مسلمو ميانمار والإبادة الجماعية… كيف يمكن نصرتهم؟

الرئيسية » تحقيقات وحوارات خاصة » مسلمو ميانمار والإبادة الجماعية… كيف يمكن نصرتهم؟
TO-GO-WITH-AFP-STORY-SEAs-009

لا يساعد عامل الوقت الأقلية المسلمة المعروفة باسم (الروهينغيا)، القابعين بإقليم أراكان بدولة #ميانمار، في تخطي الإبادة الجماعية التي تحصد أرواحهم، على إثر هجمات جيش ميانمار الشرسة عليهم، وارتكاب جرائم قاسية، دون التفرقة بين المدنيين أو المسلحين.
ومع عدم توافر أي إحصائيات رسمية من داخل إقليم أراكان عن عدد القتلى والإصابات التي خلفتها حملة الجيش الحكومي، إلا أن المجلس الأوروبي للروهينغا أعلن مقتل ما بين ألفين وثلاثة آلاف مسلم في هجمات جيش ميانمار، خلال ثلاثة أيام فقط!

واضطرت الأمم المتحدة إلى سحب موظفيها؛ جرّاءَ توغُّل الجيش بقتل المسلمين بأراكان. وأكدت الثلاثاء الماضي: أن مائة وخمسة وعشرين ألفا من أقلية #الروهينغيا، وصلوا إلى بنغلاديش منذ أواخر أغسطس/آب الماضي؛ هربا من المعارك، وأعمال الجيش الحكومي في إقليم أراكان بميانمار، مشيراً إلى أن النساء والأطفال يمثلون 80% من النازحين الروهينغيا الذين فرُّوا إلى بنغلاديش في الأيام الأحدَ عشرَ الأخيرة.

باستثناء الموقف "الإسلامي" الوحيد للرئيس التركي رجب طيب أرودغان، الذي دعا فيه حكومة بنغلادش باستقبال لاجئي الروهينغيا، وتوفير احتياجاتهم الضرورية، مقابل أن تدفع أنقرة كافة الأعباء المالية، ولم يسجل العالم الإسلامي أي موقف ينصر الأقلية المسلمة التي تندرج تحت مظلة الإسلام!

ومع بلوغ الهجمة ذروتها -بالتزامن مع تسريب عدد من المقاطع التي تُظهِر وحشية الجيش الحكومي في ميانمار بقتل المسلمين هناك- تداول عدد من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي في العالم الإسلامي هذه المقاطع، منددين بالصمت الذي يعتري على الحكومات "الإسلامية" إزاء هذه الجرائم البشعة.

ومن الناحية الشرعية، فإن نصرة مسلمي ميانمار، لا ينجو من عاتقها كل مسلم ومسلمة، كل حسب مقدرته واستطاعته، سواء كانت بمال أو سلاح أو دعاء.

مصطفى القيشاوي: ينبغي على المسلم أن يستخدم كافة وسائل الإعلام المتاحة بين يديه، وكافة منصات التواصل الاجتماعي؛ للتعريف بقضية أقلية ميانمار المسلمة؛ ليحرك مشاعر المسلمين إزاءهم

وفي هذا السياق يؤكد الداعية الشيخ مصطفى القيشاوي: (على الدور المنوط بالمسلمين؛ لنصرة إخوانهم في ميانمار، بحيث أوجب الإسلام نصرة المستضعفين، بشتى الطرق المتاحة، سواء بمدهم بالجيش والعدة والعتاد، أو بالمال، ومن لم يستطع لذلك سبيلاً، فإن الدعاء لهم يجب أن يكون حاضراً).

ويضع الداعية خطوات لنصرة المستضعفين والمضطهدين: (يجب على كل مسلم أن يتبعها؛ لنصرة قضيتهم، بحيث يدركها ويفهمها، ثم يعرِّف الناس بها، ويكون داعية إلى الله فيها، ينشر ما يحدث من الآلام بين الناس حتى يستطيع أن يشكل رأيا عاما لنصرتهم.

وينبغي على المسلم أن يستخدم كافة وسائل الإعلام المتاحة بين يديه، وكافة منصات التواصل الاجتماعي؛ للتعريف بقضية أقلية ميانمار المسلمة؛ ليحرك مشاعر المسلمين إزاءهم)، وفقا للقيشاوي.

وعلى دور أمة الإسلام، يؤكد القيشاوي: (على ضرورة توحيد الأمة، وتوجيه خطاب قوي يركز على أننا أمة واحدة، وجسد واحد، حتى يتحرك من خلاله وجدان ومشاعر المسلمين؛ لينصروا إخوانهم المستضعفين الذين يتعرضون إلى أقصى أنواع العذاب والتنكيل).

ويلقي القيشاوي على العلماء الكبار في الدول الإسلامية أكبر أدوار النصرة، وذلك بوجوب أن يكون لهم موقف شرعي وديني من هذه المجازر، وأن يشكلوا أداة ضغط على الحكام في بلادهم؛ لاتخاذ مواقف سياسية رادعة للمعتدين، الذين لا يضعون حداً لإجرامهم وانتهاكاتهم البشعة!

