الدفاع عن المسجد الأقصى وتحريره والتضحية من أجله فرض وواجب على المسلمين، لا يجوز التراجع عنه، ولا يكتمل إيمان مسلم إلا بحبه والشوق إلى زيارته والذود عنه، ولو بإرسال ثمن الزيت الذي تضاء به قناديله، كما جاء في حديث سيدتنا ميمونة بنت الحارث (رضي الله عنها) قالت: "قلت: "يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَفْتِنَا فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ"، فَقَالَ: "أَرْضُ الْمَنْشَرِ وَالْمَحْشَرِ ائْتُوهُ فَصَلُّوا فِيهِ فَإِنَّ صَلَاةً فِيهِ كَأَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ"، قلت: "أَرَأَيْتَ مَنْ لَمْ يُطِقْ أَنْ يَتَحَمَّلَ إِلَيْهِ أَوْ يَأْتِيَهُ"، قَالَ: (فَلْيُهْدِ إِلَيْهِ زَيْتًا يُسْرَجُ فِيهِ فَإِنَّ مَنْ أَهْدَى لَهُ كَانَ كَمَنْ صَلَّى فِيهِ)".
وفي ظل ما يتعرض له #الأقصى من استباحة لمقدساته ليل نهار من قبل العدو الصهيوني وتدنيس لقدسيته أمام أعين العالم والأمتين العربية والإسلامية دون حراك يكون السؤال: كيف للمسلمين أن ينصروا الأقصى رغم بعدهم المكاني عنه؟
ودفعت الغيرة على المقدسات والمسجد الأقصى الأسبوع الماضي ثلاثة شبان حيث قرروا أن يثأروا للأقصى وينصروه ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، فدخلوا في اشتباك مع بعض عناصر شرطة الاحتلال قرب المسجد، فقتلوا اثنين منهم، ليفرض الاحتلال على إثر ذلك إجراءات عقابية وأمنية مشددة بحق الأقصى والبلدة القديمة من خلال إغلاقه، ومنع رفع الأذان وإقامة الصلاة فيه دون أي موقف عربي أو إسلامي يدافع عن حمى المسجد وباحاته.
والمسجد الأقصى هو ثاني مسجد وضع في الأرض بعد المسجد الحرام بأربعين سنة، وهو أولى القبلتين وثالث المسجدين، ومسرى رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وهو أحد المساجد الثلاثة التي يُسنّ فقط شد الرحال إليها في الأرض، بل هو آية من كتاب ربنا (سبحانه)، من أهمله فكأنما أهمل آية من القرآن، ومن هجره دفاعًا أو صلاةً أو إعمارًا فكأنما هجر جزءًا من القرآن الكريم.
وفي هذا الصدد يقول أستاذ الفقه المقارن المشارك في كلية الشريعة والقانون بالجامعة الإسلامية د. بسام العف: "للمسجد الأقصى مكانة عظيمة، كيف لا وهو أولى القبلتين، وثاني المسجدين، وثالث الحرمين، ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعراجه إلى السماوات العلا، كما أنه من أقدس مقدسات المسلمين بعد المسجد الحرام والمسجد النبوي"، مذكّرا بحديث رسول الله عليه الصلاة والسلام: "لا تُشد الرحال إلا إلى ثلاث مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى".
وأوضح في حديث لـ " بصائر " أن أرض المسلمين كلها مقدسة، فلو اغتصب جزء منها يجب أن يقف مع أهلها كل المسلمين ويعملوا على تحريرها، ويمدوا لها يد العون، ومن هنا يقع على المسلمين واجب نصرته، ويزداد واجب الدفاع عن القدس نظرا لحرمة المسجد الأقصى وقدسيته ومكانته العظيمة.
وأضاف د. العف "ولعل الواجب الأساسي والأهم هو العمل على تحريره من براثن العدو، الذي بات يجثم عليه، ويسيطر على مقاليد الإدارة والحياة فيه".
وأشار إلى أنه يجب على المسلمين العمل والإصرار على تحريره، منوها إلى أن هذا الأمر في الوقت الحالي صعب المنال، في ظل واقع المسلمين المتفرق والضعيف، ومع ذلك فثمة وسائل كثيرة في هذه الحالة ليمدوا يد النصرة للمسجد الأقصى بالوسائل والأفعال والقلوب.
ونوه إلى أنه يجب على المسلمين أن يقدموا النصرة بجهود مختلفة، فعلى صعيد الحكومات عليها أن توفر الدعم المالي لترميم وصيانة المسجد الأقصى الذي يتهاوى، فهو مهدد بالسقوط أو الإسقاط بسبب الحفريات "الإسرائيلية"، والعمل على دعم المرابطين والمصلين والعُمار فيه، الذين يمنعون من صلاتهم والديمومة عليها بخطة التهويد.
