في عصر الإنترنت والتكنولوجيا بات كل شيء متاحاً ومتيسراً على الإنترنت، وشمل ذلك الجانب التعليمي. فصار بإمكان الإنسان أن يتعلم الكثير من المهارات واللغات، ويكتسب العديد من الخبرات فقط من خلال الإنترنت. ومع ذلك، فكثيرون يتساءلون عن جدوى #التعليم الذاتي، وأنه يفتقد المتعة والحافز والعامل الاجتماعي. وقد ينتهي الأمر بأن يتخلى الإنسان عن الأمر برمته ويشترك في إحدى الدورات التعليمية على أمل أن يتعلم أسرع، أو يجد حافزًا أكبر. بيد أننا في هذا المقال نعرض لأهم أربعة عوامل تجعل من التعليم الذاتي أمرًا مفيدًا ومثمرًا على المدى البعيد؛ لما له من مميزات قد لا تتواجد في الدورات التدريبية أو الورش التعليمية:
1- الدافع الذاتي هو الأقوى:
للأسف كثير ممن ينأى بنفسه عن التعلم الذاتي يتحجج بأنه لابد من دافع ذاتي، وإلا مل الإنسان من العلم والتعلم. بينما توفر الدورات التدريبية ذلك الدافع والحافز. وهذا الأمر يفتقر إلى الكثير من الصحة، ذلك أن الإنسان إذا لم يمتلك الدافع الداخلي لأداء العمل، لن ينفعه تحفيز مدرس، ولا تشجيع زميل، ولا مدح والد. وإن رأى البعض مسألة الدافع الداخلي عيبًا في التعلم الذاتي، فإننا لو أمعنا النظر لوجدناه مزية لا عيبًا. فتخيلوا مثلًا أن أحدهم يبغي تعلم اللغة الأسبانية، ولكنه لا يملك أي دافع أو هدف من هذا التعلم، فما أسرع أن يترك الدورة التدريبية ويمل من التعلم. بينما لو لاحظت دارسًا آخر حدد هدفه من تعلم تلك اللغة، ستجده حريصًا على التعلم حتى وإن كان وحده!
إن الإنسان إذا لم يمتلك الدافع الداخلي لأداء العمل، لن ينفعه تحفيز مدرس، ولا تشجيع زميل، ولا مدح والد
2- تحديد المصادر:
يحتوي الإنترنت الآن على الكثير من المصادر لتعلم كافة اللغات. وإن كان لهذا الأمر جانب إيجابي، فهو كذلك سلبي، لأن كثرة المصادر خاصة في بداية التجربة التعليمية تسبب التشتت والحيرة. سيما وأنّ المتعلم يختار مصادره بنفسه. لذا يفضل أولًا قبل تعلم أي لغة أن يقرأ الدارس في مواضيع مشابهة للعناوين التالية والخاصة باللغة التي يود تعلمها:
- أفضل المواقع لتعلم اللغة التركية.
- أهم الأمور التي يجب الانتباه إليها عند تعلم اللغة الإنجليزية.
- تعلم اللغة الإسبانية للمبتدئين.
كثرة المصادر خاصة في بداية التجربة التعليمية تسبب التشتت والحيرة. سيما وأنّ المتعلم يختار مصادره بنفسه
فقراءة هذه المواضيع تسهل على المبتدئ اختيار المواقع والدورات التدريبية المناسبة كبداية، ولا بأس من الاستزادة من المصادر لاحقًا. لذا، في البداية يفضل مثلًا اختيار موقع أو اثنين بالكثير لتعلم قواعد الإنجليزية، وتحديد قناة أو اثنين على اليوتيوب للاستماع لبعض الدروس التعليمية أو المقاطع المترجمة.
3- تنظيم جدول:
هناك بعض المصادر التعليمية على الإنترنت، تقوم بعمل جدول يحوي مراحل عدة في التعلم، بحيث يحفز الدارس على إنهاء مرحلة، للبدء بمرحلة أخرى وهكذا.
إلا أن هذا لا يعفي الإنسان، من أن ينظم جدولاً للتعلم، فبعد تحديد الهدف من التعلم، ولنقل السفر للخارج مثلًا، واختيار المصادر المناسبة لتحقيق هذا الهدف، وجب هنا تنظيم جدول دقيق، والالتزام به قدر المستطاع. فمثلًا يتم تحديد ساعة كل يوم لدراسة القواعد، أو نصف ساعة يومية للاستماع لفيديوهات تعليمية، أو ثلث ساعة لحفظ المفردات الجديدة... إلخ. وأيًا كان المصدر الذي يُراد تعلمه، فالأهم هو تخصيص وقت لأدائه وإتقانه، والاستمرارية في ذلك. خاصة، وأن التعليم الذاتي تمامًا كالعمل من المنزل، يتطلب تنظيمًا وتحفيزًا للدافع الذاتي على الدوام، حتى ينطلق الإنسان ويتطور من تلقاء نفسه، ودون انتظار تشجيع من أحد.
4- اختبارات دورية:
من أفضل الوسائل أثناء التعليم الذاتي، أن يقوم الإنسان باختبارات دورية لتقييم مستواه، والإنترنت حافل بالكثير من المواقع لكافة اللغات، وتتنوع الاختبارات بين تقييم للفهم اللغة واستيعاب القواعدة، والقدر على الاستماع والمحادثة، ودرجة فهم اللغة بصفة عامة. كذلك فإن المواقع التي تيسر التواصل مع متحدثي اللغة كـ 8-Lang و HiNative، تتيح فرصة الكتابة فيها، على أن يقوم متحدث اللغة بتصحيح العبارات والكلمات، وبالتالي تزيد خبرة الإنسان ومعرفته بما هو مستخدم ودارج في اللغة، وبين ما هو قاصر على الكتابة أو التعامل الرسمي.
في الختام، وجب التأكيد على أن التعلم الذاتي تجربة فريدة من نوعها إلى حد كبير. وإذا أخذها المتعلم بحقها، وأعطاها وقتًا وصبرًا أثمرت أيما إثمار. لذا أهيب بالجميع أن يخوضوها، ومن يدري، فربما يُدهش الإنسان نفسه ويستكشف قدراته ومهاراته!