سببان رئيسيان لأهمية تعلم “قواعد” اللغة!

الرئيسية » بصائر تربوية » سببان رئيسيان لأهمية تعلم “قواعد” اللغة!
languages3

انتشرت الكثير من التطبيقات والمواقع التي تشجع على تعلم شتى اللغات في أقصر وقت ممكن. وعندما تبدأ التعامل مع معظمها تجد الأولوية تذهب لمفردات اللغة، والتعبيرات المختلفة، والجمل، وإجراء الحوارات، وغيرها. والهدف الأساسي هو تعليم اللغة بحيث يتمكن الإنسان من "تحدثها" بطلاقة بعد فترة معينة.

ولكن بعد التعامل الشخصي مع بعضها من أمثلة "دولينجو" Doulingo، و"بوسو" Bussu وبعد تجربة تعلم أكثر من لغة سواء مراجعة لغة تم تعلمها سابقًا كالإسبانية، أو تعلم لغة جديدة كالتركية، تبين لي أن أساليب تطبيقات تعلم اللغة ليست هي الطريقة المثلى لتعلم اللغة، سيما إذا كان الهدف استمرار استخدامها على المدى البعيد ورسوخها في الذاكرة.

وإنما لا بأس في استخدام هذه التطبيقات كوسائل لمراجعة لغة تم دراستها قبلًا، أو التدرب وممارسة لغة يتم دراستها الآن، حيث يحوى معظمها الكثير من التدريبات والحوارات والتدريبات المستخدمة في المحادثات اليومية. كما تعد هذه التطبيقات فعالة ومهمة وسريعة الأثر لمن يرغب في السفر للعمل أو الدراسة في دولة ما، أو التواصل مع أهل اللغة. من جهة أخرى، فإن لتعلم قواعد اللغة أثر بالغ الأهمية، حيث يؤثر على فهم واستيعاب اللغة وتطبيقها على المدى القريب والبعيد، وإن أخذت هذه التقنية فترة أطول في التعلم، والوصول للدرجة المطلوبة في الطلاقة. ونذكر هنا أهم ثلاثة أسباب تدلل على ضرورة الحرص على تعلم قواعد اللغة عند البدء في تعلم أي لغة جديدة:

تعد هذه التطبيقات فعالة ومهمة وسريعة الأثر لمن يرغب في السفر للعمل أو الدراسة في دولة ما، أو التواصل مع أهل اللغة

1- اختلاف بناء الجملة:

لا ريب أن فهم تركيب الجملة، يساعد بشكل كبير على فهمها وبالتالي حفظها وتطبيقها، وفي النهاية القياس عليها. وبناء الجملة يختلف باختلاف اللغة، فالإنجليزية مثلًا تبدأ بالفاعل ثم الفعل ثم المفعول به، بينما الإسبانية قد تكتفي بالفعل ثم المفعول دون ذكر الفاعل، الذي غالبًا ما يتضح من تصريف الفعل. أما التركية فتتخذ بناءً معاكسًا حيث تبدأ بالمفعول، والفعل يلزم نهاية الجملة، والفاعل يمكن إغفاله أحيانًا حيث يظهر في تصريف الفعل.

والحال كذلك، فلا بأس من الاعتماد على مواقع تشرح القواعد الأساسية ولا توغل في اللغة بعمق حتى لا يتشتت الدارس. فمثلًا، من المواقع البسيطة لتعلم الإسبانية، ولكنه في نفس الوقت يركز على جميع القواعد بلا استثناء، ويحرص على توصيلها في أبسط صورة ممكنة من خلال كثرة الأمثلة والشرح المنطقي: http://studyspanish.com/

وبالنسبة لتعلم قواعد التركية كذلك دون الإيغال فيها بعمق، وإنما بقدر ما يمكِّن المعلم من فهم بناء الجملة، وفهم كافة التراكيب والصيغ اللغوية: كالنفي والأمر، والطلب، والسؤال... إلخ. والمميز في هذا الموقع أنه يوفر ميزة "نطق" الكلمات والتعبيرات أثناء تعلمِّها بحيث تتمكن من المحادثة وممارسة اللغة أثناء دراسة قواعدها: https://elon.io/learn-turkish/lessons

2- استيعاب اللغة يصبح أكثر منطقية:

فمعظم التطبيقات تعتمد على تقسيم تعلم اللغة إلى مستويات مختلفة ، وكل مستوى يحتوي على موضوعات مختلفة كالأسرة، والوظائف والسفر وأنواع الملابس والأطعمة ...إلخ. ونجد أن أساليب هذه التطبيقات تعتمد على كثرة التكرار حتى يحفظ الإنسان العبارات والكلمات، ويتحدثها لاحقًا! بينما حين يتعلم الإنسان قواعد اللغة، تغدو التراكيب أكثر منطقية ويستوعب الدارس لماذا يوضع الفعل هنا والفاعل هناك، وكيف تم تركيب صيغة السؤال أو الأمر. وبالتالي، لن يتمكن فحسب من فهم التراكيب اللغوية بصورة أسرع، ولكن سيتمكن من بناء جمله وتعبيراته الخاصة بناءً على تيك التراكيب.

حين يتعلم الإنسان قواعد اللغة، تغدو التراكيب أكثر منطقية ويستوعب الدارس لماذا يوضع الفعل هنا والفاعل هناك، وكيف تم تركيب صيغة السؤال أو الأمر

مثال 1:
تخيل مثلًا أن طالبًا يتعلم العربية مستخدمًا أحد هذه التطبيقات، وقابله درس وصف حالة الجو، فألفى هذه الجمل: "إنَّ الجوَّ مشمسٌ اليومَ" و"كان الجوُّ ممطرًا بالأمسِ"، سنلاحظ أن معظم التطبيقات مصمَّمة لجعل الطالب يكرر العبارة حتى يستوعبها، ثم يقوم ببعض تمرينات التوصيل أو ملء الفراغات وانتهى الأمر. ولكن تخيَّلوا معي، لو عرف الطالب مثلًا أن الأسماء بعد إنَّ (وأخواتها) دائمًا منصوبة، بينما تكون دومًا مرفوعة بعد كان (وأخواتها)، فإذن لاستوعب التشكيل بصورة أسرع وأوقع، وأعانه ذلك على تكوين الجمل بنفسه باستخدام "إن" و"كان" دون أن يخطئ في الإعراب!

مثال 2:
كذلك إذا ذكرنا قاعدةً كاسم المفعول واسم الفاعل، والتي تُشكل أحيانًا على أهل اللغة أنفسهم، فتجد الكثير ممن يقول: "هذا إنسان معمِّر"، والصحيح "هذا إنسان معمَّر"، لأنه لا معمَّر إلا الله، فالإنسان لا يعمِّر نفسه. وهكذا، فإن الدارس إذا استوعب المعنى الذي يُراد من كل منهما وطريقة التركيب، لتيسر عليه فهم واستخدام اللغة، ولعرف متى يستخدم "ضارب" أو مضروب"، و"واقف" أو"موقوف"!

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتبة ومترجمة من مصر، مهتمة بقضايا التعليم والأسرة والتطوير الذاتي

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …