من سنن الله الكونية التي لا تتخلف في كل زمان ومكان أن الوحدة قوة وهي من أهم أسباب النجاح، وان التفرق أساس الفشل {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا} {ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم}، فالقوة في الوحدة والفشل في النزاع والفرقة.
رغم وضوح هذه السنة وبساطتها الشديدة، ووضوح آثارها ونتائجها على مدار التاريخ، والتجارب التي مرت بها الأمم، فإن الكثيرين من أبناء هذه الأمة تحديداً لا يأبهون بها، ولا يضبطون أفعالهم وفقها، ولا يبالون بالنتائج المترتبة على إهمالها، وخاصة ممن يسوسون الأمة ويملكون زمام الأمور مما أورد الأمة موارد الهلاك، وأضعفها في مواجهة التحديات العظام التي تواجهها.
ومرد ذلك -في تقديري- إلى زهو الباطل، حيث يظن هؤلاء أنهم وحدهم يحق لهم تقدير الأمور ومعرفة الصواب من الخطأ، بل إن ما يرونه هو الصواب دائماً إلى الدرجة التي جعلتهم يحيدون أصحاب الرأي والحكمة في دولهم، وأن يحرموا شعوبهم من الحرية في إبداء الرأي في الوقت الذي {ويحسبون أنهم على شيء} لم يدعوا منكرا إلا واقترفوه، أو فساداً إلا ومارسوه {وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون}.
لقد عميت أبصارهم فرأوا المنكر معروفاً والمعروف منكراً، فاتخذوا العدو البعيد صديقاً والصديق والأخ والقريب عدواً، إنهم يعتقدون جازمين أن الطريق المعوج الذي سلكوه هو الأسلم لأحوالهم والمنجي لأوضاعهم، بل إنهم يريدون كما الشيطان أن يشاركهم الجميع اعوجاجهم وضلالهم حتى العلماء والمشايخ يجب أن يقولوا بقولهم الباطل وأن يفتوا بصواب أفعالهم المشينة {ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء}.
إن النزاع اليوم على مستوى الدول العربية قد بلغ درجة من الإسفاف الذي لا يقبله حكيم أو عاقل، إنهم يريدون من الجميع أن يشاركوا في محاصرة المصلحين والداعين إلى تغيير الأوضاع القائمة والتي تنضح بالفساد والسوء.
المطلوب اليوم وبكل وقاحة محاربة الإصلاح تحت ذريعة مكافحة الإرهاب، وأن تتواصى كل الدول العربية بهذا، وأن تتوجه الجهود للإبقاء على الأوضاع القائمة بكل وسيلة ممكنة، فقضيتهم ليست الأقصى أو الازدهار والتقدم أو امتلاك أسباب القوة، بل كيف نحافظ على ما نحن فيه من سوء لا يخفى على كل ذي بال!
المطلوب اليوم وبكل وقاحة محاربة الإصلاح تحت ذريعة مكافحة الإرهاب، وأن تتواصى كل الدول العربية بهذا، وأن تتوجه الجهود للإبقاء على الأوضاع القائمة بكل وسيلة ممكنة
وهنا والأمر بهذا الوضوح وبهذا السوء، وجب على الدعاة والمصلحين والذين هم أمل الأمة أن يقوموا بدورهم في إنقاذ الأمة من الآثار المدمرة لهذا النزاع من خلال الخطوات الآتية:
1- الثبات على الحق الذي نعتقد أنه صواب وأن لا تغيرنا الضغوط أو الإغراءات فنحن طليعة الأمة وقادتها إلى الخير لا يجوز أن نظهر خلاف ما نعتقده. فإن لم نستطع قول الحق فلنسكت عن تأييد الباطل، فكل من أعان على الباطل ولو بكلمة من الدعاة والعلماء والمشايخ فهو سبب في إطالة أمد الأزمة وفي تلبيس الحق بالباطل على أفراد الأمة، وفي إمعان أهل الضلال في ضلالهم.
2- أن نشكل مع كل الداعين إلى الخير في الأمة تياراً يرفض مسيرة النزاع والفرقة، وأن ندعو إلى الوحدة والألفة والمحبة بين الأشقاء وأنه لا يجوز بحال القطيعة بين المسلمين.
3- مضاعفة جهودنا في إصلاح أوضاع الأمة فقد اتسع الخرق على الراتق، وكلما طال أمد الأحوال القائمة كلما استعصت على الحل أو الإصلاح وهذا يحتاج منا أن نبذل كل جهد مستطاع والبحث عن وسائل جديدة مكافئة تقلب المعادلة وتحقق اختراقاً حقيقياً في تغيير الأوضاع القائمة.
لابد من الاستفادة من مواقع التواصل الاجتماعي في إشاعة روح التفاؤل، وأن الأوضاع القائمة ليست قدراً لهذه الأمة، بل إن التغيير قادم وهو منوط بنا وبمدى رفضنا للفساد
4- الاستفادة من مواقع التواصل الاجتماعي ومن كل منبر متاح في إشاعة روح التفاؤل والأمل، وأن الأوضاع القائمة ليست قدراً نهائياً لهذه الأمة، بل إن التغيير قادم وهو منوط بنا وبمدى رفضنا للفساد، فالمسئولية في التغيير مسئولية جماعية تعم الأمة كلها.
5- تقديم الحلول العملية لبعض المشكلات القائمة من خلال دراستها ومعرفة أسبابها ومن ثم اقتراح علاجها وتطبيق هذه الحلول لتكون نموذجاً حياً يقتدى به.