يمر الأطفال بفترات عمرية كثيرة، تتبدل فيها عاداتهم وطباعهم، تبعاً لتغير نفسياتهم ونضجهم، ولابد لكل طفل أن ينتهج بعض السلوكيات غير المرغوب فيها أحياناً، وهنا يأتي دور الأهل للتعامل معها بإيجابية بدلاً من الاكتفاء بالصراخ والانتقاد، الذي يطغى ضرره على نفعه!
في هذه المقالة سأتكلم عن خطوات ستة، يجب علينا انتهاجها؛ من أجل تعديل سلوك أطفالنا بطريقة صحيحة:
أولاً- تحديد السلوك الذي نريد تعديله بالضبط:
قد نشعر بعدم الرضا عن وضع الابن، ونحمل مشاعر سلبية تجاهه، ونطالبه بالتغيير، بينما نحن أنفسنا لا نعرف ما يزعجنا فيه بالضبط، وكأن شخصيته بالنسبة لنا عبارة عن خيوط متشابكة معاً، وتلك الخيوط لا يمكن أن نُعيد تنظيمها إلا إذا أمسكنا طرف الخيط، أو بمعنى آخر إذا جلسنا مع أنفسنا وحددنا بالضبط ماهي السلوكيات التي نريد تعديلها.
ثانياً- تحديد السلوك الأكثر ضرورة:
قد تكون نتيجة جلستنا السابقة مع أنفسنا اكتشاف عدة سلوكيات نريد تعديلها، مثل: الفوضى، والكذب، والكسل، واللامبالاة ... وهنا يخطئ غالب الأهل خطأً فادحاً عندما يتجهون إلى تعديل كل تلك السلوكيات دفعة واحدة، بل الصواب أن يختاروا السلوك الأكثر ضرورة، ويركزوا عليه، وعندما يصلون إلى مبتغاهم يبدؤون بالسلوك الآخر. والملفت هنا أن تعديل سلوك سلبي ما، في الغالب قد يؤدي بطريق غير مباشر إلى تعديل سلوكيات أخرى، ويوفر عليكم العناء.
على الأهل أن يختاروا السلوك الأكثر ضرورة، ويركزوا عليه، وعندما يصلون إلى مبتغاهم يبدؤون بالسلوك الآخر. والملفت هنا أن تعديل سلوك سلبي ما، في الغالب قد يؤدي بطريق غير مباشر إلى تعديل سلوكيات أخرى
ثالثاً- بعد أن حددتم بالضبط السلوك الذي تودون تعديله، عليكم أن تجلسوا مع ولدكم وتتحاوروا معه بهدوء، وتذكروا له -بالضبط وبالتفصيل- ما يزعجكم منه، ولا تتوقعوا أن يفهم عليكم ما تريدون دون أن تفصلوا له ذلك! فلا يكفي أن تقولوا له أن فوضويته تزعجكم، أو أن كسله يزعجكم، بل لابد أن تخبروه عن المواقف التي تعدُّ فوضوية، أو تحددوا له ماذا تقصدون بكلمة "فوضوية"، وأيضاً أن تحددوا له السلوك السليم الذي تريدون منه أن ينتهجه، وأن تتناقشوا معه في كيفية تطبيقه.
رابعاً- اكتبوا البنود التي اتفقتم عليها في "جدول متابعة"، وعلقوه في مكان بارز في غرفة الأولاد، ولا تعتمدوا على فكرة أن الطفل سيلتزم بالتعليمات من تلقاء نفسه في البدايات، بل لابد من متابعته وتذكيره، بطرق مباشرة أو غير مباشرة، كأن تذكروا السلوك أمامه، أو تقوموا به أمامه كأن تصلوا مثلاً. يرتكب بعض الأهل خطأً كبيراً عندما يستعجلون نتيجة التغيير، ويتوقعون التزام ولدهم من أول يوم ، يغيبون عن مشهد تربيته أمداً طويلاً، ومن ثَمَّ يستفيقون فجأة ويريدون له ومنه أنه يتغير بغمضة عين! ويبدؤون ببث رسائل سلبية أن الأمل بأن يصبح هذا الابن أفضل هو أمل معدوم!
خامساً- ملاحظة التغيير ومكافأته:
أسوأ ما يمكن أن يقوم به الوالدان هو عدم ملاحظة التغييرات الإيجابية في بداية طريق تعديل السلوك، أو ملاحظتها لكن دون دعمها، ومدحها، والتشجيع عليها، فلا بد من مكافأة التصرف الجيد كي يستمر، ولكي تكون هذه المكافأة فعالة يجب أن تُعطَى للطفل بعد خمس وعشرين ثانية من الفعل، وبعدها يقل تأثيرها حسب خبراء التربية، وهذه المكافأة قد تكون مادية أو معنوية كالإطراء أو الاحتضان... ومن المهم أيضاً استخدام جدول المكافآت اليومي، فكلما قام الطفل بتصرف محمود، يضع له الوالدان عدداً من النقاط، وفي نهاية الأسبوع تُقدم للطفل هدية أو مكافأة تتناسب مع عدد نقاطه التي جمعها.
أسوأ ما يمكن أن يقوم به الوالدان هو عدم ملاحظة التغييرات الإيجابية في بداية طريق تعديل السلوك، أو ملاحظتها لكن دون دعمها، ومدحها، والتشجيع عليها
سادساً- من أجل دعم استمرارية التصرف الجيد، ننصح باستخدام جدول الأداء.
يقول خبراء التربية وعلماء النفس: إنّ أي سلوك أو عادة تريد تغييرها، يجب أن تمارسها لمدة واحد وعشرين يوماً بشكل متواصل، وبناءً عليه فإن جدول الأداء يتألف من واحد وعشرين خانة، وفي كل خانة منها نضع -يومياً- نسبة أداء الطفل، ويكون التقييم كلياً من حيث سرعة الأداء، وجودة الأداء، والوقت المُستغرق في الأداء، وهكذا يكون لدى الطفل خارطة طريق ترشده إلى الخطوة التي وصل إليها، وتُعينه -بتوفيق الله- على العزيمة على مواصلة الأداء الجيد.