أم خالد العلمي (29 عاماً) تقول: "يفرح أبنائي كثيرًا برؤية الخروف وإطعامه في الأيام السابقة للعيد فلا أضيع هذه الفرصة فأحكي لهم قصة سيدنا إبراهيم وسيدنا إسماعيل عليهما السلام، وأثبِّت عندهم معاني طاعة الله والدروس المستفادة، وأحثهم على أن يحكوا القصة لأصحابهم في المدرسة، وبعد الذبح أجعلهم يوزعون اللحوم بأنفسهم حتى يعتادوا العطاء.
أما نجلاء السوافيري (35 عاماً) فقد عوَّدت أبناءها على أن يدخروا جزءًا من مصروفهم كل يوم ويضعوه في حصالة واحدة تُفتح قبل العيد بقليل، وتضيف إليها مبلغاً منها، وينزلوا جميعًا لشراء ملابس العيد لمن يعرفون من الأطفال الفقراء بعد جمع أسمائهم ومقاساتهم، مما يترك أثراً طيباً في نفوس أطفالها وأطفال الفقراء وذويهم.
وأنت عزيزي القارئ، ماذا تفعل مع أطفالك لترسخ عندهم المعنى الحقيقي لهذه المواسم الإيمانية والأعياد في الإسلام؟
الأم هي المحضن الأول والأساسي
تقول آلاء الهباش مربية أطفال ومُدرسة في روضة النور -التابعة للجمعية الإسلامية في قطاع غزة: "إن #الأم هي المسؤولة بالدرجة الأولى عن التربية الدينية للطفل، فهي المحضن الأول والأساسي للنشء الذي يقوم عليه المجتمع"، لافتةً إلى أنها إذا لم تقم بذلك الدور كما ينبغي، أو إذا قصرت فيه بأي شكل من الأشكال، "فلا شك أنه سيكون هناك خلل ما في نفسية الطفل، ومن ثم يؤثر سلبًا على تنشئته وتربيته الإيمانية، بالإضافة إلى الدور المكمل لرياض الأطفال والمدارس والمساجد".
آلاء الهباش: الأم هي المسؤولة بالدرجة الأول عن التربية الدينية للطفل، فهي المحضن الأول والأساسي للنشء الذي يقوم عليه المجتمع
وأضافت أن "فريضة #الحج عامة، والعشرة أيام من ذي الحجة خاصة من أهم العبادات التي يجب تعريف #الأطفال بها، وتعويدهم على الاهتمام بها وإحيائها".
كيف تعرف طفلك على العشر من ذي الحجة؟
وأوضحت الهباش أنه يمكن تعريف الأطفال بالعشر من ذي الحجة وتعويدهم على إحيائها، من خلال ذكر قصص نبوية لهم لتعريفهم بأهمية هذه الأيام، ومن خلال تبسيط وتفسير بعض الآيات القرآنية.
وتابعت "يتم تمثيل هذه القصص باستخدام المجسمات، مثل: مجسم الكعبة والطواف حولها من خلال ارتداء ملابس الاحرام للأطفال، ومن ثم يقومون بالتهليل والتكبير، مع شرح كيفية السعي بين الصفا والمروة"، موضحةً أنه بإمكان الأم أن تضع في كل ركن من أركان المنزل مَنسكًا من مناسك الحج مصغرًا، وتجعل أطفالها يتنقلون بينها ويتعرفون عليها، وهم يلبسون ملابس الحج مما يكون له الأثر العظيم في تعليمهم ومحبتهم لهذا المنسك، على حد تعبيرها.
واسترسلت الهباش: "قوموا بإحضار بعض الألعاب كالخروف لتمثيل الذبح وتعريفهم بأيام النحر، وسبب قيام المسلمين بذبح الأضاحي، واشرحوا لهم أنها إحياء لسُنّة أبينا إبراهيم عليه السلام، وفيها تذكير بقصة الفداء والتضحية؛ إذ أصبح يوم فداء إسماعيل وإنقاذه من الذبح عيدًا للمسلمين يُسمى بعيد الأضحى، بالإضافة إلى عمل رحلات ترفيهية وزيارة بعض المساجد لتجسيد ذلك على أرض الواقع".
الهباش: سرد القصص يرسخ عند الطفل المعنى الحقيقي لهذه المواسم الإيمانية والأعياد في الإسلام
أهمية يوم عرفة وتشجيع الطفل على صومه
وأكدت على أهمية تعريفهم بيوم عرفة وفضله، وأن إكمال الدين في ذلك اليوم حصل؛ لأن المسلمين لم يكونوا قد حجوا حجة الإسلام من قبل، فكمُل بذلك دينهم، مع تشجيعهم على صومه كونه يكفّر سنتين، وسرد قصة "ماء زمزم" التي تعد من مراسم الحج، مبينة أن سرد القصص يرسخ عند الطفل المعنى الحقيقي لهذه المواسم الإيمانية والأعياد في الإسلام.
