تعرف الغيرة بأنها مجموعة من المشاعر والانفعالات والأفكار التي تدور بداخل الإنسان من جراء الشعور بمشاركة الغير فيمن يحب أو فيمن يهتم لأمره، وقد تتطور هذه المشاعر فيما بعد وتتحول إلى ردود فعل سلبية وغضب داخلي ينعكس على التصرفات والسلوك.
توصف #الغيرة بأنها إما أن تكون غيرة محمودة أو غيرة مذمومة، فأما الغيرة المحمودة فهي الغيرة المطلوبة أو ما تسمى بالغيرة الفطرية كغيرة، الرجل على أخواته وبناته وزوجته لأنه يتميز بغريزة تملي عليه حماية الإناث في عائلته وهذا أمر طبيعي ومتقبل في المجتمعات المختلفة.
أما الغيرة المذمومة وهي ما يمكن أن تسمى أيضاً بالغيرة المرضية فهي غير متقبلة من قبل أحد على الأغلب، كأن يمنع أب ابنته من الدراسة لغيرته الشديدة عليها أو أن يمنع زوج زوجته من الالتقاء بالناس ومحادثتهم لذات السبب. إن هذا النوع من الغيرة هو سبب من أهم أسباب انهيار الأسرة؛ لأن الغيرة إن زادت عن الحد الطبيعي أصبحت مرضاً نفسياً يتعب صاحبه ويتعب من حوله.
الغيرة قد توجد بين الزوجين أيضاً، وهي طبيعية في الحالات الاعتيادية ولكن الخطأ يكمن في المبالغة فيها نحو الطرف الآخر. فإن كانت الغيرة من الجانب الأنثوي فإن المرأة تغار على زوجها غيرة شديدة مربكة لكليهما. فالمرأة مثلاً تعتبر كل حركة يقوم بها #الزوج هي حركة غريبة مثيرة للشك وقد يكون لها ألف معنى ومعنى في تصورها، وإنها بداية النهاية لزواجهما أو أن غيرتها تقودها إلى الاعتقاد بأن زوجها على علاقة بامرأة أخرى، فإن تحدث بالهاتف جن جنونها لأنها تضع في رأسها آلاف الاحتمالات، وإن اكتفى الزوج بالنظر إلى هاتفه عنى ذلك لها الكثير؛ لاعتقادها أن زوجها ينتظرمكالمة من أحد يهمه أمره أو أنه ربما ينتظر رسالة غرامية أو ما شابه ذلك، فتبدأ نظرات الشك والاتهام والعتاب للزوج لتتطور بعد ذلك إلى مشاكل ما أنزل الله بها من سلطان، فهناك فرق كبير بين من يريد الحفاظ على العلاقة الزوجية وبين من لايثق بالطرف الآخرلأن العلاقة الزوجية لا تعطي الزوجة الحق في تملك أو التحكم في الزوج أو في سير حياته أو تصرفاته.
هناك فرق كبير بين من يريد الحفاظ على العلاقة الزوجية وبين من لايثق بالطرف الآخرلأن العلاقة الزوجية لا تعطي الزوجة الحق في تملك أو التحكم في الزوج أو في سير حياته أو تصرفاته
لا أريد أن يشار بأصابع الاتهام بالغيرة للزوجة فقط فلربما كان الرجل هو من يتصف بالغيرة المذمومة المبالغ بها تجاه الزوجة، والتي هي ظلم وإجحاف في حق المرأة وقد تؤدي إلى إفقاد المرأة ثقتها في نفسها، فغيرة الرجل الزائدة على المرأة تؤثر على شخصيتها ونجاحها في الحياة.
أما الزوج الغيور فيعيش في ظلمة شكوكه وغيرته الغير مبررة وبالطبع تتخذ هذه الوساوس شكل النقاشات العقيمة التي تؤدي إلى انهيار الحياة الزوجية شيئاً فشيئاً وبالتالي إلى انعدام الثقة بين الطرفين، الأمر الذي يقتل المحبة بينهما، ناهيك عن أجواء التعاسة التي تخيم على العائلة جمعاء كنتيجة لما يحدث بين الزوجين.
