3 تساؤلات حول الإخلاص وأثره في حياة الدعاة

الرئيسية » بصائر تربوية » 3 تساؤلات حول الإخلاص وأثره في حياة الدعاة
US-RELIGION-ISLAM-RAMADAN-EID

لا شك أن النجاة في الحياة الدنيا هي منتهى سعي المؤمنين حتى ينعموا ويفوزوا برضوان الله وجناته في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

ولما كان الدعاة إلى الله هم البذرة الطيبة والنجوم المضيئة في إصلاح المجتمعات، وذلك لعظمة دورهم الإرشادي في هداية الناس لعبادة الله فهما وقولا وعملا. لذلك من الضروري أن لايمل المرء من التذكير والنصح والسعى لكل خير من باب قول ربنا: {وذكر فإن الذكرى تنفع المومنين} [الذاريات:55].

إن #الإخلاص سر من أسرار الله يلقيه في قلب من يحب، فلا يطلع عليه أحد، وهنا تكمن عظمته وروعة أجره وأثره الطيب على حياة الداعية في الدنيا والآخرة.

ولما كان الإخلاص مع الله عز وجل يفتح الأبواب المغلقة ويزيل الضيق ويعجل بالفرج، لذلك فهو عزيز جداً، وليس من السهل أن يخلص المرء خصوصاً في دنيا الفتن، والسلف والأئمة يقولون: لا يتقبل إلا ممن اتقاه في ذلك العمل، ففعله كما أمر به خالصا لوجه الله تعالى.

إن معيار فتح قلوب العباد للدعاة هو مدى إخلاصهم الصادق لله رب العالمين لذلك فلا نستغرب من أن أحد المشايخ يحضر له الآلاف من الناس أو يشيعه الآلاف بعد موته. أو حتى لا يزال فكره منتشراً إلى الآن، فبإخلاصه انتشر وشاع أثره وعلمه.

وهنا عدة أسئلة نناقشها معاً:

أولاً: هل الإخلاص له صور تنافيه وتجعله هباء منثوراً؟

والجواب: نعم. فالرياء والسمعة والسعي الدائم لهما يحوّلان الإخلاص إلى سراب منعدم الأثر والمثوبة. ثم العجب بالنفس، فيستعظم #الداعية عبادته ويمن على الله فينسى نعمه عليه، ثم اتباع الهوى، فهو كما قال ابن تيمية: "وصاحب الهوى يعميه الهوى ويصمه فلا يستحضر رضا الله ولا اتباع رسوله صلى الله عليه وسلم".

الرياء والسمعة والسعي الدائم لهما يحوّلان الإخلاص إلى سراب منعدم الأثر والمثوبة.

السؤال الثاني: كيف أحقق الإخلاص في دعوتي؟

إن المحن في حياة الداعية حتمية الحدوث، ولنا في النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم القدوة، فما بين المطاردات والسعي لاغتياله والتربص له وشن الحروب على رسالة الإسلام كل هذه دروس علينا أن نعيها، لذلك فالداعية لا قيمة له إلا بإخلاصه لربه في دعوته حتى يفتح الله له قلوب العباد.

ولما كان الإخلاص نقيض #الرياء فالداعية بين شقي رحا، فعلى الداعية أن يحاسب نفسه أولاً بأول، ويلح على ربه أن يرزقه نفساً لوامة فلا تنزلق روحه في براثن الرياء دون شعور.

إن طريق الدعوات واضحة معالمه شاق مليء بالأشواك وليس مفروشاً بالورود، لذلك فالصبر دواء لا يمكن تركه، بل يجب أن يصاحبه الداعية حتى يستمد القوة المعنوية والنفسية في مواجهة التحديات والنفوس والأعباء.

أضف إلى ذلك، أن الراحة النفسية للداعية لن تتأتى إلا براحة إيمانية وعلاقة وثيقة بالله، ثم إن الداعية بحاجة لأن يثبت ثمار فهمه في محيط أسرته وأهله ومجتمعه دون اضطراب أو أزمات نفسية.

كما أن الحرب المعلنة على الدعاة حرب أبدية وقديمة، وكم من أموال تنفق للإيقاع بالدعاة تحت مسميات التحرر ومواكبة العصر والتمدد الفكري الذي هو يطعن في ثوابت الدين، لذلك فعلى الداعية أن يكون يقظاً ملماً بدينه فاهماً له واعياً لطريقه مدافعاً عنه دون كلل أو ملل مع الاعتصام بحبل الله المتين وطلب العون من الله العلي العظيم.

السؤال الثالث: هل يحق لي أن أترك بعض الأعمال خوفاً من الرياء؟

البعض يظن أن لو ترك المسار خشية من الرياء فهو آمن وما أرى هذا إلا احترافية من الشيطان حتى أوصلك لهذا الشعور، وكأني بك وقد رأيت مشهد زنا ثم آثرت الصمت حتى لا يقال أنك غضبت لربك رياء وسمعة وهذا في ظني ليس من الفهم في شيء.

إن الداعية معني اليوم قبل الغد بالتمسك بالمسار الدعوي والعمل على إفشال كل مخططات الطواغيت في العالم الذين يسعون لاجتثاث الفكرة والدعوة الإسلامية.

ولئن تركت الدعوة إلى الله اليوم بدافع الخوف من الرياء، فقد تترك غداً الصلاة بدافع الخوف من الرياء، وتلك مهلكة عظمية أوردت نفسك فيها ولا نجاة إلا بالعدول والاستقامة على مراد الله والعمل على تحرير الناس لرب العالمين، وتحرير كامل الأرض من كل مستعمر خارجي.

لئن تركت الدعوة إلى الله اليوم بدافع الخوف من الرياء، فقد تترك غداً الصلاة بدافع الخوف من الرياء

إن تفشي هذا الفهم داخل البناء الإسلامي هو تجريف وتزييف للوعي ونبت خبيث زيّنه الشيطان في عقول وقلوب أبناء الحركة الإسلامية.

أيها الدعاة اعملوا واعلموا أن الأمور تجري بمقادير الله، وكلنا موقوفون بين يدي الله فلا أحد معصوم ولا أحد يملك صكاً بالثبات والقبول والغفران، ونحن جميعاً نجتهد وفق طاقتنا وفهمنا والله وحده المطلع على النفوس والسرائر.

إن الحرص على البناء يستوجب السعي للتغيير، وهذا في نظري قمة الحب والجهد ولا قيمة لعالم لم ينفعه علمه ولا معنى لإخلاص لا يرتقي به المرء بينه وبين نفسه، ولا قيمة لقلم ينتقد وصاحبه كسول لا يعمل، فكلنا نفخر بدعوتنا لكن الفخر وحده لا يكفي فقد تندثر بالصمت وعدم التجدد وهذا دور كل الغيورين.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتب وباحث مصري الجنسية، مؤلف عدة كتب فى التربية والتنمية "خرابيش - تربويات غائبة- تنمويات". مهتم بقضية الوعي ونهضة الأمة من خلال التربية.

شاهد أيضاً

بين فرحتي الصائم

لا شك أن المؤمن الواعي المدرك لرسالته سواء كان كاتبًا أو مهندسًا أو صاحب عمل …