تزعزع الأولويات في حياتنا..صور حياتية

الرئيسية » بصائر تربوية » تزعزع الأولويات في حياتنا..صور حياتية
Image-for-Why-Choose-Us-page

معارك الحياة لا تنتهي، وكذلك الأعمال، والإنجازات، والأهداف، والطموحات. وكثيرًا ما ينتهي عمر الإنسان فينا، وهو لم يحقق الكثير من الأمور، ولم ينه قوائم الإنجازات، لذا وجب على الدوام ترتيب الأولويات في التعاملات والمهام اليومية؛ لئلا يطغى المهم على الأهم. وهنا عرض لصور يقوم فيها البعض أحيانًا بتحديد الأولويات، ولكن بصورة قد تخالف المنطق والعقل السليم، بل والشرع أحيانًا:

1- ممارسة الرياضة أم صلاة الفجر!

قد يبدو للبعض أن الأمرين لا علاقة لهما بالآخر، وبالتالي لا يناقض أحدهما الآخر، ويمكن الجميع بينهما. ونحن هنا لسنا بصدد المفاضلة بين الأمرين، فهو شيء غير قابل للنقاش! ولكن الحاصل هو أننا شهدنا في الآونة الأخيرة إقبال الكثير من الشباب على ممارسة الرياضة، سيما في أوساط القطاع الخاص، حيث ساعات العمل الطويلة، ويحرص الكثير منهم على الاستيقاظ المبكر؛ بهدف ممارسة الرياضة، والحفاظ على اللياقة البدنية. ونفس هؤلاء الأشخاص لا يحرصون مطلقًا على أداء صلاة الفجر، فتجد أحدهم ينام في آخر الليل، ويستيقظ بعد طلوع الشمس وفي الصباح الباكر؛ لممارسة الرياضة! فإن أدرك هؤلاء أهمية الرياضة للبدن والجسم، أفلا يدركون أهمية صلاة الفجر بالذات للروح بالإضافة للبدن والجسم!

يحرص بعض الشباب على الاستيقاظ المبكر؛ بهدف ممارسة الرياضة، والحفاظ على اللياقة البدنية. ونفس هؤلاء الأشخاص لا يحرصون مطلقًا على أداء صلاة الفجر

وقد أثبتت دراسات علمية حديثة في الغرب، أن إحدى فوائد استيقاظ الإنسان في جوف الليل -وتحديدًا وقت الفجر- يقطع فترة النوم الطويل، حيث إن نوم الإنسان لساعات طويلة متواصلة قد يعرضه لخطر الإصابة بأمراض القلب. هذا غير الأجر والثواب الذي يحصل عليه الإنسان بأداء الفرض. فإذن، هؤلاء الرياضيون الذين يقدمون رياضتهم على صلاتهم، أو الذين لا يستطيعون الموازنة بينهما، عليهم أن يجعلوا الأولوية للصلاة التي تجمع بين الخيرين.

2- طلب الرزق أم أداء الفرض!

"العمل عبادة"، كثيرًا ما تسمع هذه العبارة في أجواء العمل، حين تجد أحدهم يطلب إذنًا؛ لأداء الفرض، هذا إذا لم يحصل وصادف مدة استراحته وقت أداء الفرض، أو عبارات أخرى من قبيل: "نحن مطالبون بطلب الرزق كما نحن مطالبون بالعبادة!" وهنا يجد الإنسان نفسه وقد خطرت في باله العديد من الردود، وربما من أبرزها أن (من أحب الأعمال إلى الله الصلاة على وقتها) (رواه البخاري ومسلم). و أننا مطالبون بطلب الرزق بعضًا من الوقت، وليس كل الوقت!   ودون أن تجور مطالبتنا بالرزق على واجبنا الأساسي وهو عبادة الله. بتوضيح هذه المعادلة لمن التُبس عليه الأمر، يتبين ألا تناقض بين من يطلب رزقه ويؤدي عمله بإتقان، وفي ذات الوقت يحرص على عدم تفويت الفرض.

