إنسان. هو صفة تطلق على من يفقد القدرة على السيطرة على نفسه وتصرفاته لأي سبب قد يستفزه أو يستثيره، وصفة تجعل الكثير من الناس يندمون على ما فعلوا أو ما قالوا أثناء غضبهم، وأمر مذموم في ديننا ومجتمعنا لما له من أثر مدمر، وله دور في تعطيل التفكير وجعل الإنسان لا يقدر تبعات أي قرار أو تصرف قد ينجم عنه. وهذه الآثار وغيرها، هي الحكمة خلف الوصية النبوية، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: (أوصني) قال: "لا تَغْضَبْ" فردّد مِراراً، قال: "لا تَغْضَبْ" (رواه البخاري).

وإن كانت صفة #الغضب هي سمة أحد الزوجين فإن ذلك له أكبر الأثر على نشوب الخلافات بينهما والتي بدورها تدمر وتقضي على الحياة الزوجية.

فالخلافات الزوجية تتطلب ذكاءً وفطنة في التعامل من كلا الطرفين؛ حتى تستمر الحياة حرة كريمة لكل من الزوج والزوجة على حد سواء. فالغضب لا يؤدي إلا إلى نتائج لا تحمد عقباها، ويودي بنا إلى الشعور بالوهن والتعب؛ فهو طاقة مهدورة لا فائدة منها.

الغضب لا يؤدي إلا إلى نتائج لا تحمد عقباها، و يودي بنا إلى الشعور بالوهن والتعب؛ فهو طاقة مهدورة لا فائدة منه

الغضب يوصلنا إلى طريق المرض الجسدي والنفسي، فكم من إنسان أصيب بارتفاع في ضغط دمه أو أصيب بأمراض عدة مثل السكري وغيره نتيجة ثورة الغضب العارمة والتي لا يسيطر عليها إلا من رحم ربي.

إن الجسم يتأثر كثيراً بالغضب، فكما هو معروف فالغضب هو عبارة عن ثورة عارمة تجتاح الإنسان فتزيد من دقات قلبه ويزيد إفراز هرمون يدعى "الأدرينالين" وتزيد نسبته في دم الشخص الغاضب لترتفع عدد نبضات القلب، ويزيد ضغط الدم والذي بدوره يؤثر سلباً على وظائف القلب وشرايينه.

كم من حالات الطلاق سجلت في المحاكم وكان سببها حالة من الغضب؟ لكن علينا أن لا ننكر أن كلاً من الزوج والزوجة قد يعتريهما حالات من الغضب، ولكن وفي أغلب الحالات تكون الزوجة هي ضحية غضب الزوج الذي كان قد كتم غيظه في موقع عمله حتى لا يثور على رئيسه في العمل، ولكنه يفجر غضبه في وجه تلك الزوجة المسكينة التي تنتظر عودته من عمله بفارغ الصبر. لذا فإني سأتناول في هذا المقال موضوع غضب الزوج وأثره على الحياة الزوجية.

إن أحد أهم أهداف #الزواج هو الشعور بالاستقرار النفسي والطمأنينة والهدوء، ولذلك فإن الغضب هو من أكثر الأسباب تأثيراً على السعادة الزوجية، فهو يدمرها ويقلبها رأساً على عقب. فكم من الرجال أبدوا اللطافة والهدوء والرحمة قبل الزواج، لتظهر حقيقة سرعة غضبهم وعدم تحكمهم بتصرفاتهم حتى على أتفه الأسباب بعد ذلك!

إنني أدعو جميع رجال أمتنا ومجتمعاتنا أن يتقوا الله في أسرهم عامة وفي زوجاتهم خاصة، فهذه الزوجة هي من تحتملك في جميع أحوال حياتك، هي من تعينك في حالة عوزك معنوياً ونفسياً ومادياً إن كان بامكانها ذلك، هي من تركت أهلها وتبعتك، هي من تسهر على راحتك وراحة أبنائك، هي من تريد لك الخير دائماً، هي من تريدك أن تكون الأفضل فنجاحك نجاحها وفشلك يعني فشلها وفشل الأسرة جمعاء.

أخي الرجل وجودك بين أفراد أسرتك أمر ضروري، وتأثيرك على أبنائك كبير جداً، فأنت القدوة الأولى التي يقتدي بها أبناؤك فاتق الله بهم.

لا نريد منك تعليمهم أن الرجولة تعني الغضب والصراخ، فالرجل الشجاع الكريم هو من يملك نفسه عند الغضب، وليس من يثور ويصرخ لأتفه الأسباب وذلك اتباعاً لقوله صلى الله عليه وسلم: "ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب" (متفق عليه).

