فجر الرئيس الأمريكي قنبلته في وجه العالم، عندما أعلن مدينة القدس المحتلة عاصمة لدولة الاحتلال، ووقع قرار نقل السفارة الأمريكية إليها، الأمر الذي دفع بالغضب العربي والإسلامي إلى الشوارع.
أعلن ترامب القدس عاصمة للاحتلال، ونسي أن الاحتلال بكل جبروته وقوته وما يمتلك من دعم لم يتمكن من كسر مدينة قديمة شاهدة على التاريخ في معركة الهوية، مئة عام والقدس عصية، فهل سيثنيها قرار ترامب المرتجف!!
الباحث في الشؤون المقدسية "زياد بحيص" قال: "إن إعلان ترامب نقل السفارة إلى القدس يجب أن لا يعنينا كشعوب، فنحن ليست لدينا مطالب لدى الولايات المتحدة، لن نطالبها بعدم نقل السفارة، فنحن لسنا جزءاً من الديمقراطية الأمريكية، حتى وإن كان النظام الرسمي العربي قد اختار أن يعمل تحت السقف الأمريكي ظناً أنه يستطيع تقرير كل شيء".
وأضاف "بحيص" في حديثه لـ"بصائر": "إن السلاح الأساسي والرد الذي يجب أن يتحقق هو إفشال هذا القرار، بغض النظر، عاد عنه ترامب أو لم يعد عنه، وإفشال القرار يكون على أرض القدس، وهناك يتقرر من هو السيد وما هي الهوية التي تسيطر على المدينة، وما هي الهوية التي تعيش في هذه المدينة، وما هي الهوية التي تتغلغل في عمق هذه المدينة، القدس مدينة عربية كانت وستبقى، مقدساتها إسلامية مسيحية بمسجدها الأقصى وكنيستها القيامة، ولن يستطيع البيت الأبيض أن يغير هذه الهوية التي نصنعها بالرباط على تلال القدس وجبالها، وفي أزقتها، وفي أحيائها، وفي بلدتها القديمة كما صنعت عند باب الأسباط، حيث حاول الاحتلال أن يفرض هوية صهيونية وإدارة صهيونية على المسجد الأقصى المبارك، لكنه اصطدم بإمكاناته، وأدرك أنه لا يستطيع تغيير هويته، والمسجد الأقصى فوق قوته رغم أنه قوة نووية! واليوم نحن نستطيع أن نكرر المعادلة فتغيير الهوية في مدينة القدس -بالرغم من كل ما نمر به- هو فوق إمكانيات الولايات المتحدة، ولا تستطيع هي أن تقرر لمن القدس".
وأضاف "بحيص": "علينا أن لا ننسى هبة باب الأسباط التي صنعت معادلة نصر واضحة، فشكلت مقاومة فردية تعرف طريقها، وحشدت لتفاعل جماهيري، وهبة جماهيرية تزيد ولا تنقص، وتتحلى بالإصرار والصمود، كما ألهمت الخارج الذي تفاعل معها".
وقال "بحيص": "نحن لا نريد هبة للتنفيس، ولا هبة مؤقتة؛ لنشعر أننا قمنا بشيء. ما نبحث عنه هو رسالة تحسم هذا الصراع أو على الأقل تمنع حسمه".
وأضاف "بحيص": "القدس احتلت عام (1917)، ومنذ ذلك الوقت بدأت المواجهة، مئة عام من العدوان لم تتمكن من قهر هذه المدينة، ربما أن القوة الغاشمة التي احتلت استطاعت أن تعتدي، لكنها جوبهت بمئة عام من الصمود، وقفت أمامها هبة موسم النبي موسى عام (1920)، وثورة البراق عام (1929)، وهبة النفق عام (1996)، وانتفاضة الأقصى عام (2000)، وثورة السكاكين عام (2015)، وهبة باب الأسباط عام (2017)، هذه المدينة كانت عربية وستبقى عربية رغم ترامب!!".
أجندة دينية..
الأستاذ "سعود أبو محفوظ" -المختص بالشأن المقدسي وعضو مجلس النواب الأردني- لم يستغرب قرار ترامب، قائلاً: "صحيح أن ترامب يتخذ قرارات غير مسبوقة ومنحازة، لكن هذا يأتي في سياق أن (39 %) من أعضاء الكونغرس لهم أجندة دينية متطرفة تعمل على استخلاص القدس من أيدي العرب والمسلمين، وترامب من أول يوم ترشح به نادى صراحة بانتزاع القدس، وقال: أنا منحاز ليهودية الدولة".
وأضاف "أبو محفوظ": "إن ما يحدث هو أجندة دينية صرفة، والحقيقة أن الأمر إن بقي على هذا التنازل سنجد أن "إسرائيل" إحدى الدول العربية في يوم من الأيام! ما يجري غير مسبوق فقرار ترامب تعدى على السيادة الأردنية! وهو إعدام للشرعية الدولية! لكن علينا أن نتذكر أن الأمة تشكل ثلث الكون، والأمة بقواها الحية لن تغلب!".
الرد.. إلغاء أوسلو
الشاعر وأستاذ العلوم السياسية "تميم البرغوثي" قال في تصريحات صحفية: "إن القدس عربية شرقها وغربها، وفلسطين عربية كلها، المحتل في (عام 48) والمحتل في (عام 67)، وأضاف: "أنا كفلسطيني عربي أشعر بالخجل من موقف القيادة الوطنية الفلسطينية الرسمي، ولا رد على ما جرى إلا بإلغاء أوسلو، وإنهاء ما يسمى بعملية السلام كلها، ويجب أن تعود منظمة التحرير؛ لتكون كاسمها منظمة لتحرير فلسطين كلها".
وأشار "البرغوثي" إلى: "أن العملية المسماة بعملية السلام مستمرة بين مفاوضات مدريد عام (1991م)، أي أن عمرها ستة وعشرون عاماً، وكلها كانت قائمة على افتراض أن على الفلسطينيين نبذ الكفاح المسلح وإعادة تعريف فلسطين، فتصبح الضفة الغربية وقطاع غزة، ويتنازل الفلسطينيون عن بقية فلسطين أي (80%) وهي المحتلة عام (1948)، مقابل وساطة أمريكية، أي بضغط أمريكي على "إسرائيل" تعطينا "إسرائيل" بمقتضاه شيئاً مما احتلته عام (1967)، وبما أن الأمريكيين أعلنوا أن موقفهم هو ذات الموقف الإسرائيلي فعلام يراهن محمود عباس وهو من قال: إن المقاومة غير مجدية والكفاح المسلح غير مجد!!".
ودعا "البرغوثي" رئيس السلطة الفلسطينية "محمود عباس" لتقديم استقالته فوراً، وإعلان إلغاء اتفاقية أوسلو، وكل ما بني عليها، وإعلان العودة لميثاق منظمة التحرير الفلسطينية قبل تعديله، والذي يعتبر فلسطين كلها للفلسطينيين، وما لم يفعل ذلك فقد باع هو والمسؤولون فلسطين برواتبهم والبسط الحمراء التي يمشون عليها! وهذا يعني أنهم متواطئون ضمناً مع ما قاله ترامب!".
وطالب "البرغوثي" القيادة أن لا تتنازل عن الأرض والقدس وحقوق اللاجئين في العودة لفلسطين، وإلا فإن على الشعب الفلسطيني أن يعيد النظر في قيادته، وأن يبحث عن قيادة لا تتنازل عن الأرض ولا القدس ولا اللاجئين -خاتماً قوله-: "إن قرار ترامب لا يعنينا فهذا رأيه، يستطيع أن يدعي أن الشمس "قرص فلافل" وهو حر، هذه بلادنا وما يهمنا هو الموقف الفلسطيني".