لا تناقض بين من يطلب رزقه ويؤدي عمله بإتقان، وفي ذات الوقت يحرص على عدم تفويت الفرض

3- هل نغضب للدين أم للدنيا؟

في أكثر من موقف نرى الآباء يغضبون من أبنائهم حين يضيعون مبلغًا من المال، أو يرسبون في مادة، أو يخفقون في وظيفة. و لكن كم هو عدد المرات التي يغضب فيها الآباء حين يقصر أبناؤهم في أداء الصلاة.   لا شك أن هذا النوع من الآباء موجود على ندرته، بيد أنه يمثل نسبة ضعيفة، إذا ما قورن بغيره من الذين يسخطون على أبنائهم لعرض من الدنيا أكثر من سخطهم لشؤون الآخرة!

4- حين لا نشتغل بما سنحاسب عليه!

تجد الكثيرات ينشغلن بأمر الزواج، رغم أنهن لن يحاسبن شرعًا إذا لم يأتهن الشخص المناسب، وبالتالي لم يتزوجن، ولكنهن لا ريب سيحاسبن إذا خالفن أمر أزوجهن، أو نشزن عنهم. ومع هذا، تجد الكثيرات ـــ لشديد الأسف ـــ يهتممن للأمر الأول، ولا يلتفتن كثيرًا للثاني. ومن هنا، كان من أسباب رفع نسب الطلاق هو عدم إدراك كل طرف لحقيقة واجباته. وإذا تحدثنا بشكل خاص فيما يتعلق بالنساء، فسنجد أن حرص المرأة على الارتباط والزواج -قبل أن يفوتها القطار- يفوق حرصها على التأهل لهذا الأمر ومعرفة حقوقها وواجباتها، والطرق التي يتوجب عليها التعامل بها مع زوجها؛ ليسير مركب الحياة الزوجية بسلام، سيما أن هذه هي المرحلة -التي لا محالة- ستحاسب عليه وتُسأل عنها.

حرص المرأة على الارتباط والزواج "قبل أن يفوتها القطار" يفوق حرصها على التأهل لهذا الأمر ومعرفة حقوقها وواجباتها، والطرق التي يتوجب عليها التعامل بها مع زوجها ليسير مركب الحياة الزوجية بسلام

وكذلك الأمر بالنسبة لإنجاب الأطفال، فترى الكثير يحرصون على إنجاب الأطفال، ولكن ما إن يتعلق الأمر بالعناية والتربية، ترى الكثير من التقصير والإهمال المتَّبع في حق الأطفال. فتتلخص مهمة كثير من الآباء في الإنفاق، بينما مهمة الأم في إعداد الطعام والتجهيز للمدرسة. أما الإعداد النفسي، والتربوي، والأخلاقي، فلا يُنفق كثير من الآباء والأمهات فيه وقتًا إلا لمامًا!

والأمر نفسه يقال بالنسبة لطالب أي رزق، كطالب الوظيفة مثلًا، فأنت لن تحاسب على عدم التحاقك بوظيفة نظامية، طالما تقوم بعمل نافع، وتكسب قوت يومك. ولكن ما إن تدخل في سلك الوظيفة تصير مطالبًا بالالتزام بالمواعيد، وإتقان العمل، وحسن معاملة الزملاء. وكثيرون للأسف! يتغاضون عن تلك الواجبات المهمة؛ بحجة ضغط العمل، أو عدم إدراك أولويتها، وأنها ما سنسأل عنه فعليًّا.

ترتيب الأوليات من المعادلات المستعصية في كثير من الأحيان، خاصة حينما يتعلق الأمر في زماننا بالترتيب بين أمور الدين والدنيا   ، فكثيرًا ما تغلب كفة الدنيا على الدين. لذا لابد من إعادة النظر في حيواتنا؛ لئلا تختل الكفة، ونخسر ميزان الحياة السوية!

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتبة ومترجمة من مصر، مهتمة بقضايا التعليم والأسرة والتطوير الذاتي

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …