دور الشعوب المسلمة في نصرة مسلمي الروهينغيا

الرئيسية » خواطر تربوية » دور الشعوب المسلمة في نصرة مسلمي الروهينغيا
2016-11-25T100359Z_1608516475_RC1CF01C3C90_RTRMADP_3_MYANMAR-ROHINGYA-PROTESTS(1)

{كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَىٰ قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ} [التوبة:8].

إنها ضريبة فادحة، تلك التي دفعها المسلمون من دمائهم وحياتهم وكرامتهم وهويتهم، حين تخلوا عن دينهم في مقابل الحصول على رضى من لن يرضى، حتى لو تركوا دينهم إلى ملل أخرى.

ضريبة لم يدفعها المسلمون وحدهم، وإنما دفعتها الإنسانية كلها، بفقدانها عامل الأمان الأوحد؛ لضمان بقائها. نعم، إن وجود الإسلام مهيمناً حاكماً، هو الضمانة الوحيدة في حياة البشرية؛ كي لا يطغى الطغاة دون رادع، وكي لا تسفك الدماء بأمان دون خوف من منتقم، ودون وجود ذلك الضمير الحي الذي لا يحكمه هوى بشر، أو رغبة طامع.

ضريبة غالية دفعها الجميع، حين تخلوا عن صمام الأمان؛ لاستمرار الحياة على سطح الأرض، وضمان كبح جماح تلك الرغبات المجرمة، لدى من لا يعرفون الله، بل عبدوا بعضهم بعضاً، فصار إلههم هواهم، وسيطرت عليهم أنفسهم حتى صاروا أكثر بشاعة من حيوانات الغابة، والتاريخ خير شاهد على تلك البشاعة، حين تخلى المسلمون عن دورهم في حماية البشرية بتحكيم دين الله فيها، والتماس العزة عنده، وذلك عتاب من رب العالمين لمن يحملون مشعل الهداية من ربهم، كيف أيها المسلمون تسمحون بأن ينتصر هؤلاء عليكم! وتكون لهم عليكم كلمة! وهم إذا تمكنوا لا يتقون الله فيكم، فهم لا يعرفون الله، وهم لا يعرفون سوى الانتقام والوحشية والضمائر الميتة!

كيف ترضون بالدنية! وبين أيديكم كتاب التوحيد الناصع البياض، الذي علمكم أن الركوع لغير الله شرك، وأن الخوف من غير الله شرك، وأن الانبطاح ليس من شيم المسلم العزيز الكريم! عتاب وتوجيه وتحذير للمسلمين، ألا يعطوا الدنية يوما لأحد.

وتلك هي المجازر اليوم في كل بقاع العالم، وتلك هي الدماء المهدرة، وإذا بحثنا فيها، فلن تجد إلا مسلماً، كيف وصل بنا الهوان لهذه الدرجة! كيف تنتهك حرمات المسلمين دون بواك! كيف بالمليار ونصف من المسلمين أن يكونوا بهذا الوهن والضعف! كيف رضوا بأن تنتهك حرمة النساء، وتمزق أجسادهن دون مغيث!

لقد كانت أول مواجهة بين المسلمين واليهود في المدينة، بسبب كشف عورة امرأة مسلمة، وجُيشت الجيوش في عهد المعتصم من أجل صرخة امرأة مسلمة، وها هي صرخات النساء والأطفال والرجال من كل مكان في أرجاء بورما للأقلية المسلمة، وما من مجيب!

لقد كانت أول مواجهة بين المسلمين واليهود في المدينة، بسبب كشف عورة امرأة مسلمة، وجُيشت الجيوش في عهد المعتصم من أجل صرخة امرأة مسلمة، وها هي صرخات النساء والأطفال والرجال من كل مكان في أرجاء بورما للأقلية المسلمة، وما من مجيب

لقد اطمئن الظالمون إلى أنهم سيقتلون شعوباً نائمة غافلة! وفي الوقت الذي ننتظر فيها المنظمات الدولية أن تتحرك؛ لإنقاذ مسلمي ميانمار، نجد أن النظام القاتل نفسه يعتمد على نفس تلك المنظمات في حمايته؛ حتى ينتهوا من أكبر عدد ممكن من المسلمين، قتلاً وحرقاً، وتهجيراً.

وها هي حكومة ميانمار في ظل عمليات الإبادة المقننة التي تجريها ضد الروهينغيا، تقول اليوم: إنها تجري مفاوضات مع الصين وروسيا؛ لضمان عرقلة أي قرار من الأمم المتحدة يضعها تحت رقابتها حول أحداث العنف العرقى ضد الأقلية المسلمة "الروهينغيا"، وأجبرت مائة وخمسين ألفا منهم على النزوح، خلال اثني عشر يوماً، من إجمال مائتين وثلاثة وثلاثين ألفا، عدد سكان الروهينغيا.

وحذّر الأمين العام للأمم المتحدة "أنتونيو جوتيريس" فى خطاب غير مألوف أمس، من خطورة زعزعة استقرار المنطقة، واندلاع كارثة إنسانية وتطهير عرقي فى بورما.

