تأثير وجود الأطفال على المشكلات الزوجية

الرئيسية » بصائر تربوية » تأثير وجود الأطفال على المشكلات الزوجية
child-punishment16

إنه بالضبط كما قرأتموه: تأثير الأطفال على المشكلات الزوجية، في كل حدب وصوب نجد من يتكلم عن تأثير المشكلات الأسرية على #الأطفال، لكن يا ترى، أليس العكس صحيحاً أيضاً؟ ألا يؤثر وجود الأطفال على العلاقة الأسرية ويزيد المشكلات؟ الجواب –غالباً-: هو نعم، وقولنا: نعم، لا نعني بها مشكلات كبيرة.

يقول الاستشاري الأسري خليفة المحرزي: "إن أول انحراف عاطفي بين الأزواج، يحدث بعد ولادة الطفل الأول؛ حيث تنشغل به الأم عاطفياً ومادياً لدرجة قد تُشعر زوجها بالإهمال".

إن نوعية المشكلات تختلف باختلاف المرحلة العمرية للأولاد، حيث إن انشغال الأم بدرجة كبيرة في تلبية طلبات أبنائها، ومتابعة تربيتهم ودراستهم، والاهتمام بشؤونهم، يستهلك قدراً كبيراً من طاقتها النفسية والجسمانية، ويجعلها في حالة توتر مستمر، ولا تكاد تحتمل كلمة من زوجها، الذي يكون -هو أيضاً- منهكاً من الكد خارج المنزل، ويحتاج من يستوعبه، ويشعره بالاستقرار والهدوء، عندما يعود إلى بيته، إضافة إلى أن انهماكها هذا يجعلها تنسى الاهتمام بنفسها، وأنوثتها وصحتها، والاهتمام بتهيئة أجواء خاصة مع زوجها، ومن ناحية الزوج، فإن الصراخ المستمر، والفوضى في المنزل تجعله يهجره إلا قليلاً! ولكن الهجران ليس حلاً، وإنما الحل بأن يتعاون الجميع من أجل حياة أفضل، فعلى الأم أن تحدد واجبات يومية لأولادها، تتناسب مع أعمارهم، وأن تعلمهم النظام والترتيب، بدلاً من الاعتماد الكلي عليها، حتى إن كانوا ذكوراً، فعلى كل واحد منهم أن يخدم نفسه قدر ما يستطيع، ويتحمل أيضا جزءاً من المسؤولية العامة للمنزل، ويجب أن تعودهم أن يلعبوا معاً، وتعلمهم: كيف يقضون بعض وقتهم بمفردهم.

على الأم أن تحدد واجبات يومية لأولادها، تتناسب مع أعمارهم، وأن تعلمهم النظام والترتيب، بدلاً من الاعتماد الكلي عليها، حتى إن كانوا ذكوراً

ومن المهم –جداً- أن تحدد لهم وقت نومهم، وخاصة الصغار منهم؛ كي تستعيد أنفاسها قليلاً، وتعيد ترتيب ذاتها، وتشحذ همتها، وتقضي بعض الوقت مع زوجها، دون إزعاجات جانبية.

أما الزوج والأب، فهو أيضاً مسؤول عن متابعة أبنائه، وتعليمهم، والجلوس معهم وقت فراغه، من حقه أن يرتاح بعد يوم شاق في العمل، ومن حقه أن يقضي بعض الوقت مع أصدقائه، لكن هذا لا ينافي حق أولاده في الاحتفاظ ببعض الوقت لهم، وبذلك يوجههم عوضاً عن الهرب منهم، ويكون خير شريك لزوجته في حمل العبء معها.

إن المرأة –عموماً- تحتاج إلى أن تفضفض وتتكلم عما أزعجها، وهذا ما يجعلها تشكو دوماً لزوجها من تصرفات أولاده، وتحدثه عما حدث في يومها، هي تقول ذلك من باب الفضفضة، لكن كلماتها تصل إلى أذن ودماغ الزوج بطريقة مختلفة، وعندها يبدأ بالنظر إلى أولاده على أنهم عوالم مزعجة، ويتصرف معهم على هذا الأساس، فيعاقبهم على أي تصرف، حتى لو كان طبيعياً، ويضع لهم قوانين صارمة، ويحد من حركتهم، ويقسو عليهم، كل ذلك ظناً منه أنه بذلك يربط ما تفلّت من تربيتهم، ولربما عاقبهم على الخطأ الصغير معاقبة الجرم الحقيقي، وغالباً فإن تعامل الأب مع الأولاد بتلك الطريقة يثير حفيظة الأم، وربما لاح طيف التوتر في الجو الأسري. لذا فلتعلم الأم أن نظرة زوجها لأولادهما مصدرها نظرتها لهم وحديثها عنهم، فلتحرص ألا تفضفض لزوجها بهذا الخصوص إلا بالقدر الضروري، والذي من المهم اطلاع الأب عليه.

إضافة إلى أن شكوى الأم الدائمة من الأولاد يضيق صدر الزوج، ويجعله ينفر أكثر من الجلسات العائلية، ويكره وجوده في المنزل!

على الأم أن تعلم أن نظرة زوجها لأولادهما مصدرها نظرتها لهم وحديثها عنهم، فلتحرص ألا تفضفض لزوجها بهذا الخصوص إلا بالقدر الضروري، والذي من المهم اطلاع الأب عليه

ومما يؤسف قوله: انتشار ثقافة في المجتمع وهي أنه كلما أخطأ الولد بخطأ ما، صب الأب جام غضبه على الزوجة، واتهمها بأن ذلك نتيجة تربيتها! وفي الغالب كل ذلك مجرد تهرب من مسؤوليته عن تربيتهم، وكي يجد من يلقي عليه اللوم، ومهم جداً اتصاف الرجل بالإنصاف، والتعامل مع خطأ الابن بروية وموضوعية، فالحق أنه لا تزر وازرة وزر أخرى، ولا يجوز محاسبة الأم على أخطاء أولادها التي لا يد لها فيها.

الأولاد هم نعمة كبيرة، وهم أسمى أهداف الزواج، وجودهم يجب أن يكون عاملاً في استقراره، لا أن نحولهم -بسوء تصرفنا وتقديرنا- إلى معول هدم له.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
صيدلانية، ومستشارة أسرية، صدر لها عام 2016 كتابين للأطفال، وكتاب للكبار بعنوان "تنفس". كتبت الكثير من المقالات التربوية والفكرية والاجتماعية على بعض المواقع والمجلات، و قدمت العديد من الدورات التطويرية والتربوية.

شاهد أيضاً

لا تنظيم بلا التزام: كيف نحمي صفنا من الداخل؟

لا يمكن لأي مؤسسة أو شركة أو حتى جمعية صغيرة أن تحقق النجاح والاستمرارية ما …