وقال: "كذلك النصرة واجبة على كل صاحب قلم ومنبر إعلامي وصاحب كلمة في العالم الإسلامي، لإظهار الحقيقة والتعريف بتاريخ المسجد الأقصى الإسلامي في ظل ما تقوم به دولة الاحتلال من حملة إعلامية شعواء للترويج لفكرة أنه إرث يهودي".
العف: النصرة واجبة على كل صاحب قلم ومنبر إعلامي وصاحب كلمة في العالم الإسلامي، لإظهار الحقيقة والتعريف بتاريخ المسجد الأقصى الإسلامي في ظل ما تقوم به دولة الاحتلال من حملة إعلامية شعواء للترويج لفكرة أنه إرث يهودي
وذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان"، متسائلا: "هل هناك منكر أعظم من أن يُمنع الأذان في الأقصى ومن استباحته من قبل المستوطنين؟".
من جهته لخص الشيخ سلمان الداية أستاذ الفقه وأصوله بكلية الشريعة الإسلامية بالجامعة الإسلامية في حديث لـ "بصائر" أهم الوسائل التي تساعد في الدفاع عن المسجد الاقصى ونصرته مشيراً إلى ضرورة..
- استحضار النية الصادقة في نصرة المسجد الأقصى المبارك خطوة أولى.
- الدعاء وإعطاؤه قدره في أوقات الفراغ.. وقد يجلب الدعاء ما لا تجلبه ملاقاة الأعداء!!
- الصدقة والدعم المالي، ومد يد العون لأيتام شهداء الفلسطينيين وأهاليهم.
- اليقين بالنصر المؤزر المؤكد، والتذكير بأن العاقبة للمؤمنين والتأكيد على ضعف المشركين والكفار، وغرس سنة الله المداولة بين الناس، وأن أي دولة مهما كانت قوية ولكنها ظالمة فمآلها إلى السقوط.
- الإعلام بالقلم والصورة وبكل وسيلة ممكنة من الوسائل التي تفيد في طرح القضية والتذكير بها، خاصة وقد رأينا كيف لعب سلاح الإعلام دورا رئيسًا في توطيد أركان الكيان الصهيوني.
- تذكير الأمة بمكانة فلسطين والمسجد الأقصى لتأخذ مكانتها اللائقة من قلوب الأمة المسلمة واهتمامها الفاعل في نصرتها وتحرير أجزائها.
- توحيد جهود أهلنا في الضفة المحتلة والقدس والثمانية وأربعين حكومة ومؤسسات وجمعيات وأفراداً نحو حراسة مصالح أهلنا ومقدساتهم.
- السعي الجاد واستفراغ الوسع في نصرة المسجد الأقصى امتثالا لأمر الله تعالى ورسوله صلى الله وعليه وسلم.
-تذكير الأمة بالواجب الشرعي تجاه المسجد الأقصى وفلسطين.
- المسارعة الدائمة إلى كثرة طروق المسجد الأقصى والصلاة فيه لحديث مَيْمُونَةَ مَوْلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفْتِنَا فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَقَالَ: (ائْتُوهُ فَصَلُّوا فِيهِ، فَإِنْ لَمْ تَأْتُوهُ وَتُصَلُّوا فِيهِ، فَابْعَثُوا بِزَيْتٍ يُسْرَجُ فِي قَنَادِيلِهِ). وَحَدِيْثِ ذِي الْأَصَابِعِ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِ ابْتُلِينَا بِالْبَقَاءِ بَعْدَكَ فَمَا تَأْمُرُنَا؟ فَقَالَ: (عَلَيْكَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ لَعَلَّ اللهَ أَنْ يَرْزُقَكَ ذُرِّيَّةً تَغْدُو إِلَيْهِ وَتَرُوحُ).
- دور الآباء مع أبنائهم في زرع العداء لليهود في نفوسهم، وأهمية نصرة المسلمين ومعاونتهم.
وأكد الداية أنه يجب على مستخدمي الإنترنت توظيف استخدام قنوات المحادثة والدردشة والحوار المباشر وقنوات المحادثة غير المباشرة في نصرة المسجد الأقصى، ومن خلال برامج ساحات الحوار والمنتديات، مع عدم نسيان مجموعات الأخبار والحوار المنتشرة على مستوى العالم.
وقال:" بادروا إلى إنشاء موقع إسلامي للتعرف على المسجد الأقصى وأخباره، أو على الأقل الاطلاع على مثل هذه المواقع، وإشهار المواقع المفيدة والتي تنشر أخبار المسجد".
وأشار في ختام حديثه على وجوب تكثيف جهود المؤسسات والشعوب لنصرة الأقصى وأهل القدس بكل الوسائل لتثبيتهم أمام عدوهم ودعمهم، قائلا: "لو أن المسلمين توحدوا على قلب رجل واحد واستخدموا إمكانياتهم وقوتهم لسهل عليهم تحريره".