التعزيز الإيجابي أم التعزيز السلبي… أيهما أهم في التربية؟

الرئيسية » خواطر تربوية » التعزيز الإيجابي أم التعزيز السلبي… أيهما أهم في التربية؟
dad-son29

لو سألنا سؤالاً:

أيهما أهم في التربية، التعزيز الإيجابي أم التعزيز السلبي؟

فجوابنا سيكون في الغالب لصالح التعزيز الإيجابي بكل تأكيد، لكن ماذا عن جواب العلم؟

دعونا نرى:

قامت عالمة نفس النمو الدكتورة إيفيلين كراون وفريقها بتجربة على مجموعتين من الأطفال، الأولى بعمر (8-9) سنوات، بينما المجموعة الثانية بعمر (11-12) سنة.

وكان المطلوب من المجموعتين القيام ببعض المهمات على الكمبيوتر، بحيث إذا أدّوا المهمة بشكل صحيح ظهرت إشارة (صح)، مع كلمات تشجيع، أما إذا كان الأداء خاطئاً، ظهرت إشارة (خطأ).

وكي يعرف العلماء تأثير ذلك على الأطفال، أخضعوهم إلى تصوير رنين مغناطيسي أثناء التجربة، والذي يتم بواسطته رصد التغيرات التي تطرأ على قشرة المخ، باعتبارها المركز المسؤول عن تعلُّم أمور جديدة لا علاقة لها بما اعتدنا عليه.

ما لاحظه العلماء أن القشرة الدماغية عند الأطفال بعمر (8-9)سنوات، تفعّلت أكثر عندما تمت الإشارة إلى الفعل الصحيح، وبالكاد كانت تتفعل عند الإشارة إلى الفعل الخاطئ، بينما العكس حصل في مجموعة الأطفال بعمر (11-12) سنة، إذ تفعّلت القشرة الدماغية عند الإشارة إلى التصرف السلبي أو الخاطئ، مما يعني أن المراهقين والبالغين يتعلمون أكثر من أخطائهم.

وهذا يعني أيضاً أن التعزيز الإيجابي الذي يكون بتقديم ثناء ومدح على التصرف السليم، يؤثر أكثر في عملية التعلّم، عند الأطفال بعمر أقل من عشر سنوات.

التعزيز الإيجابي يؤثر أكثر في عملية التعلّم، عند الأطفال بعمر أقل من عشر سنوات أما التعزيز السلبي والذي يعني التنبيه على الفعل السلبي أو الخاطئ، يكون أكثر تأثيراً في عملية التعلُّم عند الأطفال بعمر بداية المراهقة

أما التعزيز السلبي والذي يعني التنبيه على الفعل السلبي أو الخاطئ، يكون أكثر تأثيراً في عملية التعلُّم عند الأطفال بعمر بداية المراهقة، والتنبيه هنا يكون على الفعل السلبي، دون أن نصف المراهق نفسه بصفات سلبية، أو نتهمه بسوء التصرف، إنما يكون تركيزنا على التصرف بحد ذاته.

حتى الآن لم يعرف العلماء سر هذا التفاوت والاختلاف، لكن يظنون أن سبب ذلك هو تغير الهرمونات في فترة المراهقة، وظهور روابط عصبية جديدة في الدماغ في هذه الفترة، بحيث يصبح أكثر قدرة على التفكير وربط الأمور ببعضها، ففي الحالة الأولى -عندما يُشار إلى الفعل الإيجابي- تكون الأمور واضحة، والطريق محدد مسبقاً، ولا يحتاج إلى معالجة، بينما في الحالة الثانية -عندما يُشار إلى الفعل السلبي- عندها يجب على الدماغ أن يعرف ما هو الخطأ، وأن يفكر لإيجاد الطريق الصحيح. إذًا العملية أكثر تعقيداً، ولذا تحتاج أن يكون الدماغ أكثر نضجاً.

وهذا بكل تأكيد لا يعني أن يكون كل تركيزنا على السلبيات في فترة المراهقة، وغضّ النظر عن الإيجابيات؛ لأن ذلك بالطبع سيُشعِر الابن بالظلم والغبن، وعدم تقدير جهوده، وإنما المقصود هو الطريقة الأفضل للتعلم في كل مرحلة، وأن يتم الإشارة إلى الفعل الخاطئ بطريقة إيجابية وودية.

كثيراً ما سمعنا من التربويين، نصيحة عامة بأن نتجاهل تصرفات الأطفال السلبية والمزعجة، لكن إن جئنا إلى الواقع فإن ذلك غير متاح دوماً، ويبدو لنا في مواقف كثيرة مجرد كلام نظري؛ إذ إن بعض التصرفات تكون مزعجة جداً، ولا يمكن تجاوزها

وكثيراً ما سمعنا من التربويين، نصيحة عامة بأن نتجاهل تصرفات الأطفال السلبية والمزعجة، لكن إن جئنا إلى الواقع فإن ذلك غير متاح دوماً، ويبدو لنا في مواقف كثيرة مجرد كلام نظري؛ إذ إن بعض التصرفات تكون مزعجة جداً، ولا يمكن تجاوزها، وفي هذه الحالة من المهم أن يتعلم المربون تقنيات ضبط الأعصاب. وبعض المربين لا يقتنع بأن الصواب يكمن في تجاهل الفعل السلبي، ويجد أن من واجبه كمربي أن يصحح أخطاء أولاده، ويبقى الحكم على صحة أي من الفكرتين -سواء التجاهل أم الاهتمام- هو التجارب العلمية، وأظن أن التجربة السابقة ستساهم في إقناعه بضرورة التركيز على الفعل الإيجابي، وتجاهل السلبي في فترة الطفولة.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
صيدلانية، ومستشارة أسرية، صدر لها عام 2016 كتابين للأطفال، وكتاب للكبار بعنوان "تنفس". كتبت الكثير من المقالات التربوية والفكرية والاجتماعية على بعض المواقع والمجلات، و قدمت العديد من الدورات التطويرية والتربوية.

شاهد أيضاً

مسؤولية التعلم ولو في غياب “شخص” معلم

ربما من أوائل ما يتبادر إلى الذهن عند الحديث عن العلاقة بين المعلم والمتعلم، قصيدة …