وبالعودة إلى دور المسلمين، فإنه يجب على كل مسلم أن لا يبخل عليهم بالدعاء، وأن يتحرى أوقات الإجابة؛ ليدعوَ الله أن ينصرهم، وأن يرفع عنهم البلاء، وأن ينتقم من عدوهم، ويستشهد القيشاوي بحادثة النبي عليه الصلاة والسلام، لما هاجر إلى المدينة وسَلِمَ من قريش، لم يترك إخوانه المستضعفين في مكة من الدعاء، وكان يدعو لهم واحداً واحداً، كان يدعو لهم بأسمائهم، وكان إذا رفع رأسه من الركعة الأخيرة يقول: "اللهم أنج عياش بن أبي ربيعة، اللهم أنج سلمة بن هشام، اللهم أنج الوليد بن أبي الوليد، اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين". (رواه البخاري).

ويستند أيضاً بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي حذر فيه من خذلان المستضعفين، فقال: "مَا مِنْ امْرِئٍ يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ، وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ، إِلَّا خَذَلَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ. وَمَا مِنْ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ، وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ، إِلَّا نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ نُصْرَتَهُ» (رواه أحمد وأبو داود).

وقال أيضا: "أُمِرَ بعبد من عباد الله أن يضرب في قبره مائة جلدة، فلم يزل يسأل ويدعو حتى صارت جلدة واحدة، فجلد جلدة واحدة، فامتلأ قبره عليه ناراً، فلما ارتفع عنه قال: علام جلدتموني؟ قالوا: إنك صليت صلاة بغير طهور، ومررت على مظلوم فلم تنصره". (رواه أبو الشيخ ابن حبان في كتاب التوبيخ، والطحاوي في مشكل الآثار)

أنس رضوان: نصرة المسلمين في ميانمار تشمل البذل بالمال، وأي مساعدة يمكن إرسالها لهم، كما أن الجهاد باللسان، وقول الحق فيهم من أهم وسائل النصرة لغير القادرين على أن يصلوا إليهم

من جانبه يؤكد الداعية أنس رضوان: أن النصرة واجبة على كل مسلم، حسب استطاعته ومقدرته؛ لقوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ}، وقوله تعالى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا}.

ويرى رضوان: أن النصرة لا تقتصر على حمل السلاح والجهاد في سبيل الله، وإن كان ذلك ذروة سنام الإسلام، إنما تشمل البذل بالمال، وأي مساعدة يمكن إرسالها لهم، وأن الجهاد باللسان، وقول الحق فيهم من أهم وسائل النصرة لغير القادرين على أن يصلوا إليهم؛ لقوله تعالى: {وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً}.

ويشير رضوان: إلى أن كل جهد يبذله المسلم نصرةً للمستضعفين من مسلمي بورما، يبتغي فيه مرضاة الله، وإعلاء كلمته، فإن صاحبه ينال شرف الجهاد في سبيل الله. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "جاهدوا المشركين بأموالكم وأيديكم وألسنتكم".(رواه أبوداود وأحمد، وغيرهما).

وفي المجمل يؤكد على أن مساعدة مسلمي ميانمار بحسب الاستطاعة والمقدرة، تعدُّ جهاداً في سبيل الله، منوهاً على ضرورة ووجوب أن تجتمع الأمة الإسلامية على كلمة سواء؛ لنصرتهم وتوحيد جهودها؛ لرفع الأذى عنهم.

ويلقي رضوان دوراً بارزاً على الجمعيات الخيرية الإسلامية بضرورة نصرتهم ومساعدتهم، بإيواء مشرديهم، وإطعامهم، وتوفير الحياة الكريمة لهم، التي أمر بها الله سبحانه وتعالى، إلى حين أن تُحَلَّ قضيتهم، غير أن وزرهم معلق في رقبة حكام العالم الإسلامي، الذين لم يساندونهم في محنتهم ولم يوقفوا تنكيل الكفار فيهم.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
صحفي فلسطيني مقيم في قطاع غزة، حاصل على درجة البكالوريوس في الصحافة والإعلام من الجامعة الإسلامية بغزة عام 2000، عمل في العديد من الصحف والإذاعات والمواقع الإلكترونية العربية والدولية أبرزها: العودة اللندنية، العرب اللندنية، القدس الفلسطينية، موقع إخوان أون لاين. وله العديد من المقالات في مجالات متنوعة، يعمل حاليا مديرًا لموقع الرسالة نت الفلسطيني بغزة وكاتب في موقع " بصائر " الالكتروني.

شاهد أيضاً

طفلي بلغ السابعة.. كيف أبدأ بتعويده على أداء “الصلاة” ؟

مما ينعش قلب الأبوين أن يقف إلى جوارهما طفلهما الصغير في سنوات عمره الأولى وهو …