إذا كان هناك أمر واحد يباعد بين الإنسان وربه فهو "الأنا"، لذا وجب الحرص على التخلص منها، سيما ونحن مقبلون على موسم الحج. فبينما تجهز أغراضك وما تحتاجه في رحلتك، فهناك عادات وأشياء يجب أن تحرص على ألا تأخذها معك، إلى جانب الأخلاق البذيئة والجدل و"الأنا".
ما هي الأنا؟
إن ما يطلق عليه الغرب "الأنا"، نطلق عليه نحن في إسلامنا اسم "النفس الأمارة"، مصحوبة بجرعة لا بأس بها من الكبر. وصحيح أن الكثيرين قد لا يتعمدون وجود الأنا في أنفسهم وشخصياتهم، إلا أن الاعتراف بوجودها، والحرص على التخلص منها أمران مهمان للغاية قبل المضي في رحلة الحج!
صحيح أن الكثيرين قد لا يتعمدون وجود الأنا في أنفسهم وشخصياتهم، إلا أن الاعتراف بوجودها، والحرص على التخلص منها أمران مهمان للغاية قبل المضي في رحلة الحج
فمن منا لم يغضب قط؟ أو شعر بالغيرة عندما حصل على الترقية زميله في العمل؟ أو بالضيق حين حصل صديق أو قريب على بيت أكبر، أو مدرسة أفضل، أو درجات أعلى في الجامعة، أو زوجة أفضل؟ قد يقول أحدهم: "إننا بشر والتذمر وعدم الرضا عن الحال صفة لازمة في الطبيعة البشرية!" كما أنه توجد الكثير من الأشياء التي لا يتوجب علينا فعلها، ولا علاقة لها بـ "الأنا"، أليس كذلك؟! الجواب: لا، هذا غير صحيح، ولذا فلا عجب أن محاربة "الأنا" هي من أشرس المعارك بالنسبة للنفس البشرية. كما أنها واحدة من الأسباب التي تجعل الحج ركنًا من أركان الإيمان، وإثباتًا منا أننا نضع الله ــ جل وعلا ـــ في مكانة تعلو وتفوق نفسنا الأمارة.
كل مرحلة من مراحل الحج كفيلة بأن نتخلص من "الأنا" شيئًا فشيئًا:
إننا نحرص في الحج على زيادة درجة تقوانا، لنعود بعلاقة أنقى وأتقى مع الله سبحانه وتعالى. فمن خلال مناسك الحج، يتم تذكيرنا بابتلاءات الأنبياء والصالحين الذين ضحوا وترفعوا عن "الأنا" ليحصلوا على علاقة أعمق بالله. فلنأخذ مثلًا السيدة هاجر ــ رضوان الله عليها ـــ وهي تهرول بين الصفا والمروة حافية القدمين لتحصل على الماء، وقد كانت وحيدة في الصحراء ومعها طفل رضيع وهو إسماعيل عليه السلام. وبسعينا بين الصفا والمرة" ندرك كيف أن تنحية السيدة هاجر "للأنا" جانبًا، ساعدها أن تعثر على الشجاعة والإيمان الكافيين لتهرول بمثابرة وعزم ودون كلل بين الصفا والمرة، حتى تفجرت "بئر زمزم" تحت قدمي إسماعيل عليه السلام.
من خلال مناسك الحج، يتم تذكيرنا بابتلاءات الأنبياء والصالحين الذين ضحوا وترفعوا عن "الأنا" ليحصلوا على علاقة أعمق بالله
تزكية النفس ودرب التغيير:
فتزكية النفس هي التصرف الواعي الذي يجعل الإنسان يدرك "مكانته الحقيقة" بالنسبة لخالقه. وهذا يعني استسلام النفس والتخلص جذريًا من "الأنا". وتتلخص تزكية النفس في الخطوات الأساسية التالية:
1- المحافظة على الصلاة في وقتها. (وليس في الوقت الذي يكون متيسرًا للإنسان).
2- ذكر الله: من خلال الاستغفار والتسبيح، أو قراءة القرآن، أو التأمل في ملكوت الله.
3- الصيام والزكاة: فبقوله لا لرغبات جسدك، وبأن يثبت الإنسان لنفسه أن الجنس والمال لا يقودان حياته، فإن هذا يقلل بدرجة ملحوظة وكبيرة من نسبة "الأنا".
4- القيام بعمل تطوعي: فهو يشعره بالتعاطف والمودة من خلال تقديمه جزءٍ من وقته أو جهده. فحيث وجد العطف، تلاشت "الأنا".
5- الاعتراف بالخطأ والاعتذار عنه: فقليلون هم من يعترفون بخطئهم، وأقل منهم من يعتذرون عنه. فالاعتراف بالخطأ وطلب المعذرة لا ريب من العلامات المميزة والخطيرة لوجود "الأنا" أو غيابها.
6- القراءة: فهي من أهم الأمور التي تظهر للإنسان وبجلاء قلة ما يعرف، وبالتالي تكبت جماح "الأنا".
الحج كغيره من الفرائض له شعائره التي لا يقوم ولا يصح إلا بها. وتزكية النفس والتخلص من "الأنا" تعتبر إحداها، فكيف يحج لله من لا يفكر إلا بنفسه ولنفسه. ولكن تزكية النفس هي كذلك من ثمار تلك التجربة الفريدة، وهي الحج لبيت الله الحرام.
معلومات الموضوع
مراجع ومصادر
- http://productivemuslim.com/going-to-hajj/