البوصلة المشبوهة!!

الرئيسية » خواطر تربوية » البوصلة المشبوهة!!
masajed3

الأقصى الجرح الدامي والغائر في ضمير الأمة الإسلامية والعربية، والقضية المنسية، والقبلة الأولى التي تعقد المؤتمرات وتحاك المؤامرات في سبيل تغييبه عن فكر الأمة ومعتقداتها بل ولتصفية قضيته على مرأى ومسمع من الشعوب العربية والإسلامية على حد سواء.

وفي خضم الحملة الشرسة التي يمارسها يهود بطشاً وجبروتاً وتهويداً فلم يسلم الحجر ولا الشجر من همجيتهم، تأتي أيام عزيزة غالية على قلوب المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها؛ أيام ذي الحجة ليتهيأ المسلمون لأداء الركن الخامس من أركان الإسلام الحنيف حيث التوجه إلى البيت العتيق المسجد الحرام مروراً بالمسجد النبوي توأمي المسجد الأقصى والذي لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثتهم، تحشد الجموع وتعلن حالات التأهب والاستعداد لموسم #الحج ولإعداد المسجد الحرام لاستقبال ضيوف الرحمن.

وتقف الملايين على عرفات الرحمة تجمعهم قبلة واحدة وبضراعة وعبودية لرب واحد، ويتقربون إلى الله بتلاوة آيات الذكر الحكيم ليمروا بتلاوته صبح مساء على سورة الإسراء تلاوة أو تفسيراً أو حفظاً لتذكرهم بالمسجد الأقصى تحديداً إلا أن ذلك لم يجمعهم -رغم كل مقومات الوحدة والاجتماع- على موقف فعلي تجاه #الأقصى، يقطعون المسافات لشد الرحال إلى المسجد الحرام والمسجد النبوي لكن توأمهما المسجد الأقصى لا رحال تشد إليه من جموع المسلمين قادة أو شعوباً.

وعندما تتأمل الموج البشري الهادر من قوافل المعتمرين والحجاج، ترتسم صورة الأقصى الحزين في سويداء قلبك فتخطر في بالك قصة يوسف عليه السلام وتآمر الأخوة عليه ليلقوه في الجب بعدما صاروا ألد الأعداء، و ما أشبه الأقصى بيوسف عليه السلام يتآمر عليه العرب والعجم ليواروا قضيته في غيابات الجب   ، وأتساءل لو أُنفق عشر ما ينفق على موسم الحج في سبيل نصرة القبلة الأولى أتراه سيبقى في أسره واحتلاله؟!

عندما تتأمل الموج البشري الهادر من قوافل المعتمرين والحجاج، ترتسم صورة الأقصى الحزين في سويداء قلبك فتخطر في بالك قصة يوسف عليه السلام وتآمر الأخوة عليه ليلقوه في الجب بعدما صاروا ألد الأعداء

هؤلاء الذين يشرفون على مواكب الحجيج ويسيرون قوافل الحجاج ألا يخشون مساءلة الله لهم عن القوافل التي يجب أن تُسيّر في نصرة الأقصى، إن عيناً لا تذبل أرقاً على الأقصى دموعها أشبه بدموع إخوة يوسف يوم أن تآمروا عليه واتهموا الذئب بدمه، وإنّ قلباً لا يغلي غضباً على حال القبلة الأولى فيه خور وعلة لا تُخفى، وإن روحاً لا تشد الرحال إلى الأقصى لهي روح ترقد في مقابر الأحياء الأموات، وبوصلة لا تشير نحو الأقصى ولا تجعل من قضيته أولوية فوق كل الأولويات لهي بوصلة مشبوهة منحرفة ولو تستر أصحابها بثوب الكعبة.

البوصلة التي لا تشير نحو الأقصى ولا تجعل من قضيته أولوية فوق كل الأولويات لهي بوصلة مشبوهة منحرفة ولو تستر أصحابها بثوب الكعبة

قضية الأقصى هي الميزان الإيماني الذي من خلاله يقيس المرء درجة إيمانه واتباعه أوامر ربه والتزامه سنة نبيه، وغير ذلك إنما يكون ممن يتلون حروف الكتاب ولا يقيمون أحكامه وحدوده، وإن أمّة لا تحسن الدفاع عن قبلتها الأولى لهي أوهن من أن تصون توأميها المسجد الحرام والمسجد النبوي، كما أن من يفرط بالأقصى فهو غير مؤتمن على غيره من المقدسات   ، فالذي ينظر إلى دماء الأبرياء تراق ظلماً وعدواناً في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس ولا يغضب لهذا الدم الذي هو أشد حرمة عند الله من أن تهدم الكعبة حجراً حجراً، فهو غير جدير بأن يلي من أمر المسلمين شيئاً، فإن كان عمر رضي الله عنه يخشى أن يحاسبه الله على بغلة عثرت بالعراق لم لم تسوِّ لها الطريق يا عمر؟! أفلا يخشى كل من بيده أمر مهما قل شأنه أو كبر أن يسأل عن الأقصى والدماء البريئة المسفوكة على يد شرذمة دون أن تجد مغيثاً لصرختها.

إن قضية القدس والأقصى ستبقى الامتحان الذي تتمايز به القلوب وتتكشف من خلالها معادن الرجال، ستبقى القضية التي تمحص الذين آمنوا وجاهدوا من الذين إذا قيل لهم انفروا في سبيل الله تثاقلوا إلى الأرض، ستبقى قضية الأقصى الصخرة التي تتكشف عليها أقنعة المنافقين المراوغين المتآمرين   ، ويخلص القلة فيكون التمكين لهم كما كان ليوسف عليه السلام من قبلهم.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتبة حاصلة على الدكتوراة في العقيدة والفلسفة الإسلامية من جامعة العلوم الإسلامية العالمية في الأردن. و محاضرة في جامعة القدس المفتوحة في فلسطين. كتبت عدة مقالات في مجلة دواوين الإلكترونية، وفلسطين نت، وشاركت في المؤتمر الدولي السادس في جامعة النجاح الوطنية حول تعاطي المخدرات. مهتمة بالقضايا التربوية والفكرية، وتكتب في مجال الروحانيات والخواطر والقصة القصيرة.

شاهد أيضاً

مسؤولية التعلم ولو في غياب “شخص” معلم

ربما من أوائل ما يتبادر إلى الذهن عند الحديث عن العلاقة بين المعلم والمتعلم، قصيدة …