في أحد الأفلام القصيرة، تحاول فتاة من خلال رسوماتها تغيير الواقع، وإدخال السعادة على القلوب، فترسم بالونات لطفلة صغيرة، وتحول مباني قديمة متهالكة لعمارات فخمة، وتصالح بين متخاصمين...إلخ. هذه الفكرة -لا ريب- خيالية بل مستحيلة، فللأسف! لا يمكننا استخدام الألوان والورق كمادة سحرية؛ لتعديل الواقع، واستبدال الظروف الكئيبة بأخرى سعيدة.
ولكن ربما أمكننا تحليل شخصية صاحب الرسم، ومعرفة بعضٍ من ملامح شخصيته وظروفه. وأذكر أنه في الماضي، كان يتم تشجيع الكثير من الأطفال على الرسم، سواء في البيت أو المدرسة؛ ليتم اكتشاف موهبتنا إن كان لأحدنا موهبة في الرسم. إلا أن الأمر -الآن- تخطّى مجرد اكتشاف الموهبة إلى التعرف على الشخصية ودواخلها، وربما إلى الظروف التي يعيشها الطفل صاحب الرسوم.
كيف تعبر الرسوم عن ظروف ومشكلات الطفل؟
في إحدى الدراسات، قام طبيب نفسي بتحليل ظروف طفلة، ومعرفة ما تمر به من مشكلات من خلال رسوماتها. فتارة كانت ترسم نفسها بعيدة عن الأطفال، وكان هذا تعبيرًا عن وحدتها في المدرسة التي كان كل من فيها من البيض عداها هي. ثم بدأت –لاحقًا- ترسم نفسها وسط الأطفال حين بدأوا اللعب معها.
كذلك تقول إحدى طبيبات الأطفال إنها استطاعت فهم ظروف كثير من الأطفال، وبالتالي مساعدتهم في العلاج أو تحسين ظروفهم النفسية والاجتماعية. وتحكي الطبيبة عن طفلة صغيرة في الحادية عشرة من العمر كانت تَفِدُ إلى عيادتها كثيرًا، وتؤكد أنه من الناحية الدراسية والصحية كانت الطفلة بحالة جيدة جدًا. إلا أن الطبيبة اكتشفت من خلال لوحات الطفلة الفنية التي رسمت فيها نفسها إلى جانب أمها، أنها كانت شديدة التعلق بوالدتها، مما أثر في تطورها الاجتماعي، فلم يكن لديها أصدقاء.
فكان أن أخبرت الطبيبة الأم بهذا الأمر، ووعدت الأخيرة بالحرص على تصحيح الأمر؛ لمساعدة ابنتها على أن تكون أكثر انفتاحًا من الناحية الاجتماعية بشكل أكبر.
صورة أخرى كانت لطفلة في السابعة، قامت برسم صورة مُفصَّلة لأسرتها، فأوّلت الطبيبة ذلك بأن هذه الطفلة تهتم بتفرد كل شخص، والتفاصيل الدقيقة في حياتهم.
كما أنه فيما يتعلق بتحليل شخصية الطفل ومشكلاته من خلال الرسوم. فيمكن للمحلل النفسي أن يستشفَّ ويفهم إذا كان الطفل وحيد أبويه، أو يعيش مع أحد الأبوين، كما كان حال طفلتنا ذات الأحد عشر عامًا. بالإضافة إلى أنه يستطيع معرفة ما إذا كان الطفل أنانيًا، أو عنيفًا، أو مسالمًا أو خجولًا من خلال رسوماته، واختياره للألوان.
يمكن للمحلل النفسي أن يستشفَّ ويفهم إذا كان الطفل وحيد أبويه، أو يعيش مع أحد الأبوين، بالإضافة إلى أنه يستطيع معرفة ما إذا كان الطفل أنانيًا، أو عنيفًا، أو مسالمًا أو خجولًا من خلال رسوماته، واختياره للألوان
كيف يمكن للآباء والمربين قراءة رسوم الأطفال؟
هناك بعض الدلالات للألوان والتفاصيل التي يخطها الطفل على الورق. فالألوان الغامقة -مثلًا تشير إلى طفل مسيطر يميل إلى فرض رأيه. أما الأخضر فيشير إلى طفل مبدع، والأصفر يدلل على السعادة، والأحمر يشير للإثارة، وهو من أكثر الألوان المفضلة لدى الأطفال بصفة عامة.
كذلك فإن حجم الأشخاص في الرسمة يشكل فرقًا، فكلما كبر حجم الشخصية على الورق عن غيرها دلَّ ذلك على هيمنتها على أرض الواقع. كما أن الرسم أسفل الصفحة يدل على عدم الأمان الذي يشعر به الطفل. وأما رسم أشخاص دون ذراع يعني أنهم غير عدوانيين، على عكس الأشخاص ذوي الأذرع الطويلة الذين يميلون للعدوانية.
إن حجم الأشخاص في الرسمة يشكل فرقًا، فكلما كبر حجم الشخصية على الورق عن غيرها دلَّ ذلك على هيمنتها على أرض الواقع
ويمكن من خلال هذه التفاصيل معرفة ما إذا كان الطفل مثلًا يعاني من قسوة أب أو تسلط أم، كما يمكن التعرف على علاقته مع أفراد أسرته، حتى زملائه في المدرسة. ويشير الكثير من الأطباء النفسيين أن معرفة شخصية الطفل من خلال الرسومات تعدُّ من أسهل الأساليب؛ حيث تعتمد على غير المباشرة. فكثير من الأطفال قد يحجم عن إجابة أسئلة مباشرة تتعلق بأسرته، أو مدرسيه، أو زملائه في المدرسة؛ خوفًا أو خجلًا! بينما الرسم يُعدُّ بالنسبة له المتنفس الآمن السرِّي!
كتب ذات صلة بالموضوع
معلومات الموضوع
مراجع ومصادر
- http://www.parents.com/fun/arts-crafts/kid/decode-child-drawings/