ووجهت الهباش رسالة إلى الآباء قائلةً: "عوَّدوا أبنائكم على أن يدخروا جزءًا من مصروفهم كل يوم يضعوه في حصالة واحدة تُفتح قبل العيد بقليل، وتوزع على الفقراء حتى يعتادوا على العطاء ويشعروا بالفقراء، واصحبوهم عند شراء الأضحية وخلال توزيعها، واجعلوا قلوبهم معلقة بالمساجد وبكتاب الله عبر المتابعة اليومية".
القدوة الحسنة أولى الخطوات
ومن جهته، قال صالح كباجة الأخصائي التربوي: "إن أولى خطوات تعريف الأطفال بأهمية العشر من ذي الحجة، وتعويدهم على الاهتمام بها وإحيائها يكون أولاً بالقدوة الحسنة، حيث يقوم الآباء بالاجتهاد والجد بهذه الأيام المباركة، وإشعار الأبناء بأهمية هذه الأيام والليالي من خلال شرح سورة الفجر وترجمتها عمليًا من حيث الصيام، وشرح سبب الصيام حتى يستطيع الطفل التمييز بين العشر من ذي الحجة ورمضان، ويقلد والديه بالصوم".
وأضاف كباجة أنه يجب تعويد الطفل على الصدقة، حيث يعطي الطفل مبلغاً بسيطاً من المال لينفقه على الفقراء والمحتاجين، ويكون ذلك برعاية الأهل ومتابعتهم لآلية الصرف، ومن الممكن شراء بعض الملابس وتوزيعها على الفقراء بصحبة الطفل.
وأردف قائلاً: "في هذه الأيام المباركة يجب ترغيب الطفل بالصلاة في المسجد، والإكثار من النافلة، مع رواية قصص للصحابة عن الاجتهاد والجد في هذه الأيام، وشرح مناسك الحج والعمرة وتمثيلها عملياً من خلال مجسمات، مع استحضار الخشوع فيها، وتوضيح قصة سيدنا إبراهيم وزوجته وابنه وكيفية التضحية في الإسلام، وسبب النحر في نهاية الأيام الفضيلة".
ما هو هدف تعليم الطفل الشعائر والعبادات؟
وقال كباجة: "إننا نهدف من وراء تعليم الطفل الشعائر والعبادات لتقوية اعتزازه بدينه، وتعريفه بمقدار ما قدمه السلف الصالح من تضحيات وبطولات ليصل هذا الدين لنا، وبذلك ترسخ فكرة وعقيدة لا يمكن تغييرها في حياة الطفل"، مشدداً على أنه بذلك تشتد ثقته بنفسه وبأسرته وبدينه، ويشعر بالاستقرار النفسي والاجتماعي، ويستطيع خدمة دينه ومجتمعه لاعتزازه بقيم هذا المجتمع.
وبين أن المفاهيم تترسخ عند الطفل من خلال التقليد والإيحاء، "مع ضرورة تعزيز السلوك الإيجابي في التربية".
وأشار كباجة إلى ضرورة استغلال المناسبات الدينية وشرحها للطفل، والتركيز على الجوانب العاطفية ومخاطبة الطفل بأسلوب يناسبه من خلال الرسومات والقصص والأشكال والتمثيل للمواقف بشكل بسيط.
كباجة: الهدف من تعليم الطفل الشعائر والعبادات هو تقوية اعتزازه بدينه، وتعريفه بمقدار ما قدمه السلف الصالح من تضحيات وبطولات ليصل هذا الدين لنا
نصائح للآباء والمربين
ونصح كباجة الآباء والمربين قائلاً: "أولاً- يجب أن تغرسوا القيم الإسلامية في نفوس أطفالكم، فهم قادة المستقبل ويُفضل أن يُكنّى الطفل بكنية من أسماء الصحابة والتابعين، مع ضرورة اختيار الطفل للشخصية التي يرغب أن يُكنّى بها، بعد شرح سيرة حياته وترغيبها بنفس الطفل مثل: أبو بكر وغيره".
وتابع "ثانياً- يجب تعديل السلوكيات التي لا تتفق مع ديننا، من المناسبات، وتوضيح ما نص عليه الشرع حتى لا ينجر الطفل وراء تقاليد لا تناسب ديننا".
ثالثاً- ينبغي التركيز على القدوة الحسنة، والصحبة الصالحة، ومتابعة الطفل بشكل مستمر.
رابعاً- يجب إعطاء الطفل حرية التساؤل، والانتقاد، والإجابة على تساؤلاته دون قمعٍ أو استهزاء.
خامساً- ترسيخ القيم الإسلامية في حياة الطفل بالإقناع وليس بالإجبار.