في الماضي، كان من المعروف ارتفاع نسبة جهل الكثير من #الآباء، وقلة ثقافتهم! وما يزال الأمر حاصلًا حتى اليوم مع الأسف، وإن انخفضت النسبة هنا أو هناك. وهذا يخلق فجوة كبيرة بين الآباء والأبناء؛ ذلك أن أهم عوامل الترابط بين البشر هو الترابط الفكري ، ويسعى إلى هذا النوع من الترابط كل من يرغب في علاقة قوية طويلة المدى، سواء كانوا الراغبين في الزواج، أو الباحثين عن أصدقاء، أو الآباء الذين يرغبون في توطيد العلاقة مع أبنائهم، وبالتركيز على الأخيرة، نعرض -هنا- أهم الأسباب التي تجعل من كون الآباء قراءً ومثقفين أمرًا محوريًا ومطلوبًا في حيوات أبنائهم:
1- تشجيعهم على القراءة:
تفتح القراءة الكثير من الأبواب لمختلف الثقافات والمعارف، وأن يشجع الآباء أبناءهم على القراءة أمر رائع لا شك. ولكن أن يكون الآباء أنفسهم قراءً، وواسعي الاطلاع، يتيح فرصةً كبيرة للمناقشة والحوار وتبادل الآراء، كما يعطي للآباء سلطة كبيرة، خاصة في السن الصغيرة؛ لانتقاء المواد المناسبة لكل مرحلة عمرية.
أن يشجع الآباء أبناءهم على القراءة أمر رائع لا شك، ولكن أن يكون الآباء أنفسهم قراء، وواسعي الاطلاع، يتيح فرصةً كبيرة للمناقشة، والحوار، وتبادل الآراء
وبالتالي، يساعد تطوير عملية القراءة لدى #الأبناء، ومساعدتهم على الرقي في انتقاء مواد القراءة، فلا يكبر الطفل -كما هو الحاصل للأسف مع الكثير من الشباب- وهو لا يقرأ إلا القصص المصورة، والمجلات التافهة، والروايات المكتوبة بالعامية أو بلهجة ركيكة، والخالية من كل معنى أو فائدة أو رسالة! فصحيح أن القراءة نشاط مهم، ولكن انتقاء مادة القراءة يعتبر أمرًا أكثر أهمية، فقد ينتهي الأمر أحيانًا أن تكون مشاهدة أحد الأفلام أكثر فائدة من قراءة كتاب تافه خاوٍ!
2- كسر الحواجز، وسهولة الحوار:
التباعد الفكري يسبب أحياناً الكثير من التباعد في العلاقات، والتضارب في الآراء ووجهات النظر . والآباء المثقفون والمطلعون، يكونون عادة واسعي الأفق ومتقبلين لمختلف الآراء، وهذا من شأنه أن يفتح بابًا واسعًا للتفاهم والنقاش والتوصل إلى حلول ترضي -ولو بدرجة ما- جميع الأطراف، كما أن الآباء المطلعين على التكنولوجيا الحديثة يكسرون حواجز أكثر من غيرهم، فلا يشعر الابن بأن والده في عالم موازٍ لعالمه، بل يتشاركان نفس العالم.الآباء المطلعون على التكنولوجيا الحديثة يكسرون حواجز أكثر من غيرهم، فلا يشعر الابن بأن والده في عالم موازٍ لعالمه، بل يتشاركا نفس العالم
3- مهارات الآباء، توطد العلاقة مع الأبناء:
أن يعرف الأب أو الأم اللغة العربية، أو التجويد، أو أي مهارة، يوفر على الأبناء البحث عن بديل في أنشطة أو دورات تدريبية، أو أشخاص آخرين يملكون المهارة، وبالتالي تتوطد العلاقة بين الآباء والأبناء، ويكون عندهم شيء مشترك، يمضون فيه الوقت معًا.
وأذكر حين كنا صغارًا، اعتدنا أن نغبط زميلاتنا في المدرسة، اللاتي كان آباؤهن مدرسين، وكنا نستغرب من إحداهن إذا لم تكن متفوقة في المادة التي يدرسها أبوها أو أمها! فقد كان بالنسبة لنا أمرًا بديهيًا ومنطقيًا، بل وغير قابل للنقاش! وهذا مجرد مثال على إمكانية خلق نوع من التقارب بين الآباء والأبناء، من خلال عامل مشترك، وهو المادة الدراسية. أما بصفة عامة، فإن أي مهارة -خاصة من المهارات الجوهرية المهمة في الحياة اليومية: كتعلم اللغات، وعلوم القرآن، والتعامل مع وسائل التكنولوجيا- لا ريب ستسهم بشكل مباشر وجوهري في التقارب بين الآباء والأبناء.
وختامًا، فإنه من المهم بمكان أن يحرص الآباء على مواكبة تعليم أبنائهم، وتثقيف أنفسهم بالقراءة والاطلاع ، حتى يتفادوا فجوة ترمي بكل في واديه! وذلك بدلًا من لوم أبنائهم مستقبلًا على وجود كل منهم في "قوقعته" من الهوايات، والأصدقاء، والأنشطة! فعلى الآباء في كثير من الأحيان أن يكسروا الحاجز الذي قد يبنيه الأبناء أحيانًا؛ لئلا يزيد ارتفاعه ويزيد الآبناء بعدًا.