وقال مستشار الأمن القومي في بورما "ثوانج تون": إنّهم يعوّلون على الصين وروسيا؛ لحظر أي قرار من الأمم المتحدة ضد بورما، مضيفاً أن الصين دول صديقة، ولديها علاقات جيدة مع روسيا، لذا فمن غير المتوقع حدوث تطورات ضدنا.

ولقد اتضح لنا تواطؤ حكام المسلمين -إلا من رحم ربك- على تلك الأقلية، فلم يعقِّب أحدهم تصريحاً أو تلميحاً بتلك الكارثة الإنسانية، ولو من باب إنساني وليس دينياً، وتاريخ هؤلاء الحكام يؤكد لنا: أنه لا أمل فيهم، ولا رجاء منهم، وأن المهمة تقع على عاتق الشعوب المسلمة وحدها، في رفع هذا الظلم البين على أخوة لهم في الدين، لا ذنب لهم إلا أن تمسكوا بدينهم، رغم الفجور في خصومة عدوهم!

وليس مطلوبا من أحد اليوم -وفي ظل هذه الظروف الاستبدادية التي تمر بها الأمة- أن يحمل سلاحاً بدعوى الجهاد؛ لأنه لن يتمكن من فعلها، وإنما هناك وسائل أخرى، أشد وجعاً وضغطاً، تستطيع الشعوب القيام بها دون أن يحاسبها أحد، أو تتعرض للبطش من حكامها في الداخل.

لذا فإنني أقترح -وأرجو أن يجد اقتراحي قلوباً واعية، ونفوساً حية، ترجو مرضاة ربها، وتخشى غضبه، فتتحرك رغبة في الضغط على كل الدول المعنية، والتي تستطيع بقرار منها أن توقف تلك الجرائم المستمرة، والنزيف الذي لا يتوقف حتى لا تهلك البشرية كلها بالسكوت على هؤلاء القتلة الفجرة-:

1 ـ تكوين لجان توعوية تثقيفية على مواقع التواصل الاجتماعي، يكوِّنها مجموعات من الشباب في كل قطر مسلم، من طلبة المدارس، والجامعات، والمعلمين، وكل من يمكن أن يقوم بهذا الدور التعريفي؛ لنشر تلك الكارثة، وتعريف الناس بأبعادها، وإحياء تلك القضية، وإرسال رسائل للأمم المتحدة، وكل المنظمات المعنية عبر تلك الوسائل، قدر الاستطاعة؛ وذلك لفضح تلك الجرائم، حتى لا تتوه في زحمة مشكلات المسلمين.

علينا تكوين لجان توعوية تثقيفية على مواقع التواصل الاجتماعي، يكوِّنها مجموعات من الشباب في كل قطر مسلم، من طلبة المدارس، والجامعات، والمعلمين، وكل من يمكن أن يقوم بهذا الدور التعريفي؛ لنشر تلك الكارثة، وتعريف الناس بأبعادها، وإحياء تلك القضية

2 ـ تكوين لجان حقوقية، تشمل المحامين المهتمين بقضايا المسلمين، ومنظمات حقوق الإنسان؛ لتوثيق تلك الجرائم، ورفع قضايا دولية بأسماء المجرمين، خاصة رئيس الدولة ورئيسة الوزراء -الحاصلة زيفا على جائزة نوبل للسلام- وعلى وزراء النظام في بورما، وتحريك ذلك الملف عالمياً للضغط عليهم.

3 ـ وأراها الأهم والأكثر وجعاً وضغطاً، وهي عمل لجان نوعية أيضا على مواقع التواصل الاجتماعي؛ لحصر كافة المنتجات الصينية، وهي منتشرة في كل الأقطار؛ للقيام بحملات مقاطعة موسعة، يشارك فيها أكبر عدد ممكن، ولو لفترة محددة، يمكن أن ترسل تهديداً واضحاً أننا أمة لم ولن تموت.

أيها المسلمون في كل مكان، الهول أكبر من أن نتجاوزه في مجرد كلمات، وبكائيات نلقيها على صفحاتنا، ونرحل لنمارس حياتنا، وكأن شيئاً لم يكن، إن تلك القضية، لو مرت دون عقاب رادع، ومساءلة حقيقية، ووقفة جادة لنا، فلن نعرف على من سيكون الدور القادم في حرب الإبادة تلك! إنه قرار لا بد لنا من اتخاذه، فإما أن نقاوم جميعاً، وإما أن نهلك جميعاً.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتبة مصرية، مهتمة بالشأن الإسلامي العام، حاصلة على بكالوريوس إعلام من جامعة القاهرة، وكاتبة في العديد من الصحف والمواقع الإلكترونية، لها العديد من المؤلفات المنشورة، مثل: المنهاج في الدروس المسجدية للنساء، معالم على طريق التمكين الحضاري، وأبجديات الثورة الحضارية وغيرها.

شاهد أيضاً

مسؤولية التعلم ولو في غياب “شخص” معلم

ربما من أوائل ما يتبادر إلى الذهن عند الحديث عن العلاقة بين المعلم والمتعلم، قصيدة …