حفلت آيات القرآن الكريم وأحاديث السنة النبوية بذكر صفات اليهود، والتفصيل في بيان أحقادهم وكيدهم وألاعيبهم، والتحذير من دسائسهم، وما تكنّه صدورهم من الخبث والحقد.
وقد أثبتت أحداث التاريخ عبر العصور وإلى يومنا هذا، حقيقة أمرهم في التصيّد كل فرصة من أجل إشاعة الفتنة والاضطراب، وبث الشكوك لتمزيق الصف الإسلامي، ومحاربة كل ما يمتّ للإسلام وشريعته بصلة، وممارسة أبشع أنواع القتل والتدمير والإجرام ضد الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته.
ومن الكتب المعاصرة التي تحدّثت عن صفاتهم وأخلاقهم وطبائعهم، مع أخذ العبر والدروس للاستفادة الواقعية من خلال دراسة النصوص القرآنية والحديثية، كتاب "اليهود في القرآن والسنة.. بعض مِن خلائِقهمِ.. دراسة للنصوص، في محاولة لاستلهام العبر والدروس"، تأليف الدكتور محمد أديب الصالح –رحمه الله-، فإلى التفاصيل:
مع الكتاب:
يقول المؤلف في توطئته للكتاب: "إنَّ ممّا يستوقف الباحث في كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وسيرته المعطرة عموماً، أنّه كانت هنالك عناية بالكشف عن حقيقة اليهود في طباعهم وخصالهم وعنصريتهم، ودعاواهم الكاذبة وبهتانهم وعنصريتهم، والقيم التي تحكمهم".
ويضيف الكاتب: "وقد كان ذلك على مساحة واسعة تُعين على كشف خبايا هؤلاء الأناسيّ أعداء الله والإنسان، وأبعاد سلوكهم وتصرّفاتهم ماذا وراءهم، ممّا يحتاجه المسلمون لمعرفته وهم على ثغور المواجهة للتحدّيات في السلم والحرب".
ويرى المؤلف أنَّ الحقيقة التي لا معدى عنها، هي أنَّ الخطوة الأولى على طريق المواجهة بين أمتنا وبين اليهود ومن على شاكلتهم، الإدراك الواعي لما جاء في القرآن الكريم وبيانه من حديث النبيّ عليه الصلاة والسلام، وسيرته المطهرة عن خلائقهم، وطبيعة الصراع بيننا وبينهم على الصعيدين العقدي والحضاري.
ويقول المؤلف متعجباً: "وكم في تاريخنا معهم بدءاً من عصر الرّسالة وحتى يوم الناس هذا، من وقائع تؤكّد هذه الحقيقة التي يتجاهلها الكثيرون، وحصدنا من جهلها أو تجاهلها المرّ والعلقم!!!".
وكان أصل الكتاب أحاديث قدّمت في إذاعة القرآن الكريم بالرياض، ثمَّ في البرنامج العام، وقد صدرت الطبعة الأولى من الكتاب في عام 1414 هـ– 1994م، وكانت من إصدارات دار الهدى للنشر والتوزيع في الرياض بالمملكة العربية السعودية.
وقد ضمّ الكتاب في أقسامه الأربعة، مجموعة من خلائق اليهود وطبائعهم، استند المؤلف في استخلاصها من القرآن الكريم والسنة والسيرة النبوية، كان من بينها: التحايل عن أحكام الله والصدّ عن سبيله، ومقابلة النعم بالجحود، والتجرّؤ على رب العالمين، ولا يذكرون أيام الله، ويستبدلون الكفران بالشكر.
ووصف الناشر الكتاب بأنه رحلة مباركة مع عدد وافر من نصوص الكتاب والسنة ووقائع السيرة المطهرة، وهي رحلة تتّسم بطابع الأمانة العلمية والحرص على التوثيق.