لا نريد منك تعليم أبنائك أن الرجولة تعني الغضب والصراخ، فالرجل الشجاع الكريم هو من يملك نفسه عند الغضب، وليس من يثور ويصرخ لأتفه الأسباب

الغضب دائماً يؤدي إلى الشر، لذا كن ممن يؤثر إيجابياً على عائلته. حاول أن تدخل إلى بيتك وأنت تكظم غيظك إن وجد، حاول أن تنسى مشاكل عملك، اتركها خلفك، حاول أن ترسم الابتسامة على وجوه أبنائك وبناتك وزوجتك فلهم عليك حقاً. حاول أن تكون مصدر سعادتهم لا مصدر تعاستهم. كن ذلك الأب الحاني الذي تنتظره عائلته بفارغ الصبر لشخصيته الرحيمة العطوفة، ولا تكن ذلك الأب الذي يتمنى أهل بيته عدم وجوده لمعرفتهم أنه قد يفجر غضبه على أحد أفراد أسرته في أي وقت، فترى أبناءه وزوجته يجتنبون الحديث أو التواجد معه في نفس المكان.

حتى تسيطر على غضبك..

هناك الكثير من الأمور التي تساعدك للسيطرة على الغضب والتحكم بنفسك ومن أهمها ما يلي:

- حاول أن تسيطر على غضبك بطرق عديدة علمنا إياها إسلامنا الحنيف؛ حتى لا تدمر علاقاتك بأهلك وبمن حولك.

توضأ واسترخِ، فالوضوء يخفف من حدة الغضب ويقضي عليها، كذلك استعذ بالله من الشيطان الرجيم. قال صلى الله عليه وسلم: "إذا غضب الرجل فقال أعوذ بالله، سكن غضبه" (صحيح الجامع الصغير). فغضبك هو أمر يحلو للشيطان ويسعده، فلا تعطيه هذه الفرصة بل على العكس حاول التفكير بطريقة إيجابية وضع يدك على السبب الحقيقي لغضبك واعمل على إنهاء الخلاف مهما كان، بدلاً من تضخيم المشكلة أكثر فاكثر. واعلم أن غضبك وصراخك يترك رد فعل سلبي لدى الزوجة والأولاد فينفروا منك ومن تصرفاتك خصوصاً في حال تكرار نوبات غضبك.

- كثرة الاستغفار وذكر الله، فهو كفيل بإشعارك بالراحة والاطمئنان، وأن لك إلهاً قادراً على عونك وحل مشاكلك.

- تغيير الوضعية التي أنت عليها، الأمر الذي يساعدك على إنهاء غضبك. عن أبي ذر -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا غضب أحدكم وهو قائمٌ فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع" (رواه أحمد وأبو داود).

- محاولة اجتناب أسباب الغضب أو إزالتها إن أمكن؛ حتى تشعر الأسرة بالاستقرار والسكن والطمأنينة والهدوء.

- فكر بعواقب غضبك، فكر بأبنائك وبزوجتك، فكر في الأجواء السلبية التعيسة التي تفرضها على أسرتك بغضبك الغير مسيطر عليه. فكر فيما قد يبدر منك من إساءة إلى أقرب وأحب الناس إليك أثناء غضبك. فكر فيما قد تندم عليه سواء أكان قولاً أو فعلاً قد يبدر منك حين لا ينفع الندم. وكما يقال حاول أن تعد للعشرة قبل أن تقول أو تفعل شيئاً، أعطِ نفسك مجالاً لأن تهدأ ضربات قلبك؛ حتى تستطيع السيطرة على غضبك. تنفس بعمق قدر المستطاع حتى ترتاح نفسك وتهدأ.

فكر بعواقب غضبك، فكر بأبنائك وبزوجتك، فكر في الأجواء السلبية التعيسة التي تفرضها على أسرتك بغضبك الغير مسيطر عليه

ختاماً.. المرأة الصالحة تحاول دائماً تهدئة ثورة غضب زوجها، ولكن لن نتوقع منها هذا التصرف في كل الحالات وفي كل مرة يغضب زوجها فيها، حيث إن المرأة هي كائن بشري ولها قدرة معينة على الاحتمال. كما أن النساء مختلفات في قدرتهن على احتمال الزوج السريع الغضب.
علاوة على ذلك، هناك نوع من الأزواج ممن اعتاد إهانة زوجته والصراخ في وجهها متذرعاً بحالة غضبه متناسياً أنها إنسان تشاطره حياته ومسؤولياته ولها منه من الاحترام ما عليها تماماً. فمن الخطأ أن يعتقد الزوج أن على الزوجة أن تحتمله وتصبر عليه طوال حياتها فمن حقها أن تعيش بسلام واحترام فهو لم يتزوجها ليهينها ويتعبها، إنما لتشاركه حياته وأسرته بكل احترام.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
باحثة وأديبة ومحاضرة في الأدب والفكر، لها العديد من البحوث والمؤلفات باللغتين العربية والإنجليزية. حاصلة على شهادة الدكتوراة في التعليم (القيادة التربوية والإدارية). تقوم بتقديم العديد من الدورات التدريبية وورش العمل في مجالات عديدة. درست الأدب الانجليزي والشريعة الإسلامية. وقدمت مساهمات في العديد من المؤتمرات العالمية والمحلية فيما يختص بتطوير التعليم وطرائقه. لها اهتمامات عديدة في مجالات الأسرة وكذلك تنمية وتطوير الذات.

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …