ننظر أحيانًا لكثير من النعم التي رزقنا الله إياها على كونها أمورًا مسلَّمًا بها، وربما يكون على رأسها إسلامنا. ثم لا يلبث يتذكر بعضنا هذه النعمة ويشكرها حين يسمع قصة أحد المسلمين الجدد، ويحمد الله عليها، فالواقع أننا: {ما كنا لنهتدي لهذا لولا أن هدانا الله} [الأعراف: 43].
بيد أنه من المثير للرثاء من جهة أخرى، أن نجد مسلمين يتغافلون عن تطبيق أحكام بل وأحيانًا شن الهجوم على ذات الأمور، التي أدت إلى إسلام الملايين من غير المسلمين حول العالم! هناك العديد من الأسباب، ولكن سنكتفي بذكر أربعة منها، مع توضيح سبب إسلام غير المسلم بسبب هذا الأمر، وسلوك كثير من المسلمين تجاهه في الوقت الحالي:
1- البحث عن النفس:
من أكثر الأسباب شيوعًا هي رغبة معظمهم في معرفة الهدف وراء الحياة، فأسلوب حياتهم المادي في الغرب، والغرق في ملذات الدنيا يبعث في نفوسهم ــ مع الوقت ـ شعورًا بالتعاسة والحيرة، والرغبة في عيش حياة لها معنى وهدف ورسالة. ومع بحث دؤوب ومستمر، يجد معظمهم هذا في الإسلام. وفي المقابل، نجد كثيرًا من المسلمين، بلا هُوية ولا هدف، وحين يلجأ بعضهم للبحث، نراهم يلجؤون لفلسفات ومراجع الغرب في النفس والحياة، والتي دحضها الإسلام بدليل مقنع، وجاء بخير منها.
نجد كثيرًا من المسلمين، بلا هُوية ولا هدف، وحين يلجأ بعضهم للبحث، نراهم يلجؤون لفلسفات ومراجع الغرب في النفس والحياة، والتي دحضها الإسلام بدليل مقنع
2- الطمأنينة عند سماع القرآن:
ويحدث هذا الأمر مع غير المسلمين بشكل ملحوظ سواء صدفة أو عمدًا. فبعضهم يقرأ في القرآن خصيصًا ليهاجم به المسلمين، ولكن سرعان ما ينقلب السحر على الساحر، وتكون النتيجة أن يعتنق هذا الشخص الإسلام. والمؤسف في المقابل أن نجد العديد من المسلمين، الذين يحرصون على سماع الأغاني والألحان بصورة يومية ولوقت طويل، من باب إراحة النفس والبال وتجديد النشاط والفكر!
بعض الناس يقرأ في القرآن خصيصًا ليهاجم به المسلمين، ولكن سرعان ما ينقلب السحر على الساحر، وتكون النتيجة أن يعتنق هذا الشخص الإسلام
3- الصلاة:
تجد فتاة أسلمت حين رأت مسلمة تصلي، مبررة بأنها رغبت هي الأخرى في الصلاة، لتتمكن من الحديث مع الله جل وعلا بصورة مباشرة! كما تُلفي أحد المسلمين الجدد وقد علق على صلاة الجماعة، لكونها "أمرًا خارقًا"، فما إن يكبر الإمام للصلاة، حتى يصبح جميع المصلين مصطفين جنبًا إلى جنب بصورة تلقائية وشديدة التنظيم، وكل هذا في ثوانٍ معدودة! وهنا يتيقن ذك الرجل غير المسلم أنّ هذا الدين الذي يجمع الناس من كافة الطبقات الاجتماعية، ومن مختلف الأجناس والأعراق والألوان، لا ريب دين مميز ورائع! فكان أن أعلن إسلامه. والسؤال المؤلم الذي لابد سيطرح نفسه هو: ترى كم عدد المسلمين الآن الذي ما عاد يحرص أن يكون جزءًا من ذلك الصف المُعْجِز؟!
4- حجاب المرأة وإنصاف الإسلام لها:
أثبتت الكثير من الدراسات والإحصائيات أن العدد الأكبر من معتنقي الإسلام خاصة في الولايات المتحدة وبريطانيا هم من النساء. وربما لا نستغرب هذا الأمر كنساء مسلمات ندرك ما يمنحنا إياه ديننا من مميزات وتشريفات وأجور. المشكلة تكمن حقيقة في الكم الهائل من النساء والرجال المسلمين، الذين يُعدون في أحيان كثيرة من الطبقة المثقفة، فيتشدقون بحرية المرأة في الغرب، والكبت الذي تعاني منه المرأة في ظل الدين الإسلامي! حتى إن أحدنا ليجد نفسه عاجزًا عن الرد، لا جهلًا بالجواب، ولكن استخفافًا بعقلية المتكلَّم الرجعية غير العالمة يما تهذي!
أثبتت الكثير من الدراسات والإحصائيات أن العدد الأكبر من معتنقي الإسلام خاصة في الولايات المتحدة وبريطانيا هم من النساء
من جهة أخرى، فإن الحجاب كذلك يعتبر من الأسباب الرئيسية وراء إسلام الكثير من النساء في الغرب، وغني عن الذكر أن هذا الأمر يرجع للفتن والاستغلال الذي تتعرض له المرأة، نتيجة العري والتبرج. ومرة ثانية، نُصدم بحال كثير من المسلمات في عالمنا العربي اللاتي يهاجمن الحجاب ويصمونه بالرجعية. هذا بالإضافة إلى ارتفاع نسبة النساء والفتيات اللاتي يخلعن الحجاب بعد سنين من ارتدائه تفوق أحيانًا العشر سنوات دون أي أسباب وجيهة. ونلقى في المقابل المسلمات الجدد يعانين الأمرَّين في مجتمعاتهن وأوساط عملهن بسبب ارتدائهن للحجاب، ومع ذلك يأبين خلعه!
في الختام، أرى أنه من الواجب علينا كمسلمين، حين نسمع إحدى قصص المسلمين الجدد، أن نضيف إلى شعورنا بالغبطة، ورغبتنا في الشكر والدعاء والحمد على نعمة الإسلام، مرحلة التطبيق العملي، سواء من خلال الأمر بالمعروف قولًا، أو تطبيق الفرائض فعلًا، كيلا نغدو "غثاء كغثاء السيْل" (رواه أبو داوود وأحمد) كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، وبالتالي ينتهي معظمنا مسلمين بالاسم فحسب!