ونعرض فيما يلي سبعاً من خلائق اليهود، كما ذكرها المؤلف:
أولاً: الغطرسة الثقافية والافتراء على الحق: وتدلّ على أمرين: أولهما: أن اليهود يؤمنون بالجبت والطاغوت. ثانيهما: أصدروا حكمهم على المؤمنين -في غطرسة ثقافية عابثة– أنهم ليسوا أهل هداية وأنَّ الكافرين عبدة الأوثان هم أهدى من الذين آمنوا سبيلاً.
ثانياً: يجحدون الحق بإصرار وهم يعلمون: ادّعى بعض زعماء اليهود مقولة ظالمة بقولهم لزعماء الكفر وسدنة الضلال من أهل الشرك، قال سبحانه: {..أهَؤلاء أَهدَي مِنِ الَّذِينِ آَمَنُوا سَبِيلاً}. [النساء:51]؛ هذه المقولة افتروها، وهم على علم بأن ما زعموه باطل.
ثالثاً: قالة السوء وجحيم اللّعنة: تعدّدت أسباب لعن اليهود وإبعادهم من رحمة الله، وكان هذا البهتان في الشهادة للباطل وأهله أحد تلك الأسباب، قال سبحانه: {أُولَئِكَ الَّذينَ لَعَنَهُمُ اللهُ وَمَن يَلعَنِ اللهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصيرًا}. [النساء:52]، والخطاب للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم أن من يلعنه الله فلن تجد له نصيراً ينصره من عقوبة الله.. أولا يكفي ذلك ومثله كثير -درساً- يحمل المسلمين على أن يحدّدوا موقفهم من أولئك المبعدين من رحمة الله بما كسبت أيديهم؟!
رابعاً: احذروا.. يودَّون لو يردونكم كفارًا: قال الله عزّ وجل: {وَدَّ كَثِيرٌ مِّن أَهلِ الكِتَابِ لَو يَرُدُّوَنكُم مَن بِعدِ إِيمَانِكُم كُفَّارًا حَسَدًا مِن عِندِ أَنفُسِهِم مِن بَعدِ مَا تَبيَّنَ لَهُمُ الحَقُّ..}. [البقرة:109]، جاءت الآيات صريحة أن ودَّ هؤلاء اليهود من أهل الكتاب –أن يردوا الناس عن الإسلام: باعثه الحسد من عند أنفسهم من بعد ما تبيَّن لهم الحق– إنَّها الداهية الدهماء.. لا يؤمنون ولا يريدون لغيرهم أن يؤمن!! بل يريدون لمن يؤمن لو عاد مثلهم كافراً.
خامساً: لكي لا نكون فريسة.. للغفلة والجهل: إنَّ هؤلاء الأناسيّ هم أعداء الله ورسله وكل ما فيه خير الإنسانية، وعداؤهم للإسلام والمسلمين يبدو كما كان عبر القرون –أكثر حدة وأوضح دلالة على خبث الطوايا وما تعتلج به النفوس من إصرار على الأذى بشتى صوره وألوانه، مستعينين على ذلك بثغرات قاتلة في الصفوف ومشايعة مِن كل مَن يرضيهم ما يغضبنا، ويفرحهم ما يغيظنا ويسوؤنا والله المستعان {قُل مُوتُوا بِغَيظِكُم إنَّ اللهَ عَلِيم بِذَاتِ الصُّدُورِ}. [آل عمران:119].
سادساً: قتل الأنبياء.. ونقض الميثاق: قال الله تعالى: {فَبِمَا نَقضِهِم مِّيثَقَهُم وَكُفرِهِم بِآيَتِ اللهِ وَقَتلِهِمُ الأَنبِيَاءَ بِغَيرِ حَقٍّ وَقِولِهِم قُلُوبُنَا غُلفٌ بَل طَبَعَ اللهُ عَليهَا بِكُفرِهِم فَلاَ يُؤمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلا}.[النساء:155]. يتكرَّر الاجتراء على أنبياء الله، جاءت الآية على مجموعة من الذنوب التي ارتكبوها، وهي نقضهم للمواثيق والعهود التي أخذت عليهم وكفرهم بآيات الله وهي حججه وبراهينه، والمعجزات التي ظهرت على أيدي الأنبياء وشاهدوها بأم أعينهم، وكذلك قتلهم الأنبياء بغير حق، وقولهم قلوبنا غلف –جمع أغلف- أي لا ذنب لنا لأن قلوبنا مغشاة بأغشية جِبِلَّيَّة.
