حذّر باحثون ومختصون في اختتام ندوة بحثية، في مدينة إسطنبول التركية، يوم أمس السبت (16/9)، من خطورة التطبيع مع الاحتلال الصهيوني على شعوب الدول المطبّعة، مؤكّدين في الوقت نفسه رفضهم لأشكال التطبيع كافة.
ودعا المشاركون في الندوة البحثية التي نظمتها حركة مقاومة التطبيع (NOR)، بعنوان: "التطبيع..إستراتيجية الاحتلال"، إلى تنسيق جهود مقاومة التطبيع في الوطن العربي وتسهيل تبادل المعلومات حول أي اختراقات تطبيعية.
وأوصى المشاركون بضرورة إصدار دليل عمل شامل لكافة مجالات التطبيع، وتعميمه على كافة الدول العربية والإسلامية، إلى جانب دعوة الاتحادات والنقابات العربية والإسلامية لإنشاء لجان مقاومة التطبيع.
وتطرّقت جلسات هذه الندوة البحثية إلى مجالات التطبيع وطرق مقاومته، بالإضافة للتأصيل الشرعي له، والقواعد البيئية والقانونية في مقاومته، بالإضافة للإستراتيجية الصهيونية في مواجهة حركات مقاومة التطبيع.
في كلمته، قال الدكتور عزام التميمي إنَّ التطبيع يشمل: "كل تعامل أو تعاون أو تنسيق أو نشاط في أي مجال من المجالات، من نتائجه إضفاء المشروعية على الاحتلال، وإنكار الحق الفلسطيني والعربي والإسلامي في فلسطين. ويجرّم التطبيع النضال في سبيل تحرير فلسطين واستعادة الحقوق المسلوبة".
من جهته، قال الدكتور عبد الجبَّار سعيد: "إن التطبيع مع الاحتلال يجعل وجوده طبيعياً، ويقضي على فكرة التحرير، ويدعم اقتصاد الاحتلال، ويتيح فرصة إسقاط الشباب الفلسطيني أخلاقياً وفكرياً، ويتولى مهمة الترويج للنموذج الصهيوني. وذكر أن العديد من العلماء والمفتين حرّموا التطبيع مع إسرائيل، وعدّوه من "كبائر الإثم".
وتناولت الندوة البحثية في إحدى جلساتها "مخاطر التطبيع على الأمة العربية والإسلامية، ورصد واقعه في الشرق الأوسط"؛ حيث وصف الكاتب المصري فهمي هويدي التطبيع بـ"فتنة العصر الكبرى"، وقال: "لا بدَّ أن نتفق على أننا نتعامل مع مصطلح مخادع وهو يُستخدم للاستسلام".
وأكَّد هويدي أنَّ "إسرائيل" تبالغ كثيراً في حجم التطبيع، وهناك تهويل مستمرّ كأن العالم العربي يزحف سعياً لقبول إسرائيل لهم. إلا أن الذين طبّعوا شرائح من السلطات أو الأجهزة الأمنية لمصالح، أما الشعب فهو خارج هذه الدائرة، وما يقال عن أن هناك تطوّراً هائلاً في السياسة "الإسرائيلية" وغيرها كله مبالغ فيه".
وأضاف هويدي: "الشاهد أن الحديث عن التطبيع متزامن مع موعد انكسار وهزيمة الربيع العربي، الذي انطلق منذ العام 2011. وهذا يلقي ضوءاً كاشفاً على العلاقة بين استمرار احتلال فلسطين واستمرار الأزمة الاستبدادية. الحقيقة أنَّ تحرير الدول العربية من الاستبداد هو المدخل لتحرير فلسطين".
وتطرّقت الجلسة الثالثة من أعمال هذه الندوة البحثية: دور العمل الإعلامي في سبيل مناهضة التطبيع، ودور مؤسسات المجتمع المدني في مقاومته، وتجربة المركز المغاربي في مقاومة التطبيع؛ حيث استعرض حسام شاكر طرق وخيارات مقاومة التطبيع عن طريق الإعلام، داعياً إلى تطوير رؤية مقاومة التطبيع بما يراعي التحوّلات المائلة في الحالة التطبيعية وملابساتها، على حدّ وصفه.
من جهته، أكَّد ناصر الفضالة على ضرورة استقطاب الإعلاميين والكتّاب المؤثرين في صياغة العقل المجتمعي واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي فيلا حشد توعية المجتمع ضد التطبيع،بالإضافة إلى استثمار رصيد فلسطين في الوعي العربي والإسلامي في محاربة الصهيونية وأعوانها، حسب تعبيره.
ويذكر أنَّ حركة مقاومة التطبيع تأسّست على هامش الملتقى الثامن للروّاد في العالم الإسلامي، في أكتوبر 2016، بمدينة إستانبول التركية.
وتعمل الحركة على رصد جميع محاولات التطبيع من قبل الاحتلال، ومقاومتها من خلال التنسيق مع الناشطين في دول العالم، وعبر نشر ثقافة مقاومة التطبيع، وإطلاق مشاريع وحملات مضادة لتحقيق مقاومة التطبيع بشكل دائم. وتسعى الحركة لأن تكون الحركة العالمية الأولى التي تدفع الدول والمجتمعات للتصدي ومقاومة جميع أشكال التطبيع مع الاحتلال.