الزوج والزوجة خليلان متلازمان، فكل منهما يتأثَّر بالآخر ويؤثِّر فيه، ولهذا كان الواجب عليهما التعاون على البر، والتناهي عن الإثم، والأمر بالمعروف والتناهي عن المنكر، كما قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ}[المائدة،2].
وحثّ النبي -صلى الله عليه وسلم- على نكاح المرأة الصالحة، وتزويج الرجل الصالح الذي يُرضَى دينه وخلقه؛ من أجل تحقيق هذه الغاية الجليلة، وهي التعاون بين الزوجين وأولادهما وأهليهما على مرضاة الله -تعالى- والاستقامة على دينه، وعن أبي سعيد وأبي هريرة -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا استيقظ الرجل من الليل وأيقظ امرأته، فصليا ركعتين، كُتبا من الذاكرين اللهَ كثيرًا والذاكرات" (رواه أبو داود والنسائي).
وأن يعينَ الزوجان بعضهما بعضا على طاعة الله، أمرٌ له أثر طيب على حياتهما الأسرية، وسببٌ في أن ينعما بالاستقرار النفسي والاجتماعي، فإذا كان أحدهما مقصراً في حق الله عليه، فعلى الآخر أن يأخذ بيده حتى يعيده إلى الطريق المستقيم.
وفي هذا الإطار، بيَّن الدكتور مؤمن أحمد شويدح -أستاذ مساعد في كلية الشريعة بالجامعة الإسلامية بغزة-: "أن الزوج عليه مهمة كبيرة في إعانة أهل بيته على الطاعة، ويتحمل مسئولية كبيرة في سبيل ذلك، وينبغي أن يكون لديه النفس الطويل، والصبر على الزوجة، وحتى الأولاد، كما قال تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا}.[طه:132]
وأوضح: أن عليه أن يتحلى بالصبر في سبيل الدعوة إلى الله، إذ قال تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ}[الشعراء:214].
ودعا الزوج إلى أن يكون قدوة حسنة لأهل بيته، فمثلاً من السنة النبوية أن يصلي ركعات السنة في البيت لا في المسجد، والمقصد منه أن يقتدي به أهل بيته، ووقوفه للصلاة هو تذكير لهم بموعدها، فيقلده طفله الصغير، وتؤدي الزوجة صلاتها دون أن يطلب منها زوجها ذلك.
والزوج المسلم الصالح التقي، هو الذي يعين زوجته على طاعة الله، و يحثها على الصدقة، ولو من ماله، وهو الذي يذكّرها بقراءة القرآن، ويسألها دوماً عن الصلوات.
وأضاف شويدح: "هو الذي يتابعها ويقوّم عوجها بالأسلوب اللطيف الحسن والكلمة الحانية، فالغاية من إقامة البيوت، أن نبذر في حقل الإسلام وأرضه بذرة صالحة للطاعة، فالزوج المسلم هو الذي يعين زوجته على طاعة الله، فيحث الزوج زوجته على قيام الليل، وما أحلى وأرق وأجمل قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم! -كما في الحديث الصحيح الذي رواه أبو داود وابن ماجه وغيرهما- يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: (رحم الله رجلاً قام من الليل، فصلى وأيقظ امرأته، فإن أبت نضح في وجهها الماء، ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها، فإن أبى نضحت في وجهه الماء)، فالزوج يفتح قلب امرأته بأن يكون عوناً لها على الطاعة، فيجدا للإيمان طعمًا، ولليقين حلاوة، وللصلاة سبيلاً، وللقرآن طريقًا.
ويمكن أن تكون الصورة معاكسة، فتكون الزوجة هي من تقوم بالعبادات والطاعات، والزوج مقصر في ذلك، فكيف تعينه هي على الطاعة والتقرب إلى الله؟
يقول الدكتور شحادة سعيد السويركي -أستاذ مساعد بكلية الشريعة وأصول الدين- في هذا الإطار: "عليها أن تقوم بالتذكير الدائم والمستمر، دون كلل أو ممل، فسيدنا نوح عليه السلام لبث تسعمئة وخمسين سنة يدعو قومه إلى التوحيد! والمطلوب أن يكون هناك تذكير من قبل الزوجة لزوجها لأداء العبادات والقيام بالطاعات التي تُرضي الله تعالى".
وأشار إلى أن أي تصرف سيئ من قبل أحد الزوجين، لا بد أن يقابله إدراك لمدى الخطأ في هذا التصرف، وتقديم الاعتذار، حتى لا ييأس أحدهما من تصويب ودعوة الآخر إلى فعل الأعمال الصالحة.
ولفت إلى أن الزوجة لا بد أن تكون مطيعة دائما لزوجها، ومذكرة بأمور الطاعة، فعندما تشاهدها زوجها، يقوم بتقليد أفعالها من صلاة وصيام وصدقة وغيرها.
ونصح السويركي الزوجين: بأن يجدولا أوقاتًا للعبادات المشتركة مع العائلة، كما كان يفعل سيدنا معاذ بن جبل، حينما كان يصلي الفريضة مع النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ثم يذهب ليصلي بأهل بيته إماماً، ويمكن للزوج أن يفعل ذلك مع زوجته وأولاده.
وذكر أن الزوجين وأبناءهما يمكن أن يتفقوا على صيام النوافل، والاشتراك أيضا في العبادات، وفي قراءة القرآن، فمثلا يوم الجمعة يجلسون سوياً؛ ليتدبروا القرآن، ويقرؤوا سورة الكهف في جماعة، وهذه الأفعال من شأنها رفع نسبة الإيمان.
ولابد أن تكون الزوجة حكيمة وذكية في التعامل مع زوجها المقصر في العبادة؛ إذ قال تعالى: {ادْعُ إلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}[النحل:125]، مشيرا إلى أنها يمكن أن تفعل ذلك من خلال استغلال مواقف وظروف معينة؛ لتذكيره بالطاعات والعبادة وأثر التقرب إلى الله على حياته الشخصية والاجتماعية، وعليها أن تعرف متى تتحدث معه، وماذا يحب وماذا يكره لتحببه في العبادة.
ولفت السويركي إلى أن تذكير الزوجة لزوجها بالطاعة، وإعانتها له على التقرب إلى الله، قد تستغرق وقتا أو حتى سنوات طويلة! لذا عليها أن تصبر، ولها جزاء هذا الصبر، فكم من رجال اهتدوا على أيدي زوجاتهم. وعلى سبيل المثال كان هناك رجل لا يقرأ ولا يعرف كيف يقرأ القرآن، وكانت زوجته ملتزمة، فصبرت عليه حتى علمته كيف يقرأ القرآن وبالأحكام أيضا!