سابعاً: الغادرون.. والانتقام من التاريخ: من أمعن النظر فيما كان من مواقف اليهود من الحق وأهله -بعامة- ومن الإسلام والمسلمين ورسولهم خاصة ازداد يقينا بأن ما زخرت به نصوص الكتاب والسنة من تفصيل في الانحراف الذي يطبع خلائقهم، ولابد من التذكير بحقيقة تبدو الغفلة عنها من الأمراض التي ابتليت بها الأمة.. وهي أن اليهودي ومن على شاكلته من أعداء الله على تنوع الأساليب والوسائل –مهما أوتي من زخرف القول والقدرة على العبث ببعض العقول، تظل بعض منطلقاته في علاقته بالمسلمين وحضارة الإسلام، قائمة على الانتقام من التاريخ الذي بدأ من بعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، والعطش القاتل إلى التدمير والإفناء لو أمكن ذلك، ومن ذلك تسخير العلم والإعلام والانحراف الخلقي وتهديم القيم تحت شتى العناوين.. ولنا عبرة في محاولة اغتيال الرسول الكريم وهو إلى جانب جدار من بيوتهم، ثمَّ محاولة الاغتيال بوضع السم في الطعام كانت محاولة بالغة الإثم والانحدار المقيت.
مع المؤلف:
ولد محمد أديب صالح عام 1926م، في قطنا جنوب غرب دمشق، في سوريا، حيث توفي والده وعمره ستة أشهر فتولت أمه رعايته.
حصل على درجة الدكتوراه في الحقوق (الشريعة الإسلامية) من كلية الحقوق بجامعة القاهرة بمرتبة الشرف الأولى.
عمل مدرّسًا بكلية الشريعة والمشاركة بوضع المناهج مع تدريس مادة أصول الفقه في كلية الحقوق ومواد علوم القرآن وعلوم الحديث والبلاغة النبوية في كلية الآداب بجامعة دمشق.
تولی رئاسة قسم علوم القرآن والسنة بكلية الشريعة بجامعة دمشق وتدريس آيات الأحكام وأحاديث الأحكام وأصول الفقه بكلية الشريعة وأصول الفقه بكلية الحقوق .
عمل محاضراً بكلية الشريعة بالجامعة الأردنية في أول عام افتتحت فيه ورئيساً لقسم أصول الدين.
عمل أستاذاً في قسم الدراسات الإسلامية بكلية التربية في جامعة الملك سعود ـ الرياض (إثر الانتقال إليها من جامعة الإمام) وتدريس نصوص الأحكام وفق بيان العربية وقواعد الأصول.
وكانت له مشاركات إذاعية، عبر تقديم برنامجي "مشاهد يوم القيامة في الحديث النبوي"، و "التقوى في الكتب والسنة"، من خلال إذاعة القرآن الكريم بالرياض، وتقديم بعض الأحاديث النبوية فيها، كما شارك في العديد من الندوات العلمية في الإذاعة والتلفزيون.
من مؤلفاته وتحقيقاته العلمية:
تحقيق كتاب تخريج الفروع على الأصول، للإمام الزنجاني. تفسير النصوص في الفقه الإسلامي. لمحات في أصول الحديث. مصادر التشريع الإسلامي ومناهج الاستنباط. مع الجامع لأحكام القرآن -منهج القرطبي ودراسة تحليلية لنصوص من تفسيره. هكذا يعلم الربانيون. أدعياء الهيكل. التقوى في هدي الكتاب والسنة وسير الصالحين. شذرات وقطوف. المسلم والبناء الحضاري. الإنسان والحياة. موقع المرأة المسلمة. بناء الأمة ومواجهة التحديات. رحلة مع الشامي المرابط شيخ الإسلام الإمام أبي عمرو الأوزاعي.