خمسة أمور تساعد على تحقيق الوعي الجمعي

الرئيسية » بصائر الفكر » خمسة أمور تساعد على تحقيق الوعي الجمعي
online_community

مما لاشك فيه أننا نحتاج الوعي بكافة أصنافه وأقسامه في حياتنا، بشكل دائم وأبدي. وفي هذا المقال أتحدث عن الوعي الجَمْعي، وكيف نحققه في مجتمعنا؟ ولابد في البداية أن نعرف هذا المفهوم، ونحرر هذا المصطلح، حتى يكون القارئ على بينة وفهم.

الوعي الجَمْعي: هو وعي الأفراد بالعلاقات الاجتماعية، والتواصل المجتمعي بينهم، حتى يتطور ويكون عاملاً من عوامل النهوض بالمجتمعات. هذا على مستوى التعريف بشكل دقيق، فالأصل في الوعي الجَمْعي: هو بناء الأوطان والمجتمعات على قاعدة التواصل والعلاقات الاجتماعية، بعيداً كل البعد عن التقزم، والتقسيمات الشعوبية، التي تتم فى منطقتنا العربية خلال العشرين عاما الماضية وحتى الآن.

ولما كان الوعي بشموله الذي نعرِّفه بأنه: حالة من الإدراك الذي يجمع بين تفعيل دور العقل والمشاعر؛ لفهم ما يدور حول الإنسان، ولتنظيم علاقته بالموجودات المحيطة به، ولا يكتمل الوعي إلا إذا عمل الإنسان على تنميتها، بشكل مستمر، من خلال تطوير قدراته الفكرية، ومن خلال ربط تلك القدرات بتجاربه الحسية التي تشكل خبرته في الحياة.

فإنه يقينا طوق نجاة للمجتمعات والدول، وغاية في الخطورة لتحديد مصائرهم! كان لابد من وجود أزمة حقيقية في صناعته، وجهد غير عادي -خصوصاً- الوعي الجَمْعي الذي ننشده جميعا في إقامة شبكة علاقات قوية متماسكة، تنهض بالعقول والشعوب والأوطان، لذلك فصناعة الوعي أمر مهم وصعب؛ لأنه يستلزم طاقات جبارة، وفهماً عالياً، وهمة أعلى، وتجرداً وصدقاً في الرسالة التوعوية للمجتمع، بما تحمله من رقي في التواصل الفعال. وهنا يأتي السؤال الأخطر: كيف نحقق الوعي عموماً؟

وقبل الجواب، احذر -أخي القارئ- أن تظن أن الوعي حالة فردية فقط، بل هو -في نظري- العكس تماما، فهو حالة جماعية ببوصلة محددة، وهدف واضح، وقدرات جبارة، وطاقات هائلة، ورسالة صحيحة. فمحال تحقيق الوعي دون استغلال وتوظيف كل القدرات والإمكانيات والملكات الكبيرة، لذلك فإن صناعة الوعي موقوفة على عدة أمور:

أولاً- حسن التوظيف، وتقديم المتخصص:

وهذا الأمر على وجه الخصوص، من عوامل القصور التي نلاحظها جميعا في حياتنا ومجتمعاتنا العربية إلا من رحم ربي.

فالتوظيف الفعال والصادق وفق قدرات وطاقات وملكات: هو ضمانة للنجاح التوعوي، ونشر تلك الرسالة المهمة في مجتمعاتنا، فمن العيب أن أضع على رأس جهة ما شخصاً انطوائياً، منعزلاً عن الناس، وأزعم أنه قادر على نشر وعي جمعي، وتواصل قوي بين أبناء البلدة الواحدة. وفي نفس الوقت غير مقبول أن نجد شخصاً بارعاً في التواصل وتكوين العلاقات، وشخصية قوية، فنحمل عليه كل المهام: سياسياً، واقتصادياً، وتربوياً، وفي الحالتين قصور، وفهم مرفوض.

التوظيف الفعال والصادق وفق قدرات وطاقات وملكات: هو ضمانة للنجاح التوعوي، ونشر تلك الرسالة المهمة في مجتمعاتنا

ثانياً- فهم رسالة الوعي:

إن مقياس نجاح أيِّة مشروعات في الحياة، مرهون بمدى الفهم الكامل بمجرياته، ودراسته، وطبيعة عمله، وسبل تحقيقه كواقع قوي، يكون دافعا للبقاء، والتمدد، والانتشار، ثم نتجه بخطوات عملية صحيحة.

ثالثاً- صناعة الرمز الواعي:

إن صناعة الرموز هي الضمانة الحقيقية؛ لإحياء الوعي كحقيقة حياتية لها رجالها، وأبحاثها، وعملها الميداني المثمر في علاقات صحيحة ومتينة، بين أبناء المجتمع الواحد. لكن الحذر كل الحذر من الرموز الواهية، التي تتقدم وتتصدر فقط بتزكية أو بصك المدح، وهي مفلسة الملكات، ومعدومة الطاقات، فهذه عورات في مسير الوعي ومسار الرمز.

الحذر كل الحذر من الرموز الواهية، التي تتقدم وتتصدر فقط بتزكية أو بصك المدح، وهي مفلسة الملكات، ومعدومة الطاقات

رابعاً- وجود رؤية هوية واضحة للمجتمع:

وهذا الشرط –تحديدا- غاية في الخطورة؛ لأنه يتعامل مباشرة مع رئة المجتمعات، وأماكن توجيهها وتقويمها، وهي مؤسسات التعليم والإعلام، ومن هنا تكمن الخطورة! فالوعي في ذاته له جناحان، هما: التربية، والإعلام، وسيتعثر -كل صاحب رسالة ومشروع توعوي- كثيرا، إن غاب عنه هذا المعنى بهذا الوضوح وتلك الهوية المجتمعية.

خامساً- وجود الأخلاق والقيم العليا:

المجتمعات بكل سبل الفاعلية، والرغبة فى تغيير واقع مشؤوم لواقع جديد، يفرح به الجميع وينشر -على أساسه- كل سبل الفهم والعلاقات، ويأخذ بكافة الأسباب؛ للنهوض بوطنه وأمته، في حلقة قوية من الوعي الجَمْعي، الذي نريده جميعا لنا ولكل مجتمعاتنا العربية؛ لما فيه من تقدم ورقي وحياة صحيحة.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتب وباحث مصري الجنسية، مؤلف عدة كتب فى التربية والتنمية "خرابيش - تربويات غائبة- تنمويات". مهتم بقضية الوعي ونهضة الأمة من خلال التربية.

شاهد أيضاً

إلى أي مدى خُلق الإنسان حرًّا؟

الحرية بين الإطلاق والمحدودية هل ثَمة وجود لحرية مطلقة بين البشر أصلًا؟ إنّ الحر حرية …