يستمر الاحتلال وأعوانه في المنطقة في مخطط الهجمة المباشرة وغير المباشرة على العقل والمبدأ والفكرة التي من خلالها يستطيع الإنسان تحديد هويته الثورية ويستجمع فيها قواه المترابطة ويعزز تواصلها.
لذلك يستخدم الاحتلال والجهة المستهدفة لهذا الشعب وسائل خطيرة تئد الفكرة ما يعني أنها تميت الثورة وتبقى أمنية قلبية ومعجزة عملية أو أنها تعمل على بطء حركتها وتأثيرها وليس أقل مما ذكر تشويهها وتحويلها إلى وسيلة في يد الظلم لا ضده.
ومن أبرز تلك الوسائل الالتباس الفكري والثقافي وخلط الأوراق وتشويش الأولويات وهنا تسفيه للمبدأ والحقوق والدفاع عنها واعتباره انتحاراً أو ضرباً من الخيال والانتحار والدخول في تفصيلات جدلية على وسائل الدفاع والمقاومة ما يأخذ الجمهور إلى نقاش الوسائل وتجاهل الغاية؛ فتصبح بفعل ماكنة التوجيه والتعبئة الخاصة بأمن الظالم مدخل اختلاف لا مكمن توحد وإنجاز، فنلاحظ عبر شبكات التواصل الاجتماعي والقنوات والإذاعات أن تلك الجهات تستغل آراء الناس وتأخذ ما يثير الضغينة والشحناء وتسلط الضوء عليها لتصبح فيما بعد متفرجاً ومؤججاً للجدل ما يعني أن الوعي الفكري بات في جانب والغاية التي من أجلها حدثت القصة باتت هامشية؛ فمثلا اعتقال فتاة بطريقة إجرامية يتم تجاهله ليس عمداً بل بسبب إثارة هوامش لجعلها مكان جدل "هل هي ترتدي الحجاب أم لا؟ هي قاصدة الظهور أم أنها تدافع بطبيعتها عن الوطن؟" وغيرها من الجوانب ما يعمل على تشويش الفكرة وإحباط المواجهة والصمود على غرار ذاك الصمود الفردي أو المحاولة الجماعية أو المسيرات السلمية أو العسكرة أو خطوات الأسرى؛ حيث باتت كل وسائل العمل محل جدل ومهاجمة بين ليلة وضحاها وباتت الغاية حلماً.
من الوسائل المستخدمة الدخول في تفصيلات جدلية على وسائل الدفاع والمقاومة ما يأخذ الجمهور إلى نقاش الوسائل وتجاهل الغاية؛ فتصبح مدخل اختلاف لا مكمن توحد وإنجاز
وسائل أخرى هي خلق عدو ومسرح مجازر في مكان آخر بعيدا عن الحدث الرئيسي حتى تصبح المقارنة الإنسانية والأخلاقية والفكرية منها تنظيمات متطرفة وأفكار متناقضة ومعارك دموية تغطي على جريمة الاحتلال في فلسطين ليصبح معززاً لثقافة السلام وغيرها من الأفكار التي يمررها على المنطقة من خلال إسعافه جرحى جراء الفوضى في بلدان عربية وطلبه محاسبة مجرمي الحرب ودفعه إلى الهدوء بكل هذه الخطابات والديكورات السياسية لينسى العالم الجريمة الرئيسية ويجعل مجرد فضحها وصراخ الضحية تحريضاً وهمجية ومعاداة للسامية، متناسيا مجازر صبرا وشاتيلا، دير ياسين، السموع، قبية، النكبة، النكسة، الحرم الإبراهيمي في الخليل، مجزرة الأقصى المبارك، والحروب على غزة والفاخورة وحي الدرج ومخيم جنين، وتسليح ميانمار لقتل المسلمين وإسناد الذبح وتغطيته في سيناء ورابعة والنهضة وليبيا وغيرها الكثير الكثير.
وهذا يعمل على إحباط تسارع الفكر والوعي وجعله في حالة تخبط، غير أنها ومع الزمن ستتكشف هذه الوسائل ولكن على حساب الوقت والدماء السائلة بأوامر من تل أبيب وغيرها.
الاحتلال يقوم بسرقة الوعي وتوظيفه في خدمته من خلال استهداف المناهج وطلبة الجامعات والمؤثرين من الإعلاميين والمحاضرين الجامعيين والبارزين في أماكن عملهم، وجعل الأفكار المرفوضة تأتي من خلال تلك الأبواق لتجميل الجريمة
وسائل أخرى وهي سرقة الوعي وتوظيفه في خدمة الاحتلال من خلال استهداف المناهج وطلبة الجامعات والمؤثرين من الإعلاميين والمحاضرين الجامعيين والبارزين في أماكن عملهم، وجعل الأفكار المرفوضة تأتي من خلال تلك الأبواق لتجميل الجريمة؛ فباتت المسيرة والمظاهرة برعاية أوروبية والتكاتف الاجتماعي من خلال وكالة التنمية الأمريكية والإعلام موجه والمقالات مرتبة لخدمة مسار غير مألوف لتعزز التطبيع؛ فأمسى لدينا نشطاء سلام من الاحتلال يذرفون الدموع على الأطفال والنساء وهو المضحك المبكي في المشهد، ليكون حصاد ذلك حرب شرسة على الوعي والفكر لتشويشه وتعطيل إبداعه ومضيه قدما نحو جعله واقعا وعملا يحرر الإنسان أولا قبل الأرض.
واجب أصبح على كل واحد منا أن يفضح تلك الوسائل أو يسرع في تعزيز الجبهة الداخلية التي تتعرض لهذه الهجمة بدءا بالفكر مرورا بالاقتصاد والظروف الاجتماعية والسياسية والأخلاقية والتي ستكون محاور حديثنا المقبل نحو وعي محصن.