إن أسباب الغيرة المرضية الزائدة عند الرجل مختلفة، فقد تكون بسبب عدم الثقة بنفسه أو بالآخرين، أو قد تكون جزءاً من موروثات المجتمع الشرقي حيث إن بعض الذكور يربون في صغرهم على أن الرجل يملك المرأة إن تزوجها وأن عليه التحكم في كل صغيرة وكبيرة في سير حياتها سواء أكان عملها أو لبسها أو زياراتها أو حتى اختياراتها المختلفة فهو يعتبرهذا الأمر جزءاً لا يتجزأ من رجولته.
إن أسباب الغيرة المرضية الزائدة عند الرجل مختلفة، فقد تكون بسبب عدم الثقة بنفسه أو بالآخرين، أو قد تكون جزءاً من موروثات المجتمع الشرقي حيث إن بعض الذكور يربون في صغرهم على أن الرجل يملك المرأة إن تزوجها وأن عليه التحكم بها
على الزوجين أن يتفهما حقيقة كل منهما وأن على كل منهما إعطاء مساحة كافية للطرف الآخر للشعور بالأمان والاستقرار. فليس هناك أسوأ من شعور أحد الزوجين أنه يعيش مع إنسان هو أشبه بشرطي يحاسبه على كل كبيرة وصغيرة. فما دامت هناك محبة وثقة بين الزوجين فلا يجوز أن تخدش أبداً، فليس هناك أحد يحب أن يشعر أنه مراقب في بيته ومن قبل أقرب الناس اليه. لذا على الزوجين تفهم حاجة الطرف الآخر للخصوصية وبعض الاستقلالية والتي لا تعني الخيانة أبداً ولكن هي فطرة الإنسان التي فطر عليها.
إن القليل من الغيرة بين الزوجين هو أمر محبب؛ لإشعار كل منهما بحب واهتمام الطرف الآخر، لكن إن زادت هذه الغيرة انقلبت الموازين وأصبحت الحياة جحيماً لا يطاق. لذا قد يسأل أحد منكم الآن نفسه رجلاً كان أم امرأة هل غيرتي طبيعية ومقبولة أم هي غيرة مرضية زائدة عن الحد المرغوب به؟
إن أردت معرفة الإجابة فعليك أن تسأل نفسك بعض الاسئلة التي تساعدك على معرفة الإجابة.
اسأل نفسك اولاً إن كانت غيرتك تؤثر على سير حياتك الطبيعية الاعتيادية.
ثانيا هل غيرتك تضايق وتؤذي مشاعر من تحب؟
وأخيراً هل غيرتك هي المسيطرة عليك وعلى تصرفاتك؟.
إن كانت إجابتك بلا على الأسئلة الثلاثة فهنيئاً لك بحياة طبيعية خالية من التعقيدات ومليئة بالحب المعتدل الممزوج بالقليل من منكهات الحياة الهنيئة كالغيرة المعتدلة التي تنم عن الحب والاهتمام بالطرف الآخر، أما إن كانت إجابتك بنعم فلتعلم أن غيرتك غير محمودة وأنها تؤثر سلباً عليك وعلى من تحب. وفي هذه الحالة هناك بعض الأمور التي يجب عليك اتباعها لتنقذ حياتك من الهاوية.
عد إلى نفسك وراجعها وحاول التخلص من هذه الصفة البغيضة والتي تحتاج إلى معالجة نفسية للتخلص منها إن كانت شديدة، كما أنك بحاجة إلى معرفة الأسباب الحقيقية للغيرة ومحاولة التخلص منها بطريقة سليمة؛ حتى تصفو الحياة وترتاح الأنفس وتعيش حياة سعيدة وهنيئة، فليس هناك أحد يستحق أن يعيش شقياً متعباً تعيساً ومرهقاً بسبب قيامه بأمور حياتية اعتيادية مشروعة ولكنه يحاسب عليها كأنها أفعال مشينة فقط لأن الطرف الآخر مريض بالغيرة.
حاول أن تعتمد لغة الحوار فهي الوسيلة الفعالة لتقارب وجهات النظر بينك وبين الطرف الآخر وبالتالي حصول المحبة والتفاهم والمودة والشعور بالأمان والسكينة الذي يقلل من الشعور بالغيرة الهدامة اتباعاً لقوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً}